وزارات مولت مشاريع بطرق غير قانونية وملايير مودعة في حسابات غير مستغلة كشف تقرير أعده مجلس المحاسبة، عن تجاوزات في تسيير الحسابات الخاصة، وسجل وجود عمليات ترحيل غير سليمة لأرصدة بعض الحسابات، حيث أشار المجلس إلى وجود تباينات على مستوى الموازنات الافتتاحية وأرصدة نهاية السنة لبعض حسابات التخصيص، ونقائص على مستوى المصالح التي تتكفل بمتابعة العمليات المتعلقة بتسيير الحساب، وتحدث عن تجاوزات في تمويل بعض المشاريع من قبل عدد من الوزارات. وأشار تقرير مجلس المحاسبة حول قانون تسوية الميزانية 2012، إلى أن رقابة المجلس كشف عن عدة ملاحظات ونقائص في تسيير الحسابات الخاصة للخزينة، وهي نفس الملاحظة التي أبداها المجلس في تقاريره السابقة، وأشار التقرير اللجوء المفرط لتوسيع مدونة نفقات حسابات التخصيص الخاص، والتي تجاوز عددها 70 حسابا نهاية 2012. كما سجل التقرير غياب التنسيق بين المحاسبين المكلفين بتنفيذ عمليات هذه الحسابات والآمرين بالصرف، وكذا تجميد الأموال العمومية للحسابات الخاصة للخزينة، المعبأة منذ عدة سنوات، دون التوصل إلى استخدامها لتحقيق الأهداف التي تم إنشاؤها من أجلها، ولاحظ بأن تمويل حسابات التخصيص الخاص يتم من خلال اعتمادات الميزانية دون اللجوء إلى الموارد الخاصة المنصوص عليها في قوانين المالية، مما يجعل هذه الحسابات مرتبطة تماما بميزانية الدولة. وتطرق التقرير إلى الإجراءات التي جاء بها قانون المالية للعام 2012، والذي تم بموجبه إقفال حساب واحد، ويتعلق الأمر بالصندوق الوطني لتحضير الفرق الوطنية المشاركة في الألعاب الإفريقية، وتعديل كيفيات تسيير عدد من الحسابات، بالمقابل لم يتم فتح أي حساب جديد، عقب المبادرة التي قامت بها وزارة المالية، بغية التطهير والتقليص من عدد الحسابات الموجودة في مدونة الخزينة، وشملت التعديلات ثمانية حسابات. واستعرض التقرير وضعية الحسابات الخاصة للخزينة، وسجل وجود 103 حسابات خاصة بالخزينة، منها 23 حسابا لم يعرف أي حركة، وقال المجلس، بأن حسابات التخصيص الخاص لا تزال تحظى بالحصة الكبرى وهي 74 حسابا (72 بالمائة من الحسابات الخاصة بالخزينة) أما بالنسبة للفئات الأخرى فتنقسم إلى 12 حسابا للقروض (11 بالمائة) و 09 حسابات للمساهمة (9 بالمائة) و 04 حسابات للتسبيقات و 03 حسابات تجارية، وحساب واحد للتخصيص الخاص «منح». و فيما بتعلق بتسيير حسابات التخصيص الخاص، قال التقرير بأن هناك 06 مسيرين يتولون تسيير 39 حسابا من بين 74 أي ما يمثل نسبة 53 بالمائة، يتعلق بوزارة المالية (11 حسابا) الفلاحة (07 حسابات) الداخلية (07 حسابات) و الثقافة (06 حسابات) و الطاقة و الصناعة (04 حسابات). أما فيما يتعلق بالوضعية المالية للحسابات، فقد أفرزت الحسابات إلى غاية نهاية 2012، نتيجة ايجابية بلغت 1445 مليار دينار مقابل 3140 مليار دينار في 2011، أي بتراجع بنسبة 53 بالمائة، وتعود هذه النتيجة أساسا إلى حسابات التخصيص الخاص لا سيما تلك التي استفادت من إعانات ميزانية الدولة، وكذا صندوق ضبط الإيرادات والتي يشكل رصيدها الإجمالي مبلغ 15216 مليار دينار مقابل 13758 مليار دينار في 2011، أي بتطور قدره 10 بالمائة. وسجل التقرير، وجود عمليات ترحيل غير سليمة لأرصدة بعض الحسابات، حيث أشار مجلس المحاسبة إلى وجود تباينات على مستوى الموازنات الافتتاحية وأرصدة نهاية السنة لبعض حسابات التخصيص الخاص، ما أشار إلى وجود حسابات مزودة بقوة وبقيت جامدة ولم يتم تحريكها رغم أهمية الأرصدة التي تحتوى عليها، ويتعلق الأمر ب»الصندوق الوطني للطريق السريع» برصيد قدره 15,770 مليار دج، و «صندوق رفع مستوى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة» برصيد قدره 8,471 مليار دج، و»الصندوق