عكست التصريحات السياسية الصادرة عن قيادة حزب جبهة التحرير الوطني، وضعا متصدعا في العلاقة مع التجمع الوطني الديموقراطي، ورفضا قاطعا لأية تنازلات من الحزب العتيد لصالح حزب أويحيى يمكن أن تمنحه فرصة العودة للواجهة الحكومية، فقد جدد الأفلان رفضه السياسي لأي تنازل من شأنه أن يسمح لأحمد أويحيى تولي منصب الوزير الأول، مثلما رفض التحالف مع الأرندي لدعم برنامج الرئيس بوتفليقة كما كان عليه الحال في 16 فيفري من عام 2004، عندما وقع حزب جبهة التحرير الوطني على ميثاق التحالف مع كل من الأرندي وحمس، وتواصل هذا التحالف الذي ساند ترشح بوتفليقة للعهدة الثانية في مواجهةالمترشح علي بن فليس إلى غاية سنة 2012. ويعتبر الموقف الراديكالي للأفلان من أحمد أويحيى تعبيرا عن إنهاء أية إمكانية لعودة التحالف الرئاسي تحت أي مسمى من المسميات بحضور قوي للأرندي، وهو موقف يعبر عن رغبة قيادة الحزب العتيد في إزاحة أويحيى ووضع حد لطموحاته السياسية، فالرجل عايش مراحل سياسية عدة عرفت تداولا على إدارة الحزب العتيد من الراحل عبد الحميد مهري مرورا ببوعلام بن حمودة وعلي بن فليس ثم عبد العزيز بلخادم وعمار سعداني، دون أن يتغير رأس الأرندي إلا أثناء فترة انتقالية منح فيها أصحاب القرار فرصة لرئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح الذي فشل في تسيير الحزب، ما دعا إلى عودة أحمد أويحيى للواجهة، لكن يبدو أن حسابات سياسية طارئة من شأنها التعجيل بتحييد أويحيى وإحالته على التقاعد السياسي. وبهذا فإن التحالف الرئاسي يكون قد طوي ملفه بعد سنوات عرف فيها حراكا سياسيا بدأ في 16 فيفري 2004، فقد أعلنت ثلاثة أحزب وطنية كبرى وهي الأفلان والأرندي وحمس، عن تشكيل تحالف رئاسي ثلاثي لدعم ترشح بوتفليقة لعهدة ثانية في مواجهة خصومه وأبرزهم وقتها مدير حملته الإنتخابية للعهدة الأولى ورئيس حكومته الأمين العام للأفلان الأسبق علي بن فليس، المدعوم بأجنحة مالية وسياسية في ذلك الوقت، وقد فاز بوتفليقة فوزا ساحقا على خصمه السياسي بنسبة بلغت 83.84 في المائة من مجموع الأصوات المعبر عنها، مع الإشارة إلى أن بعض الآراء تذهب إلى القول بأن التحالف الرئاسي تم أيضا بمباركة من حزب العمال. وخرج التحالف الرئاسي إلى الوجود على أنقاض الائتلاف الحزبي الذي ضم أيضا حركة النهضة وساند مرشح الإجماع الوطني في ذلك الوقت عبد العزيز بوتفليقة في انتخابات أفريل 1999، وجاء حينها بدعوة من زعيم حمس الراحل محفوظ نحناح، الذي دعا إلى الائتلاف لإخراج الجزائر من نفق السنوات الدموية.