تشهد الأسواق الجزائرية منذ أسبوع، موجة غليان جماهيرية ساخنة، حيال الارتفاع الرهيب في أسعار الخضر، حيث عاد سيناريو اقتناص المناسبات للرفع من سعر المواد الأكثر استهلاكا ، ليضرب بقوة القدرة الشرائية للمواطن البسيط ويحرق جيبه خلال الأيام العادية، وذلك عبر انتهاج سياسة الزيادات الجنونية التي طالت سعر البطاطا، باعتبارها مادة اساسية في المطبخ الجزائري. ولوحظ من خلال الجولة التي قادتنا إلى عدة أسواق شعبية بالجزائر العاصمة، أن الانطباع العام يتمحور حول لهيب الأسعار الذي أضحى سيد الموقف، إذ سجل توافدا اقل للمواطنين مقارنة بالأيام الماضية، وأرجع بعض المتحدثين الذين صادفتهم ''البلاد''، السبب الكامن وراء ذلك، إلى الارتفاع الفاحش لأسعار الخضر، معتبرين أن تفسير الوضع لا يمت للمنطق بصلة. مواطنون متذمرون وآخرون يهددون بالموت جوعا اعتبر (محمد.ن)، اب لخمسة اطفال، أن أجره لا يغطي المصاريف العامة للعائلة ومتطلبات الحياة، مشيرا إلى أن ''الزيادات التي طالت البطاطا، باعتبارها عنصرا هاما في غذاء العائلات الجزائرية، والتي وصلت إلى80دج، قد أخلت بالميزانية الشهرية''، واضافت (سعيدة.ك)، أم لطفلين، أن تواجدها ب''سوق كلوزال'' بالعاصمة، عبارة عن جولة تفقدية لحالة الأسعار المتضاربة، ولم تفصح عن نيتها في الشراء، معلنة عن استيائها حيال الوضع، والذي كان ''نتيجة انعدام الرقابة والمضاربة بالأسواق''، حسب المتحدثة. وأثناء تفقدنا لحالات الأسواق الجزائرية، لفت انتباهنا صراخ عالي لمسن في السبعين من العمر، بسوق بلوزداد، قائلا ''منحة التقاعد لم تغط المصاريف وسعر البطاطا عقّد الوضع، سأضع حياتي وحياة عائلتي رهن الموت جوعا''. ودعا بحديثه، السلطات الوصية لضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لحل الأزمة قبل تردي الوضع. تجار الخضروات يتملصون من المسؤولية! كشف غالبية التجار الذين قابلتهم ''البلاد''، خلال عملية رصد حالة الأسواق الجزائرية، عن عدم تحكمهم في سعر البطاطا الحالي، وخروج الوضع من سيطرتهم، مسندين المسؤولية إلى الظروف المناخية غير الملائمة، والتي أتلفت الزرع، مما أدى إلى نقص الكمية وبالتالي الزيادة في السعر. وبادر أحد التجار للقول ''نحن تكبدنا تكاليف مرهقة لإيصال السلع، والمشتري قابلنا بالسب والشتم''، مسترسلا ''ليس بيد البائع فعل شيء لأنه يعاني ويلات الزيادات مثله مثل الزبون''. انخفاض مرتقب في أسعار البطاطا منتصف الشهر الجاري أرجع جمال جعدون، رئيس الاتحادية الوطنية للخضر والفواكه، الارتفاع الجنوني لسعر البطاطا المقدر بحوالي 80دج، على مستوى الأسواق الجوارية، إلى تأثرها العميق بمراحل ظرفية مرتبطة بالمناخ وتأخر الأسمدة الكيميائية. واعتبر جعدون أن تساقط الأمطار في الفترة الماضية قد انعكس سلبا على نوعية الحرث وضاعف تعقيدات زرع البذور، مضيفا أن الأدوية الخاصة بالعناية بالتربة قد سجلت تأخرا وتزايدا في السعر، إذ ارتفعت من 82 دج إلى 100دج، وهي المؤشرات التي اعتبرها المتحدث، تكاليف ثقيلة تحكمت في السعر الحالي للبطاطا. واستجابة لقانون السوق، المتعلق بالعرض والطلب، أكد رئيس الاتحادية الوطنية للخضر والفواكه في هذا الشان، أن زيادة الطلب على منتوج البطاطا باعتباره مكونا اساسيا لوجبات الجزائريين اليومية، أدى بالضرورة إلى ارتفاع الأسعار وذلك في ظل نقص المنتوج. واشار جعدون في اتصال ب''البلاد''، إلى ضرورة مكافحة الاحتكار والتصدي للسمسرة، التي يديرها بارونات، استغلت الوضع لخدمة مآربها الشخصية على حساب القدرة الشرائية للفرد الجزائري، وذلك بخلق فضاء مضطرب. وتنبأ جعدون، بتراجع اسعار البطاطا فور تخطي الأزمة الراهنة الناتجة عن المناخ، كسبب رئيسي، وذلك ابتداء من منتصف الشهر الجاري. في حين برر المتحدث ارتفاع اسعار بعض المنتوجات غير الموسمية، على غرار الطماطم، الفلفل، الباذنجان...، إلى تكلفتها المرهونة بسعر البلاستيك، الأدوية وبعض التكاليف التي يتكبدها الفلاح طيلة فترة الاعتناء بالزرع.