الوطني لدعم المربين وصغار المستغلين الفلاحيين» برصيد قدره 07 ملايير دج و كذا «الصندوق الوطني لدعم الاستثمارات للكهربة والتوزيع العمومي للاستثمار» برصيد قدره 94,566 مليار دج. وأشار التقرير، إلى ضعف استخدام التخصيصات المرصودة في حساب «نفقات ترقية الادخار» والتي بلغت 6,360 مليار دينار نهاية 2012، ومنذ إنشائه كان استخدم التخصيصات المرصودة لهذا الحساب ضعيفا، ولم تمثل النفقات خلال السنة إلا 0,33 بالمائة من مجموع الإيرادات. كما سجل التقرير ضعف مستوى استهلاك الحسابات التابعة لوزارة الداخلية، ويقول مجلس المحاسبة أن نسبة استهلاك «صندوق تعويض ضحايا أحداث وذوي حقوق الأحداث التي رافقت الحركة من أجل استكمال الهوية الوطنية» المعرفة بأحداث منطقة القبائل، لم تتجاوز 10 بالمائة منذ إنشائه في 2010. نقائص في نظام الرقابة الداخلية على الحسابات وسجل التقرير، وجود نقائص على مستوى المصالح التي تتكفل بمتابعة العمليات المتعلقة بتسيير الحساب التابع لوزارة المالية وعدة دوائر وزارية أخرى وتلك المكلفة بتنفيذ النفقات، ويبرز ذلك من خلال الفوارق في السجلات المحاسبية لأعوان التنفيذ، ما يفتح المجال لترحيلات غير سليمة لأرصدة ختامية تعيق حسن متابعة الحساب، كما يتحدث التقرير عن فوارق في الوثائق الثبوتية للتكفل بالدين الجبائي وشبه الجبائي للمؤسسات المحلة، إضافة إلى عدم التزام المحاسب العمومي بإرسال إلى المديرية العامة، وضعية شهرية تتضمن كل العمليات المتعلقة بتسيير الحساب، إلى جانب ذلك، أشار التقرير إلى نقص التنسيق بين المديرية العامة للخزينة والمحاسبين وقباضة الضرائب، لا سيما فيما يخص تسديد ديون المؤسسات المحلة. وفي السياق ذاته، سجل التقرير عدم الامتثال للأحكام المتعلقة بشروط شراء الخزينة لديون المؤسسات العمومية، وذلك في إطار مخطط تطهير المؤسسات العمومية الاقتصادية، ولاحظ المجلس أن طبيعة تلك الديون جبائية وشبه جبائية، وكلفت ميزانية الدولة 13,701 مليار دينار سنة 2012، والتي مثلت 32 بالمائة من رصيد حساب «النفقات برأس المال». كما سجل المجلس عديد النقائص على مستوى «حساب دعم نسبة الفائدة على الاستثمارات»، منها فوارق في الميزانيات (17,382 على مستوى الميزانية الافتتاحية و 3,562 على مستوى الرصيد الختامي)، وكذلك نقائص في الوثائق المبررة لدعم نسب الفوائد على الاعتمادات الممنوحة، وأشار التقرير، إلى نقص عملية المراقبة على نفقات الصندوق، وذكر بأن الرقابة تتم من طرف عون واحد فقط رغم أهمية العمليات وتعقدها. ولاحظ التقرير عيوبا في الرقابة على طريقة تسيير «صندوق نسبة الفائدة على القروض الممنوحة للعائلات من أجل اقتناء مسكن»، ويتعلق الأمر بنقص الرقابة على الوثائق الثبوتية التي تقدمها البنوك، لا سيما قوائم التخفيض التي تعد غير مستوفية ولا مفصلة. وزارات خرقت القانون في تمويل بعض المشاريع النقائص التي سجلها المجلس في تسيير الحسابات، لم تقتصر على الرقابة، بل تعدت إلى حد تسجيل تجاوزات في تمويل بعض المشاريع من قبل عدد من الوزارات، ومنها وزارة الصيد البحري لا سيما ما يتعلق بتسيير «الصندوق الوطني لدعم الصيد التقليدي وتربية المائيات»، وقال التقرير أنه بعد فحص شروط تسيير الصندوق تم تسجيل ملاحظات أبرزها «تمويل غير مؤهل لثمانية عشر (18) مشروعا غير مسجلة في مدونة الإيرادات والنفقات للصندوق، وبالتالي فهي غير مؤهلة للتمويل» ما يشكل حسب التقرير «خرقا لأحكام القرار الوزاري المؤرخ في 09 نوفمبر 2005 المتضمن تحديد مدونة إيرادات ونفقات الصندوق». وفي نفس القطاع، سجل التقرير إنجاز سوقين للسمك على مستوى ولايتي بومرداس وجيجل بكلفة إجمالية تجاوزت 214 مليون دينار دون استغلالهما بسبب غياب التجهيزات، كما سجلت