فتح الوزير الأول، أحمد أويحيى، أحد أبرز الملفات الساخنة التي طرحها أعضاء الغرفة الأولى للبرلمان على طاولة النقاش، والمتعلقة بظاهرة الفساد والآليات المتبناة للتصدي لكافة محاولات التلاعب بأموال الخزينة العمومية، مستهلا حديثه بالاعتراف علنا بأن ''ظاهرة الفساد موجودة في البلاد ولكن الجزائر ليست بلدا فاسدا''، وهو ما تفسره الإرادة السياسية لمكافحة الجريمة الاقتصادية والخروج من حلقة المساس بالمال العام وتحصينه من تهديدات التلاعب والهدر التي صارت تحدق به بشكل كبير·وفي هذا الشأن، تحدث أويحيى عن قوة سيف القانون الذي سلته الدولة لكبح هذه الظاهرة، انطلاقا من عملية إصلاح العدالة، توسيع صلاحيات المحاكم، تأطير الصفقات العمومية وتعزيز جهاز مكافحة الفساد عبر استحداث أقطاب الشرطة القضائية التي تعتبر هيئة مسؤولة عن محاربة الجريمة الاقتصادية التي أضحت تلحق أضرارا بالأمن القومي· كما سلط أويحيى الضوء على ما وصفه ب''الأموال القذرة'' التي عرفت رواجا في السنوات الأخيرة، مما استوجب على الحكومة وضع تدابير إجرائية لوقفها، على غرار تعديل القانون الخاص بتحويل رؤوس الأموال عبر الحدود، إجبارية التعامل بالصكوك ابتداء من شهر مارس المقبل، تنسيق معلوماتي بين الأجهزة الجمركية، الضرائب والتجارة، قانون القرض والنقد· ويأتي هذا للقضاء على أخطر ظواهر عصر الاقتصاد الرقمي، المتعلقة بعمليات مشبوهة تتم بعيدا عن أعين الدولة والقانون، على رأسها تبييض الأموال التي تمثل مصدرا للأموال القذرة التي يحاول أصحابها تبييضها بإجراء مجموعة من التحويلات المالية والعينية لتغيير صفتها غير القانونية· على صعيد تسيير النفقات العمومية، كشف أويحيى أن ''الحكومة تصر على التحكم الأمثل في إعادة النظر في الكلفة المخصصة لكافة القطاعات والتي تعرف ضغطا رهيبا ومتواصلا، وهو ما يؤثر سلبا على الصالح العام''، مضيفا ''ترشيد النفقات يستند على معيار إجبارية إكمال الدراسات قبل إطلاق الورشات ومواجهة العراقيل التي تواجه هذه العملية المعقدة، خصوصا ما يرتبط بالذهنيات والتخلف الذي يمتد إلى أكثر من 20 سنة''·رسكلة 5 آلاف إطار وتوظيف 10 آلاف جامعي على مستوى البلديات من جهة أخرى، خصص الوزير الأول حيزا زمنيا واسعا للحديث عن قضية الجماعات المحلية، وتحديدا الشق المرتبط بتسير البلديات، التي كانت موضوع اهتمام العديد من أعضاء مجلس الأمة، وحصرها في ثلاثة مستويات بارزة: ضعف التأطير، قلة الامكانيات وترقية علاقة المنتخبين بممثلي الحكومة، حيث ألمح أويحيى، إلى أن ''النقص والعجز الذي تعرفه بلديات الوطن، يندرج ضمن أولويات الحكومة التي تسعى إلى استدراكه وسد ثغراته بنسبة 75 بالمائة، من خلال إعادة رسكلة 5 آلاف إطار وتوظيف 10 آلاف من حاملي الشهادات الجامعية، وذلك بعد أن استرجعت الوزارة المدرسة الوطنية للإدارة وشبكة مراكز التكوين الإداري''· وحول المردود المالي المقدم من طرف البلدية التي تنال دعما من طرف الدولة بقيمة 60 مليار دينار سنويا، شدد أويحيى على ضرورة ''تحصين المداخيل المالية للبلديات والولايات لشد مستوى الرفاهية وتلبية حاجيات المواطنين· أما الجهاز البلدي الذي لا يحقق مدخولا، فلا حق له في الوجود أصلا''، حيث يجب أن ترقى البلديات إلى المستوى الذي تضمن فيه مداخيلها لتحقق استقلالية ذمتها المالية وسلطة اتخاذ القرار عبر التنسيق بين المنتخبين وممثلي الدولة للمحافظة على المصاريف·