دفاتر البنزين باسم وزراء سابقين و4 آلاف دينار لمهمة يومية على مسافة 50 كلم الجزائر تتقشف وديونها لدى حكومات أجنبية تفوق 400 مليون دولار
كشفت تقارير رسمية استمرار تمتع عدد من وزراء الحكومات المتعاقبة والمسؤولين بسيارات فاخرة وسحب وصلات البنزين بأسمائهم رغم مغادرتهم واستفادتهم من المنحة المتعلقة بالسيارات، فضلا عن صرف بعض الوزارات رواتب لموظفين وهمين أو تحرير أوامر بالتنقل في مهمات لأشخاص لا ينتمون إلى الدائرة الوزارية. كل ذلك يحصل في وقت أظهرت فيه التقارير التي أعدها مجلس المحاسبة تسجيل عجز كبير الدولة عن تحصيل الديون العالقة لدى عدد من المؤسسات والهيئات، وكذا الحكومات الأجنبية التي تدين لها الجزائر بما يزيد على 400 مليون دولار من شأنها أن تنعش الخزينة العمومية حيث بلغت ديون الخزينة 1.190.679 مليار دينار
الجزائر تتقشف مبقية على قروضها وديونها عالقة لدى حكومات أجنبية رغم أن الجزائر تعيش أزمة اقتصادية صعبة جدا، إلا أن الديون المدرجة ضمن عدد من الحسابات البنكية كقروض ممنوحة لعدد من الحكومات الأجنبية، ومختلف مؤسسات الدولة من شأنها أن تعيد التوازن للخزينة العمومية في حال تم استرجاعها. وتظهر تقارير مجلس المحاسبة تحوز "البلاد" نسخة منه، أن 23 حسابا يشمل ديون الخزينة المقدرة ب 1.190.679 مليار دينار، حيث بلغت قيمة القروض الممنوحة من قبل الخزينة 121.865 مليار دينار وجه منها 21.865 مليار دينار لتمويل مشاريع القطاع الاقتصادي منها 41.072 أي ما يعادل 4 ملايير دولار للحكومات الأجنبية و2.689 كقروض للموظفين لشراء سيارات. وبلغت قيمة التسديدات 46.852 مليار دينار. كما تظهر المعطيات أن هناك عددا من الحسابات لم تعرف أية حركة تسديد منذ 1996 دون القيام بإقفالها أو تطهيرها تتعلق بقروض لعدد من الدول على غرار السودان، جمهورية غينيا ومدغشقر.. وشكلت مختلف القروض التي منحتها الخزينة العمومية لمختلف المؤسسات عبئا كبيرا على الخزينة لعدم تسديد هذه القروض، حيث بلغت قيمة القروض الممنوحة من قبل الخزينة للبنك الجزائري للتنمية والمؤسسات العمومية عام 2014، حوالي 76.938 مليار دينار خصصت لتمويل مختلف المشاريع منها 55 بالمائة لصالح قطاع النقل و13 بالمائة للسياحة والباقي لصالح القطاع العمومي غير أن هذه القروض لم يسدد منها سوى نسبة ضئيلة جدا لم تصل حد واحد بالمائة. وشكل الدين العام 1.239 مليار دينار تمثل فيه ديون السوق أكبر نسبة بمقيمة تقدر ب775.5 مليار دج، في حين 463.5 مليار دينار ديون تطهير المؤسسات الاقتصادية التي لا تزال عالقة. وأظهر التقرير أن القروض التي منحت من قبل الخزينة العمومية للصندوق الوطني للسكن بلغت 96.337 مليار دج موزعة على أربع اتفاقيات اثنتين منها عبارة عن تسبيقات محولة كقروض، غير أن التعويضات قليلة جدا قدرت ب1.279 مليار دينار ولا تمثل سوى 1.33 بالمائة. أما القروض الممنوحة لوكالة "عدل" من قبل الخزينة فوصلت إلى 3.779 مليار دينار لتمويل المحلات التابعة للوكالة على مستوى التراب الوطني. موظفون وهميون برواتب خيالية وسيارات لملتقيات ملغاة تظهر وثائق رسمية أن عددا من المسؤولين والوزراء احتفظوا بسيارتهم بعد رحيلهم من الهيئات التي كانوا يمارسون مهامهم فيها على غرار وزراء قطاع المالية ما حال دون استرجاع الحظيرة السيارات لهذه المركبات على الرغم من استفادتهم أيضا من منحة السيارة الشخصية في الرواتب التي يتلقونها. وأشار تقرير مجلس المحاسبة إلى عدد من الوزراء على غرار وزير المالية