نقائص في تحصيل الإعانات الممنوحة للمستثمرين الخواص في إطار اقتناء وتجديد زوارق الصيد. أما بالنسبة لقطاع الفلاحة، فقد سجل التقرير، تمويل صندوق التنمية الريفية واستصلاح الأراضي، لنشاطات غير مؤهلة بمبلغ 27,764 مليون دج موجهة للتكفل بمصاريف سير خلية التطهير المنازعاتي المرتبطة ببرنامج استصلاح الأراضي، ويعد هذا التمويل –حسب المجلس- مخالفا للمادة 52 من القانون المؤرخ في فيفري 1984 المتعلق بقوانين المالية المعدل والمتمم. وقال التقرير، أن تغطية مصاريف استئجار مسكن المدير العام «للعامة للامتياز الفلاحي» تمت بغير حق من التخصيصات المرصودة لتمويل سير هذه الخلية، بمبلغ سنوي يقدر ب 840 ألف دينار، في حين أن أحكام قرار الوزير الأول رقم 531 المؤرخ في 14 جويلية 2011 لا تنص على التكفل بنفقات من هذا القبيل. وفيما يخص قطاع الثقافة، قال التقرير، أن الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي «لم تقدم أي حصيلة عن استخدام التخصيصات» وهو ما يخالف المادتين 06 و 10 من دفتر الشروط المحدد لالتزاماتها المنصوص عليها في القانون، كما أشار التقرير إلى غياب الرقابة من طرف الأمر بالصرف للتحقيق حول استعمال هذه الصناديق الثقابة للوزارة، وقال المجلس، أنه على وزارة الثقافة «إرسال إلى وزارة المالية، الحواصل المنصوص عليها قانونا، والتي يقتضي شمولها على مبالغ المساعدات والتخصيصات الممنوحة». كما أشار التقرير، إلى عدم تقديم الوزارة الحصيلة النهائية «للصندوق الوطني لتحضير وتنظيم مهرجان تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، وأشار إلى تجاوز في الاعتمادات المخصصة لمهرجان «الجزائر عاصمة الثقافة العربية». منظمة للطلبة تتصرف في 5 ملايير دينار من أموال التضامن الوطني أما بالنسبة للصندوق الخاص بالتضامن الوطني، التابع لوزارة التضامن، فقد سجل التقرير، وجود مبلغ مالي قدره 5,66 مليار دج، تم صرفه بواسطة «المنظمة الوطنية للطلبة الجزائريين» التي يترأسها موظف سامٍ في الوزارة برتبة «مكلف بالدراسات والتخليص مكلف بالتشريفات» وهذا من أجل إنجاز عمليات تضامنية، منها حافلات مدرسية والتكفل بإقامات تضامنية، ويمثل هذا المبلغ نسبة 92 بالمائة من نفقات الصندوق في 2012. ولاحظ التقرير، أن جمعية طلابية لوحدها تستفيد من مبالغ هامة صرفت دون رقابة مسبقة من الهيئات التنظيمية وخارج نطاق القواعد والإجراءات المعمول بها في مجال المحاسبة العمومية، وإبرام الصفقات العمومية، ويترجم هذا التصرف – بحسب التقرير- وجود «إرادة واضحة في التحايل على القوانين» في مجال تسيير الأموال العمومية . إعانات الدولة للفرق الرياضية حولت لتسديد أجور اللاعبين أما بالنسبة لصندوق دعم الأندية المحترفة، سجل التقرير، عدم احترام الأندية الرياضية لدفتر الأعباء، والقرار الوزاري المحدد كيفيات متابعة حساب التخصيص الخاص، والتي تنص على أن «يلتزم النادي المحترف بإرسال تقارير كل ثلاثة أشهر لوزارة الرياضة والفدرالية الجزائرية لكرة القدم يبرر فيها كل نفقاته».. وتابع التقرير، بأن وزارة الرياضة قامت في 2011، بمنح كل نادٍ رياضي مبلغ 10 ملايين دج لاقتناء حافلات، غير أن المراقبة سمحت بملاحظة أنه من بين 34 ناد ممول، 13 فقط من النوادي قدمت الوثائق المبررة لانجاز العملية، وفي 2012، تم تمويل ناديين دون وجود متابعة لاحقة من قبل الوزارة. وأشار التقرير، إلى أن الإعانات الممنوحة للأندية الرياضية، استعملت لأغراض أخرى غير الأغراض المخصصة لها، لا سيما تسديد أجور اللاعبين. وكشفت رقابة حسابات 23 ناديا رياضيا عن تسجيل مجموع إيرادات بمبلغ 2,06 مليار دج، وأن مبلغ النفقات المخصص للأجور بلغ 3,46 مليار دج أي بنسبة 167 بالمائة مقارنة مع الإيرادات.