التدريس بالعامية وارتفاع الأسعار يُنذران بدخول اجتماعي ساخن قل أيام قليلة من انقضاء أسخن فصل صيف يعيشه الجزئريون منذ عقود، يرى متابعون أنّ الأحداث التي طبعت صيف سنة 2015 في الجزائر، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو حتى الأمنية، وجب الوقوف عندها وتشخيصها من قبل المسؤوليين والأخصائيين، لإيجاد حلول لبعض هذه الأزمات التي إن طالت على الأمد البعيد ستعصف بالبلد والأمر غير مبالغ فيه، فأكبر خطر يحدّق بالبلد حاليا هو تراجع أسعار المحروقات وانخفاض قيمة الدينار، وهو أمر يؤدّي بدوره إلى مشاكل اجتماعية، هذه الأخيرة إن تبلورت ووجدت المحيط الخصب لها كتردّي أوضاع المعيشة، ستؤدّي لا محالة إلى انفلات أمني، أمر عانى الشعب ويلاته، خصوصا في ظل ظهور فلول الجماعات الإرهابية من جديد والتي تعمل على ضرب استقرار وأمن الجزائر. غرداية الجرح الدامي وقصة الأجندات الخارجية كان لأزمة غرداية وقع كبير على نفوس الجزائريين، كيف لا وهي التي أودت بحياة أكثر من 20 شخصا، قتلوا على يد أشخاص متطرّفين تحت حجّة الطائفية بين المالكية والإباضية، في الوقت الذي كان يؤكّد فيه أغلب مشايخ وعقلاء الطائفتين أنّ الأمر مدبّر من قبل أطراف خارجية تعمل على زرع الفتنة والبلبلة بالمنطقة، لتجسّده في صراع طائفي محبوك لنسف المنطقة، وكان لهذا الأمر أثر كبير على سياسة الحكومة، حيث قرر بوتفليقة تكليف قائد الناحية العسكرية الرابعة بالإشراف على تسيير عمل قوات الأمن والسلطات المحلية بهدف وضع حد للمواجهات واستعادة الأمن في المنطقة، وكلف الرئيس بوتفليقة، الوزير الأول سلال بالسهر رفقة وزير العدل على أن تقوم النيابة بشكل عاجل وحاسم بمتابعة كل تعد على القانون في ولاية غرداية، خاصة ما تعلق منها بالتعدي على حياة الأشخاص وتخريب الممتلكات. الغاز الصخري بين المصالح وتغليب سيادة الشعب لا ننسى أنّ أزمة الغاز الصخري أثارت الكثير من الجدل واللغط، خصوصا من قبل المعارضين للنظام بمختلف أطيافهم، سواء أحزاب سياسية أو أعضاء المجتمع المدني، خرجوا في مسيرات عبر الوطن مناهضة لهذا الأمر، وتداخلت خلالها الأصوات بين مؤيّد ومعارض، فأحزاب السلطة مانفكّت تشرح سلمية المشروع وفوالئده على الشعب بمختلف أطيافها، وتحوّل أغلبهم إلى علماء جيولوجيون بدءا بوزيرة البيئة وصولا إلى وزير الطاقة، غير أن الأمر لم تستسغه أحزاب المعارضة التي قامت بتعبئة شاملة وتنقّلت إلى مواقع الحفر بمساندة اللجان الشعبية والجمعيات الصديقة للبيئة وغيرها، ورأت في هذه القضية تنفيذا لبرامج وأجندات خارجية تعمل على تفكيك الوطن بصيغة فصل الشمال عن الجنوب، وأدى الأمر إلى تدخّل الرئيس الذي دعا جميع الأطراف إلى ضرورة الاحتكام للعقل وتغليب مصلحة الشعب وجعل قراره هو السائد. قضية تحرير الخمور وانتفاضة الشعب الجزائري ومن القضايا التي أسالت الكثير من الحبر واعتبرها الشعب مساسا بسيادة المواطن وهويّتها، قضية تحرير بيع الخمور وقضية التدريس باللغة الدارجة في المدارس الابتدائية، فالأولى لما كان لها من الوقع جعلت وزير التجارة انذاك يطلّق الصحافة بالثلاث، كيف لا وهي التي فتحت عليه النار من جميع النواحي، بل وصل الأمر ببعض الأشخاص إلى حدّ تكفيره، وأدّى الأمر إلى انتفاضة شعبية تمثّلت في مسيرات ولائية ضمّت مختلف شرائح المجتمع من مواطنين ورجال دين ومختصّين في