إنتاج الجزائر السنوي 72 طنا من السمك و194 نوعا مهددا بالانقراض أضحت موائد غالبية الجزائريين خالية من طبق السردين والسمك بأنواعه، وإن كان في فصل الصيف يستطيع المواطن البسيط أحيانا اقتناء السردين، لكن في فصل الشتاء محرم على طاولته ولا يكاد يراه إلا في الأحلام، رغم أن أخصائيي التغذية ينصحون بتناول السمك، على الأقل مرة في الأسبوع نظرا لفوائده المتعددة على جسم وعقل الإنسان. استطلاع/ سعاد بوربيع السمك... لمن استطاع إليه سبيلا حين تزور سوق "الساعات الثلاث" بباب الواد تكتشف أن طاولات السمك تكاد تكون للعرض فقط، فالأسعار الملتهبة تفوق القدرة الشرائية للمواطن البسيط، وحتى ذوي الدخل المتوسط، فسعر السردين ب800 دج والجمبري ب2500 دج، وتبقى الأنواع الأخرى تتراوح بين 1000 و2000 دج. يقول عمي أحمد الذي التقيناه تائها بأفكاره أمام إحدى طاولات السردين "طلبت مني ابنتي الصغيرة السردين وعدد عائلتي 8 أفراد، هل يكفيهم كيلوغرام واحد من السردين؟" عندما تطلبه المرأة الحامل.. فقط أكد "محمد.ع" من ولاية المسيلة أن سعر السمك الطازج غال جدا، تصل أسعار بعض الأنواع مثل الجمبري إلى 5000 دج، والسردين 1200 دج. أكد "هشام.ب" من ولاية الجلفة ما قاله محمد عن التهاب الأسعار، وأضاف "السمك غير متوفر يوميا في الأسواق فإن أردت اقتناءه فعليك انتظار السوق الأسبوعية". وأضاف المتحدث أن بعض الزبائن عادة ما يضطرون إلى شراء السمك تلبية لرغبة زوجاتهم اللاتي يكن في وضعيات خاصة مثل الحول أو المرض أو من أجل الأطفال أثناء فترة الامتحانات. السمك المجمد حل وسط في ظل ارتفاع الأسعار يتوجه معظم المواطنين إلى اقتناء السمك المجمد، فهو وإن كان قد فقد الكثير من قيمته الغذائية يبقى الحل الأخير لبعض العائلات التي تشتاق إلى رائحة السمك في بيوتها، إذ يمكن للمواطن شراء الكمية التي يرغب فيها حسب قدرته الشرائية. أما بعض العائلات فتضطر لشراء أنواع معينة من السمك لأطفالها لتقوية الذاكرة أو بناء على نصيحة الطبيب. الدكتورة ليليا شلبابي: هكذا يفيد السمك أطفالكم أكدت الدكتورة شلبابي ليليا، مختصة في طب الأطفال والحساسية ل"البلاد"، أن السمك ضروري لجسم الإنسان ويحبذ تناوله مرة كل أسبوع على الأقل. وأشارت الدكتورة إلى فوائد السمك لكبار السن خاصة الذين يعانون من ارتفاع الكولسترول في الدم. وعن أهميته للأطفال تقول المختصة إن السمك يساعد على تنمية خلايا المخ لاحتوائه على مادة "أوميڤا 3" وهو خال من الدهون والزيوت. وشددت الدكتورة على أن أكل السمك مفيد للأطفال أثناء فترة الدراسة والاختبارات، لكن ليس في الأسبوع نفسه بل يجب تناوله قبل ذلك. وعن فوائد السمك المجمد أكدت المتحدثة أنه يمكن أن يفقد كل قيمته الغذائية إذا ما تمت إعادة تجميده، ويجب تناوله قبل 3 أشهر من تاريخ التجميد. 194 نوعا من الأسماك مهددة بالانقراض في السواحل الجزائرية صرح رئيس اللجنة الوطنية للصيد البحري، حسين بلوط، ل "البلاد"، بأن الجزائر لديها كل المؤهلات لتكون رائدة في مجال الصيد البحري، فعلى امتداد 14 ولاية ساحلية هناك 33 ميناء صيد ينشط فيها حوالي 55 ألف بحار معتمد، فيما يعمل أكثر من 12 ألف صياد بشكل فوضوي. وعن عدد قوارب الصيد أفاد المتحدث بأنها بلغت 5500 قارب معد لصيد السمك الأبيض، السردين والمرجان. وهذه القوارب تعمل على صيد ما يزيد على 194 نوعا من الأسماك تزخر بها السواحل الجزائرية أهمها الجمبري والسردين. ويضيف المتحدث أن الثروة السمكية في الجزائر مهددة بالانقراض إن لم تتخذ الإجراءات اللازمة ضد الصيادين الفوضويين. حسين بلوط: هذه أهم المخاطر التي تهدد الثروة السمكية عن أهم المخاطر التي تهدد الثروة السمكية في الجزائر، قال حسين بلوط إن أبرزها التلوث المائي ونهب رمال