السابق كريم جودي إلى جانب رئيس المجلس الدستوري حاليا مراد مدلسي من سيارات فخمة باسات، ورونو ميغان وبيجو 406، منتقدا تخصيص سيارات نفعية ومصلحية من قبل الإدارة لفائدة موظفين سامين رغم استفادتهم من منحة استعمال السيارة الشخصية، واعتبر مجلس المحاسبة ذلك خرقا للقانون. وأوضحت وزارة المالية في هذا الشأن أنها قامت باسترجاع هذه السيارات لحظيرتها رغم أن المعنيين يمارسون مهام عليا في رئاسة الجمهورية. كما أشار التقرير إلى اقتناء عدد من السيارات الفاخرة من أجل ملتقى اقتصادي تم إلغاؤه فضلا عن تسجيل استهلاك الوقود لسيارات معطلة تم إخراجها من الخدمة لكن مديرية الصيانة والوسائل قامت بمنح عدد من وصلات البنزين بقيمة معتبرة لهذه السيارات أو سحب دفاتر الوقود باسم أشخاص غير موجودين في الوزارة أصلا على غرار الوزير الأسبق بن أشنهو وجلولي بعد الحصول على دفتر الوقود وهو ما اعتبرته الوزارة في ردها أنه خطأ مطبعي وأنه لم يتم تحيين قائمة المستفيدين. في وقت استغرب المجلس صرف 34040 دج من أجل وصلات البنزين فقط في وزارة المالية، إلى جانب الوقوف على الإفراط في دفع مصاريف الصيانة لبعض السيارات القديمة، وعرفت المصاريف المخصصة للمهمات والتنقلات زيادة كبيرة حيث تم دفع 4 آلاف دج لأوامر بمهمات تقع في مجال 50 كلم وهو أمر مخالف للقانون، والأمر نفسه المسجل في وزارة الفلاحة، حيث تبين أنه تم دفع نفقة غير قانونية تتعلق بنفقات المهام بمبلغ يقدر ب1.152 مليون دج نتيجة تداخل بين تواريخ الأوامر بالمهمات، والدفع المزدوج لنفقات التنقل والمهام، بل ودفع نفقات تنقل ومهام لأعوان من خارج الدائرة الوزارية، وتسجيل استفادات غير قانونية لوصلات الوقود، إلى جانب دفع نفقات هاتف نقال بقيمة 1.290 مليون دج لبعض إطارات الوزارة دون سند قانوني. متقاعدون وموظفون من خارج الدائرة الوزارية يتلقون رواتب بشكل منتظم! رصد تقرير مجلس المحاسبة عدم التزام بالسحب الفوري للموظفين المغادرين سواء الذين أنهيت مهامهم لإحالتهم على التقاعد أو المغادرين بسبب الإحالة على الاستيداع على مستوى وزارة التضامن من جدول الأجور والاستمرار في دفع أجورهم لمدة طويلة، حيث تبين أن عملية سحب هؤلاء الموظفين من جدول الأجور لا تتم في أوانها إلا بعد مرور 6 أشهر على تاريخ المغادرة لضعف التنسيق بين مديرية الموظفين والتكوين ومديرية المالية والوسائل، وفي بعض الحالات عدم القيام بعملية السحب وهو ما ترتب عنه استمرار دفع أجورهم دون وجه حق. وزيادة على ذلك فقد رصد التقرير وجود سندات تحصيل عالقة دون تحصيل رغم أن أصحابها يزاولون وظائفهم ويتقاضون أجورهم إلى اليوم، ومنهم من يشغلون وظائف سامية بوزارة المالية ووزارات أخرى، ووقف على دفع غير مستحق للرواتب لفائدة أعوان موظفين غير موجودين. ضمان قائمة مستخدمي الوزارة بقيمة 4.777 مليون دج في وزارة الصيد البحري، حيث تم إحصاء 17 موظفا ضمن قائمة مستخدمي الوزارة في حين هم يعملون لفائدة المصالح اللامركزية والمؤسسات تحت الوصاية والتي تملك ميزانيات خاصة بها، وكذا دفع رواتب كاملة لموظفين تمت إحالتهما على التقاعد في وزارة الفلاحة. الجزائر تسيّر بلا "كوادر" وأزمة تكوين وكفاءات في الوزارات تعاني مختلف القطاعات الحكومية من أزمة موظفين سامين وإطارات عليا على الرغم من أهمية هذه المناصب في تحقيق أهداف الدولة وتنفيذ السياسة العامة باعتبار أن هذه الفئة تسهر على تنفيذ القوانين والقرارات الصادرة عن الدولة، لكن الملاحظ هو أن أغلب الوزارات