التجارة، باعتبار بن يونس قال إنّ الأمر لا يعدو أن يكون مجرّد تنظيم لسوق بيع الخمور بالجملة، وهو الأمر الذي اعتبرته أحزاب المعارضة هي الأخرى، محاولة من الوزارة نفسها لإغراق الشعب في الانحلال والرذيلة وتشجيع منها على استهلاك الخمور بتحرير سوقه، وقد رافعت في البرلمان حول هذا الامر ووصل الأمر إلى حد تدخّل الوزير الاول عبد المالك سلال، وكانت النتيجة، أن تمّ فصل وزير التجارة عمارة بن يونس من مركزه كوزير في التعديل الحكومي الأخير، أمر استحسنه جلّ الشعب الجزائري الذي رأى في الأمر إنصافا أكثر منه انتقام. توصية التدريس بالدارجة تُنذر بدخول اجتماعي ساخن وكان لتوصية التدريس بالدارجة من قبل الندوة الوطنية لوزارة التربية، جانب من النقاش الذي لا يزال متواصلا إلى يومنا هذا والذي ألهب أغلب الصحف الإعلامية، فالوزيرة أرادت إدراج العامية في المدارس الابتدائية، وهو الأمر الذي رفضه أغلب الاخصائيين ونقابات التربية وشخصيات وطنية كثيرة، خصوصا من قبل وزراء التربية السابقون، ورأو في الأمر مساس بهوية المواطن الجزائري وشخصيته، ومحاولة من قبل وزارة التربية في تطبيق أجندة خارجية فرنسية محضة تعمل على دحض اللغة العربية وهي لغة الشعب الجزائري إلى جانب اللغة الامازيغية، وتساءل البعض منهم بالقول إن الوزيرة أغفلت جميع المشاكل التي تنخر قطاع التعليم لينصب اهتمامها على اللغة العربية. كما طالب برلمانيون ومختصون وشخصيات وطنية في بيانات متعدّدة، بضرورة إقالة الوزيرة بن غبريط لمحاولتها المساس بهويّة الشعب. الإرهاب يضرب بعين الدفلى والشعب في قمّة التضامن من الأحداث الدامية والدموية التي طبعت في عقول الجزائريين، قضية استشهاد 11 عنصرا من عناصر الجيش الوطني الشعبي في صبيحة اوّل يوم عيد الفطر، حيث كان لهذا الأمر الأثر البالغ ىفي نفوس الجزائريين الذين أبدوا تضامنا لم يكن له مثيل، خصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تبنّى تنظيم القاعدة ببلاد المغرب العملية. وحسب ما ورد في بيان لوزارة الدفاع الوطني كانت قد اصدرته، قالت فيه إن دورية لأفراد الجيش كانت في عملية بحث وتمشيط بمنطقة جبل اللوح بولاية عين الدفلى، تعرضت، مساء الجمعة على الساعة السابعة مساء، لإطلاق نار من طرف مجموعة إرهابية، استُشهد خلالها تسعة عسكريين وجرح اثنين آخرين. كما اوضح البيان أن عناصر الجيش قاموا بتطويق المنطقة وشرعوا في عملية تمشيط واسعة لمطاردة المجموعة الإرهابية واكتشاف مخابئهم وتدميرها، وهو ما دفع كذلك بعناصر الجيش الشعبي لتكثيف عمليات التمشيط والتي أدت إلى القضاء على الكثير من العناصر الإرهابية. التعديل الدستوري يدخل قصّة الألف ليلة وليلة ورجوعا إلى مسألة التعديل الدستوري الذي لم يظهر له اثر إلى غاية كتابة هذه الأسطر، كان لهذا الأخير حظ من الجدل لم يكن لأي موضوع آخر، كيف لا وهو أمر يخص الشعب الجزائري، فمنذ انطلاق مشاورات التعديل الدستوري التي انطلقت في جوان 2014 برعاية مدير ديوان رئيس الجمهورية أحمد اويحي، والمعارضة تستنكر وتعارض الموضوع برمّته ول إنّ بعض الاحزاب المعارضة شاركت في هذه المشاورات، واعتبرت أغلب الأطياف السياسية المعارضة أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرّد عملية روتينية لإلهاء الشعب والمعارضة، وأن الدستور هذا لن ياتي بالجديد مالم يكن هناك إنشاء للجنة انتخابية