تثير الطريقة التي تنحى بها الرئيس المصري السابق حسني مبارك العديد من الأسئلة حول ''كواليس'' اللحظات الأخيرة في حياة النظام الذي عمر ثلاثين عاما قبل أن تسقطه الانتفاضة الشعبية، خصوصا أن دور الجيش لم يكن واضحا في العلن، قبل أن يخرج عبر ما صار يسمى ب''المجلس الأعلى للقوات المسلحة'' ويخاطب المصريين ويخبرهم بأنه يتولى زمام الأمور في خطوة تعكس صراعا بين قيادات المؤسسة العسكرية وحسني مبارك حول طريقة تسيير الأزمة. وفي الأثناء، كشفت مصادر مصرية رفيعة المستوى أن قرار الرئيس المصري التنحي عن السلطة جاء بعد تهديد قيادات الجيش له بتحويله للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى هو ونائبه عمر سليمان. وهنا لم يجد مبارك غير الانصياع لإرادة الملايين من المصريين والتنحي عن رئاسة الجمهورية وتكليف القيادة العامة للقوات المسلحة بإدارة شؤون البلاد، ليخرج سليمان عبر شاشة التلفزيون بوجه شاحب لم يألفه كثيرون في الرجل وينطق أخيرا ''قرر السيد الرئيس محمد حسني مبارك في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد التخلي عن منصبه وتكليف القيادة العامة للقوات المسلحة بإدارة البلاد''. من ناحية أخرى، لم يختلف مضمون تقرير نشرته صحيفة ''واشنطن بوست'' في عددها الصادر أمس، عن هذا الاتجاه، حيث تكشف الصحيفة نقلا عن مصادر تصفها ب''المسؤولة''، أن الجيش المصري وضع خطة يوم الأربعاء الماضي لإعفاء مبارك من سلطاته الأساسية، غير أن الرئيس قرر في اللحظة الأخيرة مساء الخميس الماضي تغيير الخاتمة من خلال إلقاء خطاب ظهر فيه أنه متمسك في منصبه. وذكرت الصحيفة أن مسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية و''البنتاغون''؛ أبلغوا عن خطة الجيش المصري لإعفاء مبارك من سلطاته الأساسية على الفور ووضع حد للاضطرابات التي بدأت في البلاد منذ أكثر من أسبوعين، مشيرة إلى أن الخطة التي ظهرت الخميس الماضي لم تكن تحدد مصير مبارك بشكل جلي، موضحة وجود سيناريوهين، فإما أن يترك منصبه أو أن ينقل سلطاته، غير أن الرئيس مبارك قرر في اللحظة الأخيرة تغيير الخاتمة وفاجأ العديد من مساعديه بخطاب بدا فيه أنه متمسك بالسلطة. وقال المسؤولون إن الخطاب فاجأ البيت الأبيض وأغضبه وأغضب المتظاهرين ودفع البلاد باتجاه الفوضى. وهنا، تقول ''واشنطن بوست'' إن قادة الجيش واجهوا مبارك بإنذار أخير ''تنحى طوعا أو ستجبر على ذلك''.