في تطور لافت لهجمات باريس يوحي بأن فرنسا تواجه تحديا إرهابيا متزايدا، نفذت قوات النخبة في الشرطة الفرنسية فجر أمس هجوما أمنيا استباقيا استهدف شقة في ضاحية سان دوني شمال باريس تحصن فيها عدد من الانتحاريين بينهم من يعتقد أنه العقل المدبر للعمليات الإرهابية الأخيرة، وذلك في سياق التحقيق حول اعتداءات الجمعة، حسب ما أفادت به مصالح الأمن. وبحسب المدعي العام، أسفرت العملية التي دامت ساعات عن مقتل إرهابيين، بينهما امرأة فجرت نفسها بحزام ناسف. كما اعتقل سبعة مشتبه بهم، فضلا عن إصابة خمسة من رجال الشرطة. وقال الناطق باسم الحكومة ستيفان لوفول إن الشرطة اعتقلت جميع المستهدفين من العملية واسترجعت أحزمة ناسفة، لكنه لم يكشف إن كان بينهم المتهم الأول في الهجمات البلجيكي عبد الحميد أبو عود (28 عاما) الناشط فيما يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية" أم لا. وفي تصريحات مقتضبة، أعلن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف خلال زيارته لموقع العملية الأمنية في ضاحية سان دوني أن الشرطة واجهت ما وصفها بظروف غير مسبوقة خلال المداهمة التي تؤشر حسبه لنجاح مصالح الاستخبارات في رصد تحركات لتنفيذ سلسلة عمليات انتحارية بالنظر لحيازة المسلحين على أحزمة ناسفة. ووفق تصريحات المدعي العام، فإن من بين المعتقلين ثلاثة مسلحين، إضافة إلى شخصين كانا في شقة مجاورة للشقة التي جرت مداهمتها، وشخصين كانا في الجوار. وقالت مصادر أمنية إن من بين المعتقلين صاحب المنزل الذي تحصن به الإرهابيون، وأشارت إلى أن قوات الشرطة بعد نحو ست ساعات على بدء عمليتها وسعت نطاقها إثر ورود أنباء عن تمكن أحد المسلحين المحاصرين من الفرار أو تحصنه في مكان آخر بالمنطقة. وأوضح أن قوات الأمن شنت عملية تمشيط وبحث دقيق، وسط مخاوف من أن تكون الشقة التي تحصن بها المسلحون مفخخة، خاصة أن المصادر الأمنية تحدثت عن استهداف أبو عود. وأضافت المصادر أن عملية التمشيط كان هدفها تأمين المنطقة والتأكد من خلوها من أي عناصر أو خلايا نائمة لمنفذي هجمات باريس، مشيرا إلى وصول تعزيزات عسكرية مكثفة إلى ضاحية سان دوني وسط انتشار أمني كبير.وكانت وزيرة العدل الفرنسية كريستيان توبيرا أعلنت أمس أن عملية سان دوني "على ارتباط بالتحقيق" في هجمات باريس التي أوقعت 129 قتيلا وأكثر من 350 جريحا وتبناها تنظيم الدولة. وردا على سؤال عما إن كانت العملية تستهدف أبا عود، قالت في تصريح صحفي "علينا اتخاذ كل التدابير الضرورية لعدم المس بالتحقيق من خلال كشف معلومات بشكل مبكر". وقد تم تطويق منطقة في ضاحية سان دوني قرب ملعب فرنسا الذي كان أحد أهداف الهجمات التي وقعت مساء الجمعة الماضية. وحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن مصادر قريبة من العملية، فإن المداهمة ربما تشمل أحد المشتبه بهم في هجمات الجمعة والذي رصد في مقطع مصور لسيارة تقل الأخوين إبراهيم وصلاح عبد السلام. هولاند يحذّر من أعمال انتقامية ضدّ المسلمين من جهته دعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أمس، الفرنسيين إلى "عدم الاستسلام للخوف" أو ردود الفعل المفرطة بعد الاعتداءات التي نفذها تنظيم "داعش" في باريس الجمعة الماضي. وقال هولاند في خطاب أمام رؤساء بلديات مدن فرنسية، إن عملية مكافحة الإرهاب التي تمت الأربعاء في سان دوني بشمال باريس "تؤكد لنا مرة أخرى أننا في حرب، حرب ضد الإرهاب"، مضيفاً: "لا يمكن التسامح مع عمل معاد للسامية أو مناهض للمسلمين". وأشار هولاند إلى أن "الهجمات الإرهابية "التي تشهدها باريس تم التخطيط والتنظيم لها من سوريا حيث معقل تنظيم "داعش" محذرا من أن بلاده ستضطر للعيش مع تهديد الإرهاب لفترة أطول. وجدد الرئيس الفرنسي عزم بلاده على "تدمير" تنظيم الدولة الإسلامية الذي أعلن مسؤوليته عن هجمات الجمعة الماضية وذلك بينما شن سلاح الجو الفرنسي أمس أعنف غارات على معقل التنظيم بمحافظة الرقة السورية التي أوقعت سقوط 38 قتيلا من منتسبي التنظيم الإرهابي. من جهته دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى وقف حملات الانتقام والتمييز ضد المسلمين بعد الهجمات التي شهدتها العاصمة الفرنسية وإلى أن يكون الرد على العمليات "الإرهابية" مستندا إلى القانون، وإلى البحث في أسباب "الإرهاب".