يستعد البرلمان الفرنسي لمناقشة مقترحات قدمتها الحكومة لتعديل الدستور في الثالث من الشهر المقبل، وسط خلاف كبير داخل صفوف الحزب الاشتراكي الحاكم بخصوص مشروع التعديل، حيث يوجد رأي يقول إن التعديلات تناقض قيم اليسار. ويتركز الجدل بشكل كبير على مقترحين، يتعلق الأول بإسقاط الجنسية عن المدانين بارتكاب أعمال إرهابية في حال كانوا يحملون جنسية مزدوجة، والثاني بإجراءات حالة الطوارئ التي تضمنتها مقترحات تعديل الدستور. وصاغت الحكومة الفرنسية تعديلا دستوريا ليضمن تأييد اليمين لها، لكنه لم يجمع حولها كل أنصارها من اليسار، وأثار عاصفة في صفوف الحزب الاشتراكي الحاكم نفسه لم تهدأ بعد، لأن مسألة إسقاط الجنسية مطلب يميني قديم طالما رفضه اليسار بسبب تمييزه بين الفرنسيين بحسب عرقهم. وقال المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لوفول إن "هناك نقاشا لإسقاط الجنسية، والرئيس فرانسوا هولاند ذكر بموقفه، ورئيس الوزراء مانويل فالس ذكر بموقف الحكومة، وهاجس رئيسي الجمهورية والحكومة هو تجميع أغلبية واسعة حول رهان حماية الفرنسيين، وتجاوز الاستقطابات التقليدية". لكن الحكومة الفرنسية في بحثها عن أغلبية واسعة وتوافق لا تواجه فقط جزءا من أنصارها ممن رأوا في التعديلات جنوحا كبيرا لليمين، بل تواجه معارضة عدد كبير من القضاة الذين يخشون من تحول حالة الطوارئ إلى نمط يومي إن ضمّنت بعض إجراءاتها في التعديل الدستوري. وفي هذا السياق، قال الكاتب الوطني لنقابة القضاة الفرنسيين باتريك هينريو إن "ما يحدث حاليا مع حالة الطوارئ سيصبح أشد إذا ما اعتمدت في الدستور، إنه يعني تعزيز السلطات الإدارية للجهاز التنفيذي دون رقابة كافية وفعالة من قبل السلطات القضائية التي تمثل حارسة للحريات وفقا للدستور". وتبرر الحكومة اليسارية تبنيها تعديلات دستورية ذات نفحة يمينية واضحة بتأييد الرأي العام لذلك، واستطلاعات الرأي -التي لها قيمتها عند الساسة عندما تكون الانتخابات على الأبواب- ذهبت في هذا الاتجاه. وقال مدير البحوث في مؤسسة إبسوس لاستطلاعات الرأي زووم سينغ إن كل استطلاعات الرأي التي أجريت أخيرا تؤكد أن 80% من الفرنسيين تقريبا يؤيدون هذا الإجراء، مضيفا "رغم كون الحكومة يسارية فليس لها خيار حقيقي غير اتباع الرأي العام". وأمام توجه عام يعيش على إيقاع الهواجس والمخاوف وعلو صوت الأمن وطبقة سياسية عينها على الانتخابات لا يوجد استعداد لدى الرئيس هولاند للتراجع عن هذه التعديلات، لأنها تمثل فرصة أخرى له لتغيير صورة التردد وانعدام الحزم التي طالما ألصقت به رغم أنه دفع بالجيوش الفرنسية إلى أكثر من مكان.