حمل مشروع قانون متعلق بترقية الاستثمار، مفاجآت كبرى فجرتها حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال، من بينها التنازل عن عدد من المواد السيادية ضمن قانون الاستثمار على غرار حق الشفعة والقاعدة 49/51 المنظمة للاستثمارات الأجنبية وكذا تمويل المشاريع الاستراتيجية داخليا، حيث يبدو أن الأزمة النفطية دفعت الحكومة إلى فتح الباب على مصراعيه وتقديم تنازلات أكبر للمستثمرين الأجانب لضمان سير أفضل للاقتصاد الوطني والخروج من عباءة المحروقات التي يبدو أنها لن تعتمد على المستثمر المحلي فقط في دعمه، فها هي تتخلى عن كل التزاماتها تجاه المحافظة عليها مقابل ضمان التمويل للسنوات المقبلة التي يبدو أنها ستكون عجافا في حال تواصل مسلسل الأزمة النفطية طويلا، خاصة أن الجزائر خسرت ما يقارب 50 بالمائة من عائدات النفط وما يقارب 30 بالمائة من احتياطاتها الخارجية خلال سنة واحدة فقط. ويشير مشروع قانون ترقية الاستثمار إلى ضرورة ملاءمة ضبط الاستثمارية المباشرة التي يجب أن تحتفظ بكل مكانتها في سياسة تطوير وتنمية البلاد، وهو يتطلب حسب المشروع الحكومي أن يتم اللجوء إلى متعاملين أجانب ذوي وزن ومطلوبون لمرافقة التنمية الوطنية الذي يؤكد المشروع أنه يجب لأجله ملاءمة القواعد التي تسهل التدفقات المفيدة من رؤوس الأموال المفيدة مع الحد قدر الإمكان من دخول الأموال غير المرغوب. الحكومة تلغي القاعدة 49/51 رسميا من قانون الاستثمار وعكس تصريحات وزراء حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال حول استراتيجية هذه القاعدة وسياديتها، إلا أن القانون الجديد لترقية الاستثمار وعكس الوعود بالحفاظ عليها قام بإلغائها واعتبارها غير مرغوب بها ومصدرا لتأثيرات غير مرغوب بها، حيث إن حكومة الوزير الأول اعتبرت أنه قد ثبت فعلا أنها قاعدة لا يمكن التحقق من احترامها من طرف الأجهزة المكلفة بالاستثمار، بحكم أن هذه الأجهزة تتدخل في مرحلة قبول الاستثمار في غياب اشتراط القوانين الأساسية والسجل التجاري، في حين أن تجسيد الالتزام بالقاعدة لا يتم إلا في مرحلة الإنجاز، وأن التحقق لا يكون إلا جزئيا، حيث كشفت أرقام الحكومة المقدمة ضمن المشروع عن تسجيل 5141 تاجرا أجنبيا، منهم 711 بعنوان الاستيراد. فيما تم 110 تصريحا باستثمار أجنبي مقبول لدى المجلس الوطني للاستثمار، حيث يؤكد المشروع أن إلغاء هذه القاعدة وإدراجها ضمن قانون المالية لسنة 2016 كمجرد تدبير فقط سيضع حدا لمثل هذه الوضعيات وسيفتح إدراج نشاطات الاستيراد في قانون الاستثمارات لفائدة النشاطات التابعة لهذا القطاع كحق تلقائي لتحويل الأرباح، مع أن هذا النوع من النشاطات لم يكن يسمح له بالاستفادة من هذا الحق، إلا بعد دراسة حالة بحالة وشرط أن يكون الاستثمار معطيا السلطة التقديرية لبنك الجزائر لتحديد قيمة وأهمية هذه الاستثمارات الأجنبية في الجزائر. فتح المجال لتمويل المشاريع الاستراتيجية خارجيا واقترحت حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال من جهة أخرى ضمن التدابير المقرر إلغاؤها في قانون الاستثمار، إلغاء قاعدة تمويل المشاريع داخليا دون اللجوء إلى التمويل الخارجي، حيث تقول الحكومة في هذا السياق إن هذه القاعدة تخضع للعلاقات المالية مع الخارج ومن شأنها أن تدرج في صلب القواعد التي يتولى تنفيذها بنك الجزائر، حيث يتعلق الأمر بمسألة خاضعة لحركة رؤوس الأموال، وعلى وجه الخصوص تلك المرتبطة بالمديونية الخارجية، سواء كان بالنسبة للاستثمار أو لسبب آخر، مشيرة إلى أن التمويل الداخلي المحتفظ به في قانون الاستثمار لا يغطي سوى جزءا طفيفا من هذه العمليات وأن الاستثمارات الأجنبية خارج المحروقات جد ضئيلة، ولا تمثل خطرا لارتفاع المديونية الخارجية مقارنة بمبالغ أخرى أكثر أهمية يمثلها استيراد السلع والخدمات، حيث يؤكد المشروع أن هذه المادة يجب وضعها في نص آخر غير قانون الاستثمار في قطاعين من ضمن القطاعات الستة المقيدة ضمن السجل التجاري ووضعها ضمن تدابير قانون المالية أو نظام بنك الجزائر فقط، ولذلك فإن ضمان تحويل العائدات مرتبط بتكلفة الاستثمار وليس مبلغ المساهمة الأجنبية في رأس المال الاجتماعي والمساهمة بالأموال الخاصة وليس الاقتراض، فقاعدة اللجوء الإجباري للتمويل الداخلي تصطدم بالشروط المرتبطة بمنح ضمان تحويل العائدات الذي يرتبط بمبلغ المساهمة في تمويل التكلفة الكلية لمشروع الاستثمار والمساهمة في رأس المال على شكل وسائل دفع خارجية، فعملية اللجوء للتمويل المحلي