لا تزال الطريقة التي رحلت بها وزيرة الثقافة السابقة نادية لعبيدي تثير أكثر من علامة استفهام بين "الإقالة" و"الاستقالة"، خصوصا أن رحيلها من قصر هضبة العناصر جاء متزامنا مع النزاع الذي كان قائما بينها وبين الأمينة العامة ل"حزب العمال" لويزة حنون التي اتهمتها صراحة عن طريقة رئيس الكتلة النيابية للحزب في المجلس الشعبي الوطني جلول جودي، ب"استغلال منصبها لخدمة شركتها "بروكوم انترناسيونال" والحصول على تمويل من وزارة الثقافة لأحد أفلامها بطريقة غير مشروعة، وهو ما نفته الوزيرة جملة وتفصيلا وذهبت إلى "البرلمان" للدفاع عن نفسها وذرفت الدموع هناك في مشهد حير الجميع. وواقع القصة التي شغلت الساحة الثقافية والسياسية في سنة 2015، أن لعبيدي، وهي في الأصل مخرجة سينمائية، راسلت لويزة حنون بخصوص تصريحات لصحيفة خاصة، اتهمت فيها وزيرة الثقافة باستغلال منصبها و"الفساد"، ما جعل لعبيدي توجه مراسلة كتابية لحنون، وتلقت مختلف وسائل الإعلام منها "البلاد"، نسخة منها، وهي الرسالة التي قال "حزب العمال" إنها حملت "تهديدا" لأمينته العامة التي جاءها مبعوثون من الوزيرة إلى بيتها لتهديدها!، لينتقل الصراع إلى "البرلمان" ولاحقا يصدر تعديل حكومي في ماي 2015 جاء بعز الدين ميهوبي وزيرا جديدا للقطاع. ونقل حينها عن الوزيرة لعبيدي أنها "استقالت لتتمكن من الدفاع عن نفسها أمام القضاء". وبعيدا عن القصة، لاقى تعيين ميهوبي ترحيبا في الأوساط الثقافية، إذ يوصف هذا الشاعر ب"النشيط"، وقاد بعيد تولي منصبه، سلسلة من الإجراءات الغرض منها إعطاء دفع جديد للقطاع، لكن مشروع عمل الوزير الجديد اصطدم بواقع فرض نفسه، وهو تراجع موارد الدولة إثر الانهيار المتواصل لأسعار البترول، ما جعل السلطات تعيد النظر في طريقة تمويل عدة قطاعات وفرض إجراءات "تقشف" ولاحقا، اعتماد قانون مالية للسنة الجديدة كمحاولة للتكيف مع الأزمة. ومن هنا، جاءت التصريحات المتتالية للوزير ميهوبي متكيفة مع هذا الواقع الجديد، حيث تكلم الرجل عن قرار لمراجعة تمويل عدة مهرجانات وإمكانية إلغاء بعضها، خصوصا تلك التي تتشابه في مضامينها، لتكشف التسريبات عن تراجع قادم لعدد المهرجانات من 200 تقريبا غلى حدود السبعين فقط. وظهرت معالم هذا التقشف في قطاع الثقافة الذي يسميه ميهوبي ب"ترشيد للنفقات"، في معرض الجزائر الدولي للكتاب الذي تقلصت ميزانيته إلى النصف في انتظار مصير تظاهرات أخرى مع السنة الجديدة.