شهدت ليبيا، العام الجاري، أحداث عاصفة سياسياً وأمنياً، عكست حالة الفوضى والانقسام التي تعيشها عقب مرور أكثر من 4 أعوام على إسقاط نظام العقيد معمر القذافي. وجعلت هذه الأحداث الساحة الليبية مادة دسمة للإعلام العربي والغربي على حد سواء، لما تحمله في طياتها من مضامين ورسائل مرتبطة بدول الجوار والعمق الإقليمي، وتأثيرها على دول أوروبا على حوض المتوسط. وأبرز الأحداث التي شهدتها ليبيا طوال العام 2015، سطوع نجم "داعش" تعاظم دوره وتمدده بالتزامن مع الانفلات الأمني والانقسام السياسي المريب، وهو أمرٌ ساعده على الانتشار والتوسع بصورة لم يتصورها أو يحلم بها من قبل. وعلى المستوى السياسي ورثت سنة 2015 ما تركته سنة 2014 حكومتان وبرلمانان، حكومة الأزمة المعترف بها دوليا برئاسة حكومة عبد الله الثني ومقرها بمدينة طبرق في أقصى شرق ليبيا، وحكومة الإنقاذ الوطني تداول على رئاستها رئيسا حكومة آخرها حكومة خليفة الغويل ومقرها بالعاصمة طرابلس، أما بالنسبة للجسمين التشريعين فنجد البرلمان المنتخب ومقره في الشرق، والمؤتمر الوطني العام مقره في طرابلس. واستلم المبعوث الأممي إلى ليبيا الإسباني برناردينو ليون لمهامه خلفاً للبناني طارق متري، وفي منتصف جانفي تم استئناف جلسات الحوار الليبي في جنيف بمشاركة موسعة وتحديد أربعة مسارات موازية وداعمة للحوار الرئيسي بين أطراف الأزمة الرئيسيين. وفي الأسبوع الأخير من جانفي انطلقت الجولة الثانية للحوار في جنيف وأعلنت الأممالمتحدة أن المشاركين ناقشوا تشكيل حكومة موحدة، وتعزيز تدابير بناء الثقة ومكان انعقاد جولات الحوار المقبلة. وعاد هذا الحوار في فيفري إلى غدامس بمشاركة ممثلين عن المؤتمر الوطني العام، وتمت في مناقشة آليات وجدول الأعمال والمشاركين في الحوار. وفي 20 فيفري أعلنت بعثة الأممالمتحدة استئناف جلسات الحوار السياسي الليبي إلى المغرب، بينما استؤنف مجددا في الخامس مارس بمدينة الصخيرات بمشاركة ممثلين عن مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام وشخصيات مستقلة لمناقشة تشكيل حكومة توافقية ومعالجة الوضع الأمني. ومع مسودة تلوى الأخرى، سلمت بعثة الأممالمتحدة في 20 ماي أطراف الأزمة الرئيسيين مسودة رابعة للاتفاق السياسي، بينما اجتمع ممثلو الأحزاب والقادة والنشطاء السياسيون يجتمعون للمرة الثالثة في الجزائر في الثالث جوان، لتنطلق في التاسع من نفس الشهر، الجولة الخامسة من الحوار في الصخيرات بمشاركة موسعة تضم إلى جانب الأطراف الرئيسية ممثلين عن المجالس البلدية. وفي 3 سبتمبر عاد الحوار الليبي إلى جنيف مجددًا بمشاركة موسعة للتأكيد على تشكيل حكومة الوفاق الوطني، والاتفاق على الترتيبات الأمنية تزامنًا مع عقد الانتخابات المحلية في المغرب. وفي الثامن أكتوبر، أعلن ليون تشكيل حكومة التوافق المقترحة برئاسة فائز السراج ونوابه أحمد معيتيق وموسى الكوني وفتحي المجبري، وعبد الرحمن السويحلي لمجلس رئاسة الدولة وفتحي باشاغا رئيسًا لمجلس الأمن القومي. وتم في 16 ديسمبر توقيع اتفاق بين طرفي الصراع بمدينة الصخيرات المغربية برعاية أممية وبحضور ممثلين عن عدة دول من إفريقيا وأوروبا.