التقى وفد من الحكومة الأفغانية، برئاسة نائب وزير الخارجية حكمت كرزاي، مع أعضاء تمرّد من "طالبان" في مورى، بالقرب من العاصمة الباكستانية إسلام آباد. هذا ما أكدته في بيان وزارة الشؤون الباكستانية الخارجية. ولم تظهر سوى تفاصيل قليلة حول الاجتماع الذي امتد حتى فجر يوم الأربعاء وانتهى بتقاسم وجبة "السحري" (السحور)، وهي وجبة ما قبل الفجر التقليدية التي يتناولها المسلمون المتدينون خلال شهر صيام رمضان. وفي تقريرها تقول صحيفة "لوبوان" الفرنسية إن "إسلام أباد لم تكشف عن هوية المشاركين من طالبان". لكنها قالت إن مراقبين صينيين وأمريكيين حضروا هذا الاجتماع الذي وصفه رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف ب "الاختراق" في الصراع الذي يهز أفغانستان منذ سقوط نظام طالبان في عام 2001. وقالت الدبلوماسية الباكستانية: "تبادل المشاركون وجهات النظر حول كيفية استعادة السلام وبدء المصالحة في أفغانستان"، مضيفة أن الجولة الثانية ستجرى بعد رمضان الذي ينتهي في نهاية الأسبوع المقبل. وتشير التقارير إلى أن ممثلين عن طالبان وممثلين عن الحكومة الأفغانية كانوا قد التقوا عدة مرات في الأشهر الأخيرة، في قطر والصين والنرويج. ولكن هذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها كابول علنا بأن أحد وزرائها يتفاوض مباشرة مع ممثلين من أعدائه طالبان. وحسب الصحفي الباكستاني رحيم الله يوسف ضاي، وهو متخصص في التمرد الأفغاني، فإنه إذا كانت الاتصالات والمناقشات قد ظلت "في مرحلة أولية" فإن لقاء مورى يمثل "تطورا مهما" يهيئ لإجراء محادثات سلام محتملة. لماذا طالبان حذرون جدا يضيف رحيم الله ضاي: "ولكن هناك دائما عنصرين أو ثلاثة يجب توضيحها"، ولا سيما "ما هو مخطط السلام؟" و"هل ستوافق مختلف فصائل طالبان على هذه المناقشات؟". لأن الانقسامات الحالية داخل حركة طالبان، الموزعة بين المقاتلين في أفغانستان وكوادر أقدم، لاجئين في باكستانوقطر، تساهم من سنوات عديدة في كبح مبادرات السلام. ويقول المحللون إن القيادة المركزية لحركة طالبان، والتي يطلق عليها اسم "مجلس شورى كويتا"، نسبة إلى المدينة في جنوب غرب باكستان التي لجأت إليها، لم تُدِن، بسبب تحفظاتها حول هذا الموضوع مناقشات مورى، ولم تعلق عليها. وحسب رحيم الله يوسف ضاي، كان وفد طالبان يتألف من كوادر يعيشون عادة في كويتا والمناطق المحيطة بها. هذا ولم يتأكد وجود ممثلين عن فرع حركة طالبان المقيمين في المنفى في الدوحة (قطر)، وهي واحدة من الأكثر نشاطا في مبادرات السلام. ويضيف الصحافي أن "هناك عوامل أخرى تفسر حذر طالبان حول هذا الموضوع، ومنها الصمت الذي يلف منذ سنوات حول زعيمهم التاريخي الملا عمر، الذي يشاع موته بانتظام، والعلاقات المعقدة مع اسلام اباد". لأن باكستان التي ساعدت في خلق طالبان في التسعينيات متهمة منذ فترة طويلة بتوظيفهم للدفاع عن مصالحها في أفغانستان، وخاصة لمحاربة نفوذ منافستها الهند، حليفة حكومة كابول.