الشواطئ. كما يلعب الصيادون دورا كبيرا في إهدار هذه الثروة من خلال تصرفات غير مسؤولة أهمها: عدم احترام الراحة البيولوجية للأسماك، الصيد بالمتفجرات، عدم احترام قانون صيد الأسماك، خاصة فيما يتعلق بالأنواع المنقرضة. كما يعد قانون منع صيد السردين الذي يبلغ طوله أقل من 11 سم غير مطبق على أرض الواقع، حيث نلاحظ بيع سردين بطول 6 سم وهذا ما يهدر كمية البويضات عبثا. وانتقد المتحدث السياسة غير العادلة التي تنتهجها مؤسسة تسيير موانئ الصيد البحري التي تمنح "رخص الرصيف" بطريقة غير عادلة لأصحاب الشكارة فمن يدفع أكثر يحصل عليها، وهو ما يعزز سياسة إقصاء المهنيين من أهل القطاع. السمك يباع في البواخر! يقدر إنتاج الجزائر السنوي من السمك 72 طنا، وهو رقم محتشم مقارنة بالمغرب التي يصل منتوجه السنوي من السمك إلى مليون و50 ألف طن سنويا وموريطانيا 650 ألف طن. وهذا ما يدعو إلى مخطط استعجالي لتدارك الوضع. ويرجع رئيس اللجنة الوطنية للصيد البحري ارتفاع أسعار السمك إلى تحكم عصابات وبارونات تنشط في الموانئ ، وتبيع المنتوج وفقا لطلبات خاصة وعن طريق اتصالات هاتفية أثناء تحميله في البواخر. وهذا ما يجعله لا يخضع لقانون العرض والطلب كباقي السلع في الأسواق. نفوق 80 بالمائة من الأسماك بسبب "الشيخوخة" أكد المحلل الاقتصادي كمال رزيق، في تصريح ل"البلاد"، أن 80 بالمائة من الأسماك تنفق بسبب الشيخوخة وهذا يحدث في الجزائر فقط، لأن الصيادين يركزون على الشواطئ ولا يستغلون المياه العميقة والمنطقة الاقتصادية الحرة للجزائر والمقدرة ب35 كلم في عرض البحر. وقال المتحدث "إن هذا ما يجعل جودة السمك والكمية غير كافية، أما ما يتم اصطياده فيخضع لاحتكار ومضاربة مافيا البواخر والأسواق". أشار المتحدث إلى أهمية هذا القطاع الذي من شأنه أن يساهم في الاقتصاد الوطني، وذلك برفع الناتج الداخلي الخام واستحداث صناعة تحويلية عن طريق تربية المائيات، كما من شأن قطاع الصيد البحري أن يحسن المستوى المعيشي للمواطن ويوفر فرص عمل تصل إلى 600 ألف منصب عمل. وعن فرص التصدير، يقول محدثنا "إنه قطاع يتعلق مباشرة بالأمن الغذائي وهناك الكثير من الدول التي استغلت ثروتها السمكية، فموريطانيا مثلا تصدر إلى الاتحاد الأوروبي منذ عقود". هكذا رد الصيادون صرح بن عالية لخضر بائع سمك بالجملة ل "البلاد" بأن ظروف الصيادين المعتمدين غير جيدة، مقارنة بالصيادين الفوضويين الذين يخرقون القوانين ويحققون الربح على حسابهم. قال المتحدث إن سوق السمك يتحكم فيه التجار الذين يعيدون البيع. سعر السردين في سوق الجملة بلغ حوالي 300 دج، والجمبري 2500 دج. وفي هذا السياق، ناشد رئيس اللجنة الوطنية للصيد البحري وزارة الفلاحة والصيد البحري التكفل بمطالب الصيادين المعتمدين، وتوفير سيارة إسعاف وممرضين في ميناء الجزائر لضمان الأمن والسلامة. 120 مستثمرا سيدخلون مجال الصيد البحري مستقبلا كشف المدير العام للصيد البحري وتربية المائيات بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري، حموش طه، في تصريح له نهاية شهر جانفي، أن عدد المستثمرين في تربية المائيات بلغ شهر ديسمبر العام المنصرم 25 مستثمرا منتجا و120 مستثمرا أودعوا ملفاتهم لدى المركز الوطني للبحث في مجال تربية المائيات. كما أوضح المتحدث أن بعض المستثمرين في الجزائر أبدوا رغبتهم في خوض تجربة تسمين التونة لأن هذا النشاط غير موجود حاليا، ومع ارتفاع حصص الجزائر من التونة فباستطاعتها تسمينها وبيعها بالثمن الذي تباع به في الأسواق الدولية خاصة في اليابان إذ يصل السعر إلى 100 أورو للكيلوغرام بعد التسمين. ومع كل هذه المجهودات يبقى المواطن الجزائري البسيط يأمل في أن يعود السمك إلى سابق عهده حينما كان يسمى "لقمة عيش الفقير".