محايدة تعمل على توفير انتخابات رئاسية مسبقة للخروج بالبلاد التي تتخبط في مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية إلى برّ الأمان، وهو ما اعتبرته أحزاب السلطة مساسا بالشرعية، خصوصا عندما وضعت تحت الدستور والمؤسسات الدستورية وأمن البلد خطّا أحمر لا يجوز تجاوزه بأي حال من الأحوال، غير أنّ الأمر لا يزال قائما حول الإفراج عن مسودّة الدستور، خصوصا وأنّ بعض الأطراف الإعلامية تتوقّع صدوره هذه الأيام. أزمة النفط متواصلة.. واقتصاد الجزائر نحو المجهول عرف الأشهر الثلاث الأخيرة منعرجات حاسمة في قضية هبوط أسعار النفط، حيث تواجه الجزائر خلال الأشهر المقبلة أسوء السيناريوهات في ظل استمرار الأزمة التي تدفعها إلى تبني المزيد من إجراءات التقشف، وهو ما ترجم قانون المالية التكميلي عن طريق فرض المزيد من الضرائب الجديدة آخرها ضريبة على السيارات الجديدة، حيث يتوقع الخبراء وصول أسعار النفط إلى حدود 40 دولارا مع دخول سنة 2016 بسبب الاتفاق الذي توصلت اليه ايران رفقة الدول الست الكبرى حول برنامجها النووي، ما يعني رفع العقوبات عنها لتتمكن من ضخ المزيد من النفط إلى السوق العالمية التي تعتبر أساسا متخمة من المعروض حاليا، في ظل التعنت السعودي حول إمكانية تقليص الإنتاج النفطي للمحافظة على استقرار وتوازن المنطقة، وهو ما سيفرض على الجزائر خلال المرحلة القادمة وبعد الدخول الاجتماعي المرتقب إعادة صياغة ميزانياتها حسب المعطيات الجديدة والتخلي عن سياسة البذخ الاجتماعية التي اعتمدتها خلال السنوات الماضية. الجزائر تعود للقوانين المالية التكميلية بعد أكثر من ثلاث سنوات على إلغاء العمل بها، عادت الحكومة الجزائرية للعمل بالقوانين المالية التكميلية، حيث اضطرت هذه السنة إلى وضع قانون تكميلي يمكنها من إلغاء بعض القرارات المتخذة ضمن القانون الابتدائي على غرار توحيد ضريبة أرباح الشركات بنسبة 23 بالمائة بين المستوردين والصناعيين، ما أثار حفيظة رجال الأعمال الذين قادوا حملة لإقناع الحكومة للعدول عن القرار الذي اتخذته بقيادة رئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي حداد وهو ماوافقت عليه الحكومة وأدرجته ضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2015 ، إضافة إلى إدراجها الضرائب الجديدة على غرار ضريبة السيارات وضريبة على العقار في انتظار عودة ضريبة الثراء إلى الواجهة بداية من سنة 2016. الدينار الجزائري في الحضيض الاسفل عاشت العملة الوطنية أسوء أزماتها خلال الفترة الماضية بسبب التراجع الكبير في قيمتها خلال الأشهر الثلاث الأخيرة ووصولها أمام الدولار الامريكي إلى مستويات قياسية لم يصلها منذ الاستقلال بسبب لجوء الحكومة إلى الحلول السهلة وتخفيض قيمة العملة الوطنية للمساهمة في تخفيض قيمة الواردات في وقت لاتزال فيه أسعار النفط تلعب على وتر أقل من 50 دولارا للبرميل وتحذيرات الخبراء بتهاوي احتياطات الجزائر من العملة الصعبة في حال استمرار النزيف المالي الذي تعاني منه الجزائر منذ سنوات، بسبب تهريب العملة الصعبة وظاهر الاستيراد العشوائية ما جعل الحكومة تحاول ضبط وارداتها عن طريق سن رخص الاستيراد ومنع استيراد بعض المواد وتسقيف الأخرى على غرار السيارات التي حددت الحكومة سقف 400 الف مركبة سنويا بدل 5 مليون مركبة كانت تستوردها الجزائر عن طريق الوكلاء.