الخبير الاقتصادي مسدور: المواطن يرى الضرائب شكلا من أشكال الاستعمار لم يعد الأمر اختياريا للمواطن حول مسألة وضع أمواله في البنوك أو بخصوص تعامله بالصك وذلك حسب ما قررته الحكومة، فبهذا القرار يبدو أن هذه الأخيرة ستكون على اطلاع بكل شاردة وواردة حول كل ما يكسبه المواطن الجزائري، وغير ذلك سيكون ركودا كبيرا في التعاملات الاقتصادية. الإجراءات المتخّذة من قبل الحكومة والقاضية بضرورة التعامل بالصك في معاملات بيع السيارات والتي تفوق ال100 مليون سنتيم وكذا العقار الذي تتجاوز قيمته ال500 مليون سنتيم. هذا الأمر حسب الخبراء لا يمكن تجاوزه من قبل المواطنين إلا في حالة واحدة وهو ما أشار إليه الخبير الاقتصادي فارس مسدور، حيث قال إن المواطنين الذين يتعاملون بقيمة مالية تستوجب التعامل بالصك، سيتحايلون في التصريح بالمبلغ الكامل، فمثلا إن كانت قيمة السيارة تبلغ المائة مليون فإن الطرفين سيتفقان على مبلغ صوري، وأثناء عملية التوثيق يسجّل المبلغ أقل من ذلك لتجنب التعامل بالصك.واستبعد الخبير مسدور أن يكون هناك التزام بما جاء في قانون المالية التكميلي حول منع التعامل ب«الشاكرة"، وإلزامية المرور على البنوك، مشيرا إلى أن البنوك في الجزائر تقليدية ومتخلفة ولم تُطور بعد أدوات التسيير فيها، والمواطن الجزائري يتخوّف كثيرا من النظام الجبائي الجزائري الذي قال عنه إنّه ظالم، والدليل حسبه أن المواطن يدفع ما عليه من جبايات غير أن الخدمات لا تزال دون المستوى، في الوقت الذي مازال يرى أن الضرائب هذه هي وجه من وجوه الاستعمار. وأشار الخبير الى ضرورة التعامل بطريقة ذكية سواء في استرجاع أموال السوق الموازية أو في طريقة دفع المواطن للتعامل بالصك، قائلا إن الأمر الذي أعلنت عنه الحكومة والمتمثل في فرض ضريبة 7 إلى 8 في المائة على أموال "الشكارة" أمر لن يدفع المواطنين أصحاب الأموال إلى إيداع أموالهم في البنوك، رغم أن الحكومة عفت عنهم ولن تحاسبهم عن مصادر تلك الأموال، داعيا الى التحلي بالذكاء في تطبيق هكذا أمور، كالتقليل من قيمة الضرائب أو الجبايات وتفعيل وتطوير أطر الدفع الإلكتروني. إلزامية التعامل عبر البنوك يُحدث فتنة شرعية الشيخ قاهر: "أخذ الجزائريين لفوائد على أموالهم المودعة في البنك حرام" حجيمي: "الإسلام دين الدولة ولهذا لابد من آلية شرعية في البنوك لتشجيع الجزائريين على التعامل معها" أكد رئيس لجنة الافتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى، محمد شريف قاهر، أن أخذ الجزائريين لفوائد على أموالهم التي يضعونها في البنوك حرام، وذلك في تعليقه على إجبارية التعامل عبر البنوك في التعاملات التجارية والتي حددها قانون المالية التكميلي 2015، والذي يلزم التعاملات التجارية التي تصل الى 100 مليون و500 مليون بالنسبة للعقار، على المرور عبر البنوك في خطوة للقضاء على التعاملات ب«الشكارة"، موضحا أن الجزائريين وإن ألزموا بتطبيق قرار الحكومة، فإن عليهم عدم أخذ الفوائد التي تقدمها البنوك على الأموال المودعة لديها مهما كانت نسبتها، فمن وضع مبلغ 100 مليون سنتيم مثلا في البنك لابد أن يسحب المبلغ ذاته، لا زيادة فيه، مشددا على أن الفوائد الربوية "حرام" شرعا، وأضاف أن المواطنين يمكن لهم اختياريا، أن يسحبوا الفوائد شرط أن يتبرعوا بها للأعمال الخيرية والمشاريع التي تصب في الصالح العام، أو تخصيصها لإعانة أحد الفقراء أو العائلات المحتاجة، شرط أن لا يتم إعلامهم بأنها فوائد ربوية كما لا تدخل في أموال الزكاة ولا تعتبر صدقة، لأن الصدقة يجب أن تكون من المال الذي يملكه الشخص. وحول مطلب عدد من الخبراء، بضرورة خلق آلية بنكية تتماشى مع مبادئ الإسلام، وأن يتم إلغاء الفوائد تماما، قال الشيخ قاهر في اتصال ب«البلاد"، إن هذا أمر إيجابي، إن امكن تطبيقه، فسيجنب الجزائريين الشبهات ويحفظهم من الوقوع في الحرام. في السياق، استنكر الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدّينية والأوقاف، الشيخ جلول حجيمي، عدم تدارك الحكومة للخلل الذي يلازم البنوك، والمتمثل في الفوائد الربوية، موضحا أن الأصل أن تعمل على خلق آلية للتعامل وفق الشريعة الإسلامية لتشجيعهم على وضع أموالهم في البنوك دون أن تكون هناك شبهة الربا، عوض أن تلزمهم بالتعامل في إطار الوضعية الحالية، مشيرا إلى أن إزالة الضرر لا تبقي على المواطنين حجة للتهرب من البنوك واكتناز أموالهم في البيوت. وأضاف حجيمي في اتصال ب«البلاد"، أن الإسلام دين الدولة، ولهذا لابد من وجود تعاملات بنكية حسب الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن التجارب أثبتت نجاح البنوك الإسلامية في العالم. بينما انهارت باقي البنوك أمام الأزمات المالية وغيرها. كما أن نشاط البنوك في الجزائر محدود بسبب الفوائد الربوية التي تخيف الجزائريين، قائلا: "الافضل أن لا نرغم الناس على شيء وإنما خلق الشروط المناسبة والمشجعة"، خصوصا وأن الديمقراطية هي منح المواطن مساحة للاختيار وليس فرض الشيء عليه. لهذا فإن خلق آلية شرعية في البنوك ستعطي المواطن الحق في الاختيار، فمن أراد التعامل وفق الشريعة فله ذلك ومن أراد اخذ الفوائد الربوية التي هي في الأصل "حرام" فله ذلك، واضاف بوجود مطالب في عدة دول اوروبية لتبني البنوك للتعاملات الإسلامية، ولهذا فمن غير المعقول ان تطبق الشريعة في دول الكفار وأن لا تطبق في دول المسلمين، مشددا على ضرورة أن تراجع الحكومة المنظومة البنكية، حتى يكون القرار صائبا ويعود بالخير على المجتمع الجزائري، بعيدا عن أي شبهة.