أقرت محكمة الجنايات لمجلس قضاء الجزائر في وقت متأخر، من مساء أول أمس، برفض تأسس الوكيل القضائي للخزينة العمومية كطرف مدني في قضية سوناطراك 1، مع قبول تأسس مجمع سوناطراك كطرف مدني والقضاء بحفظ حقوقه للمطالبة بها لاحقا. وجاء قرار هيئة المحكمة الجنائية برئاسة القاضي، محمد رقاد، ردا على الطلب الذي تقدم به الوكيل القضائي للخزينة العمومية في أول جلسة من مجريات محاكمة سوناطراك 1، الذي تقدم به في إطار دفع شكلي، غير أن القاضي ارتأى حينها قبوله شكلا وإرجاء الفصل فيه إلى حين الحكم في القضية والنظر في الشق المدني، أمام إلحاح دفاع المتهمين برفض الطلب شكلا ومضمونا، بحجة أن تعليق الفصل في هذا الطلب والدخول في الموضوع كان سيجعل من الخزينة العمومية طرفا أصليا في المحاكمة متساويا مع باقي أطراف القضية مخولا لدفاعها طرح الأسئلة والمرافعة كطرف مدني، ليرتئي قرار هيئة المحكمة بعد المداولة في الشق المدني للقضية برفض تأسيس الخزينة العمومية كطرف مدني، وهي التي سبق للدفاع وأن تمسك بقيام الضرر في حقه جراء وقائع قضية سوناطراك 1 بحكم أن المنشآت أنجزت من أموال سوناطراك التي تعتبر مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي تجاري وليست مؤسسة عمومية ذات طابع إداري ولم يلحقها أي ضرر، وبحكم أن تأسيس شركة "سوناطراك" كطرف مدني كاف لوحده كونها حاضرة وكاملة الأهلية القانونية، وأن الدولة الجزائرية هي طرف في قضية الحال "بقوة القانون"، وأن الدولة "معفية" في تقديم تأسيسات قانونية في القضايا التي تكون طرفا فيها بحكم أن الأمر يتعلق بالمال العام. وراح الدفاع يصف شراكة "فونكوارك" الألمانية و«كونتال آلجيريا" في إطار تنفيذ مشروع المراقبة البصرية والحماية الإلكترونية وأنظمة منع التوغل ب"زواج المتعة" في إشارة إلى مصلحة الشركتين في استنزاف أموال سوناطراك، بحسب قوله. كما استبعد طبيعة الاستعجال التي خصت المشاريع محل متابعة قضية الحال، لاسيما ما تعلق بتهيئة مقر سوناطراك بغرمول بالعاصمة والذي استنزف 8 آلاف مليار سنتيم، والذي لم تكن له مبررات لهدر أموال لغير منفعة فعلية. وأعاب الدفاع ما وصفها ب "أنانية" إطارات سوناطراك المكلفين بمشروع غرمول، ممن أقروا إقامة دراسة مع مكتب دراسات جزائري لمالكته المتهمة، نورية ملياني، ثم الاستنجاد بمكتب الدراسات "أوشال" الألماني والتي لم تكن تكاليفه مجانية، فضلا عن اعتماد شريك أجنبي للقيام بأشغال بسيطة، وهو ما اعتبر على حد قوله "تبذير للمال العام"، كما استنكر طريقة إبرام الصفقات محل متابعة والتي أخضعت جميعها لمبدأ "تحديد السعر" ضمن عقود التراضي والاستشارات المحدودة، ملتمسا قبول تأسيس الوكيل القضائي للخزينة العمومية طرفا مدنيا في قضية الحال طبقا لنص المادة 239 وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية، دون أن يتحقق للخزينة العمومية "حلم" التأسس كطرف مدني تضرر من قضية سوناطراك 1. فيما أقر القاضي بحفظ حقوق الطرف المدني ممثلا في مجمع سوناطراك تمسكا بطلب دفاع الأخير الذي لم يقدم بعد حصيلة الخسائر التي لحقته جراء هذه القضية في إطار تزويد 123 منشأة بترولية على مستوى قاعدة الحياة 24 فيفري والمركب الصناعي بحاسي مسعود بنظام الحماية الإلكترونية والمراقبة البصرية ونظام منع التوغل الذي كلف خزينة سوناطراك غلافا ماليا قدرهُ 1100 مليار سنتيم، وهو المشروع الذي ظفر به المجمع الجزائري الألماني "كونتال فونكوارك بليتاك" بداية من الفاتح جانفي 2005 إلى الفاتح جويلية 2009 إلى جانب مشروع "جي كا 3 غالسي" في إطار ربط أنابيب الغاز بين الجزائر وسردينيا الإيطالية، ما كلف خزينة سوناطراك مبلغ 4300 مليار سنتيم، والذي تكفلت بإنجازه الشركة الإيطالية "سايبام" التي تمت إدانتها لأجل ذلك ب 4 ملايين دج غرامة نافذة عن الزيادة في الأسعار.