تسير دون كوادر عليا، وسجل شغور في المناصب العليا على مستوى مختلف القطاعات الوزارية. وشمل هذا الشغور مختلف الوزارات حتى السيادية منها على غرار الوزارة الأولى التي سجل بها عجز في عدد المخصصة للإطارات العليا ب7 مناصب في رئاسة الجمهورية، وعجزت الوزارة عن برمجة دورات تكوينية في الخارج. أما في وزارة الخارجية فقدر عدد المناصب الشاغرة في السلك الدبلوماسي ب277 منصبا، وهو ما انعكس سلبا على التأطير الإداري للمصالح المركزية، في مقابل ذلك استهلكت الوزارة ما قيمته أزيد من 35 مليون دينار نفقات من أجل التكوين في الخارج. وتؤكد التقارير أنه على مستوى وزارة الداخلية سجل شغور في الوظائف السامية بنسبة 28.57 بالمائة في حين قدرت نسبة الشغور في المناصب العليا ب68.02 بالمائة عام 2016، في حين قدرت النسبة عام 2015 ب03.95 بالمائة بالنسبة للوظائف السامية. وأرجعت وزارة الداخلية العجز الذي تعاني منه بالنسبة للمناصب العليا إلى إحالة عدد كبير من الموظفين الذين كانوا يشغلون مناصب عليا على التقاعد العادي أو المسبق، وتعيين موظفين كانوا يشغلون مناصب عليا في وظائف سامية. كما اعتبرت أن القانون الوزاري المشترك الذي يحدد تنظيم الإدارة المركزية لوزارة الداخلية والجماعات المحلية في المكاتب قيد الدراسة على طاولة الوزير الأول، عبد المالك سلال، بعدما تمت دراسته من قبل لجنة مختصة وصودق عليه في جويلية الماضي. وذكرت وزارة الداخلية أن عملية التعيين في هذه المناصب العليا تبقى مرهونة باستيفاء مجموعة من الشروط التنظيمية الخاصة بالانتماء إلى الرتبة والأقدمية، بالإضافة إلى معيار الكفاءة، وبالتالي فإن عدم إيجاد تكفل بهذه المناصب راجع إلى غياب هذه الشروط لشغل المناصب العليا. وسجل ضعف كبير في تنفيذ عمليات التكوين وتحسين المستوى وتجديد المعلومات لصالح الإدارة المركزية والجماعات الإقليمية، ويعود هذا الضعف حسب الوزارة إلى نقص المؤسسات المؤهلة للقيام بالتكوين، وكذا الضغط الكبير لدى المؤسسات المتوفرة التي تتولى عملية التكوين لمختلف القطاعات الوزارية. من جهة أخرى التزام الإدارة بالتعاقد مع مؤسسة تكوين واحدة لإجراء عمليات التكوين وتحسين مستوى معلومات الموظفين من شأنه إبطاء وتيرة تنفيذ مختلف عمليات التكوين المسطرة، كما أن الإجراءات المتعلقة بالصفقات العمومية وصعوبة إيجاد مؤسسات تكوين مؤهلة لها الإمكانيات البيداغوجية واللوجيستية، غير أن الوزارة أكدت التزامها بدورات تكوينية لفائدة رؤساء البلديات والموظفين المكلفين بالاستقبال والتوجيه على مستوى الجماعات المحلية والمكلفين بالصفقات. أما في وزارة الأشغال العمومية التي تعاني بدورها من شغور في المناصب بنسبة 15.64 في المائة فإن الإشكال نفسه طرحه المجلس بالنسبة للمناصب العليا التي لا تزال بحاجة إليها الوزارة وبلغ عدد المناصب الشاغرة في هذا السياق 20 منصبا بنسبة 31.75 بالمائة، وهو ما يشكل عائقا في تسيير الأعباء المختلفة للوزارة، وفي وزارة النقل بلغت نسبة الشغور بالنسبة للمناصب العليا 42 بالمائة، في حين قدرت نسبة الشغور في المناصب المالية 22 بالمائة. وتعد هذه الوزارات عينات فقط عن مختلف القطاعات التي تطرق إليها مجلس المحاسبة منبها إلى وضعياتها في شق التأطير وما له من انعكاسات على الأداء الجيد على المستويات المركزية، حيث إن هذا العجز سجل حسب تقرير مجلس المحاسبة على مستوى مختلف الوزارات، وكانت له انعكاسات سلبية سواء فيما يتعلق باستهلاك الميزانيات أو التحكم في التسيير.