لإنجاز الاستثمارات الأجنبية المباشرة، عدا تكوين رأس المال. حكومة سلال "تستعطف" المستثمرين الأجانب تعهدت حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال، خلال نص مشروع قانون ترقية الاستثمار الجديد الذي تحوز "البلاد" نسخة عنه، بمعاملة المستثمرين الأجانب كالمستثمرين الجزائريين المقيمين، حيث اعتبر مشروع القانون الجديد أن التفرقة الحالية في التعامل لا تتعارض فقط مع مبدأ المعاملة الوطنية، لكنها تتعارض أيضا مع الالتزامات الدولية ل«البلاد" الناجمة عن العديد من الاتفاقيات التي وقعتها الجزائر جهويا ودوليا لتشجيع وحماية الاستثمار، حيث تعهدت في هذا القانون بالمعاملة العادلة والمنصفة مع مراعاة الاتفاقيات الدولية التي وقعتها الدولة، فمنذ سنة 2009 يقول نص المشروع دحض قانون الاستثمار منظومة ضبط الاستثمارات الخارجية المباشرة على عدة أصعدة مقارنة بتلك المخصصة للمستثمر الوطني المقيم. إلغاء حق الشفعة مقابل استشارة الحكومة قبل كل عمليات البيع ونقل الأسهم وفي سياق آخر، فجّر القانون الجديد مفاجأة أخرى بإللغاء حق الشفعة بشكل رسمي الذي ضمن للحكومة سابقا التدخل واسترجاع الشركات المتنازل عنها في حال كانت قطاعاتها استراتيجية، حيث يقول هذا الأخير حق الشفعة فقد دوره كأداة مراقبة دخول الأجانب للاقتصاد الوطني منذ حذف إجراء الدراسة المسبقة للاستثمارات الأجنبية المباشرة من طرف المجلس الوطني للاستثمار. وفي هذا الوضع، يمكن للحكومة الاكتفاء بإنقاذ قيمة المعاملات الشبيهة بحق الشفعة المخول للإدارة الجبائية بموجب قانون الإجراءات الجبائية، مع مراعاة توسيعه ليشمل الأسهم والحصص الاجتماعية، حيث منحت الحكومة في هذا السياق السلطة التقديرية والترخيص من الوزير المكلف بالاستثمار، ويبقى حق الشفعة ذو طابع مفرط بالنسبة للعمليات الصغيرة بالنسبة لإغلاق التنازلات المنجزة من طرف أو لفائدة الأجانب، وبموجب هذا القانون تخضع التنازلات عن الأسهم أو الحصص الاجتماعية والأصول من طرف أو لفائدة الأجانب. من جهة أخرى، يكشف القانون الجديد أن التنازل عن أسهم مؤسسات أجنبية تحوز أسهما أو حصصا اجتماعية في مؤسسات خاضعة للقانون الجزائري استفادت من مزايا أو تسهيلات، إلى اللجوء إلى الاستشارة المسبقة للحكومة الجزائرية، رغم أن تنفيذ هذه القاعدة يصطدم بواقع يجعل من المستحيل عمليا معرفة الشركات المعنية بالتنازل عن الأسهم، ولذلك يشترط مشروع القانون تكييف هذه القاعدة بحصر الاستشارة المسبقة فقط في العمليات التي تنجز خارج البورصة تتضمن عدد أسهم يساوي أو يفوق 10 بالمائة من الرأسمال الاجتماعي للشركة المعنية كما يقترح تحديد عدد الأسهم أوالحصص الاجتماعية التي يحق للدولة أو المؤسسة العمومية اقتناؤها باستعمال حق الشفعة أمام الشركة الخاضعة للقانون الجزائري. هذه هي التسهيلات الممنوحة للمستثمرين الجدد ووضع القانون الجديد أيضا مجموعة من التحفيزات والمزايا التي تشجع المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، والتي سبق الإشارة إليها ضمن مخطط عمل الحكومة، كما يهدف إلى وضع بنية جديدة لنظام التحفيزات التي تصبح فيه المزايا الجبائية ومدتها أكثر أهمية، كما ضيق نطاق بعض المزايا التي تضمنها القانون السابق، على غرار استثناء المستثمرين الخاضعين لنظام الضريبة الجزافية الوحيدة ووضع حد أدنى للأموال الخاصة بالنسبة للاستثمارات الأجنبية وإخضاع المشاريع التي تفوق قيمتها 5 ملايير دج للرأس المسبق للمجلس الوطني للاستثمار، أين وضعت حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال 39 مادة تتعلق بترقية الاستثمار، منها تحفيزات جبائية وجمركية، وإعفاء السلع والخدمات المستوردة التي تدخل مباشرة في إنجاز الاستثمارات من الحقوق الجمركية، وكذا الإعفاء من حق نقل الملكية والرسم على الإشهار، إضافة إلى تخفيض بنسبة 90 المائة من مبلغ الإتاوة الإيجارية المحددة من طرف مصالح الأملاك الوطنية خلال فترة إنجاز المشروع ورفع مزايا الاستغلال الممنوحة لفائدة الاستثمارات عندما تؤدي إلى خلق أكثر من 100منصب شغل، إضافة إلى تخفيف إجراءات تسجيل الراغبين في الاستثمار، حيث يرتكز على وثيقة واحدة عن طريق التصريح بواسطة خط خاص أو عبر الأنترنت، ويتقدم المستثمر حاملا لشهادة التسجيل أمام المصالح الجبائية المختصة للحصول على المزايا وتنفيذها حسب إجراء يحدد عن طريق التنظيم، ويرافق هذا التدبير بالإعفاء من الرسم على القيمة المضافة من أجل كل العتاد والتجهيزات التي يتم استيرادها.