لا يهم أن تستمد تجاربك من إخفاقات الحياة؛ فلا أحد علمته الحياة قبل أن يخوض تجاربها مباشرة ومن دون أي سابق إنذار... الإخفاق لا يعني بالضرورة الانصياع للفشل والهزيمة، إنه المحطة التي كان ضروريا أن تسبق نجاحك... إنه القدر وهذه هي تجارب الحياة ودروسها التي تعلمنا إياها مع إطلالة أو غروب شمس كل يوم جديد. لم يسبق أن مر الجزائري بمثل هكذا خطاب يائس ومحبط ومعبر عن أزمة وشيكة... لا يمكن نعم أن ننسى بأننا بلغة الاقتصاد والإنتاجية لعبنا لعبة الصرصور... كنا نعزف لحن البحبوحة المالية على مستوى السلطة ونفس اللعبة على مستوى الشعب الذي لم يشمر على ذراعيه ولعب لعبة صرصور وكالة دعم وتشغيل الشباب أونساج. وكأنه لا يوجد في لغة الاقتصاد سوى أن تكون رهينة لبنك. التبعية والجوع! لا ينبغي اليوم أن تتراجع خطوة إلى الوراء؛ لأن الهاوية صارت خلفنا؛ والمصيبة الكبرى أن التردد والانتظار أيضا سيجعل من رقعة الهاوية تتسع أكثر فأكثر لتسقطنا في دوامة الفشل والتبعية والجوع!. نعم؛ كما قال أويحيى "الموس وصل للعظم"؛ لكن ما لك يقله الوزير الأول أن طعنات "الموس" كانت تتوالى وتغاضينا الشعور بآلام وجروح سببتها؛ بل تأخرنا حتى في علاجها ووقف النزيف؛ إلى أن اخترق هذا "الموس" كل الجلد والعضلات والأعضاء ووصل إلى العظم. لا يمكن بلغة الإقتصاد أن تستمر حكومة في عمق الأزمة؛ أن تواصل لعب دور الضحية والمنقذ في آن واحد. إلا إذا كان هذا الخطاب يبني لمرحلة قادمة؛ فحواها أساسا هو السياسة ومنصب أعلى يطمح فيه صاحبه. خبراء بلا خبرة! لا بد أن تعترف الحكومات المتعاقبة ومن كانوا في مناصب عليا؛ بفشلها في الإنصات للخبراء في شتى المجالات خصوصا لغة الاقتصاد؛ فالمعاملة التي لم توفق هذه الأخيرة في حلها؛ كان حلها وتفكيك رموز النجاح في اجتياز عقبة امتحانها بيد خبراء قالوا ونبهوا كثيرا لخطورة الوضع وللمآل المحزن الذي نشهد أهم فصوله اليوم؛ أو على الأقل منذ تولي أحمد أويحيى لمنصبه كوزير أول؛ لأنه وقبل ذلك لم يكن الخطاب سوداويا كما اليوم، وكأن القائل في عبارة "يخوفوا فينا" قد صدق في كلامه؛ خصوصا حين قال الوزير الأول بأن "الخزينة فارغة" وأننا نعيش في الجحيم وأكثر من هذا كله أن أجور شهر نوفمبر تعجز الخزينة عن تسديدها؛ وكأن هذا "نوفمبر" كان بعيدا بسنوات ضوئية على الحكومة والسلطة التي كانت قبل أشهر تدير الدولة بحكومة عبد المجيد تبون !!. المهم اليوم أن الراهن والواقع حقيقة عشناها ونعيشها؛ وكأن المواطن لم يكن من قبل متكاملا لأعباء فواتير عدة وبالزيادات والضرائب المفروضة عليه. واليوم صار الحديث عن إفلاس شركة مثل سونلغاز؛ والكل يعلم بأن إصداراتها تعيش منذ تأميم هذه الشركة في بحبوحة لا مثيل لها؛ رغم الفساد والاختلاس والنهب والتلاعب الذي عاشته ولا تزال. مؤسسات مفلسة! حتى شركة سونطراك التي تراجع دورها في اقتصاد الريع كانت عاجزة كما اليوم على أن تقود التنمية والتنوع وتحقيق الأرباح والاستثمار في بلدان أخرى... لكنها وللأسف الشديد الذي لا يتماشى مع لغة الاقتصاد لا يمكن الاعتراف به لأن صاروخ وليس قاطرة التطور قد ابتعدت عنا بسنوات وسنوات. في لغة السياسة بيع الوعود الزائفة نجاح وخيار لابد منه!. وفي لغة الإقتصاد والسلم الإجتماعي الميدان والأرقام هما الحكم. أما وأن يقول أحمد أويحيى بأن الشعب الجزائري يعرف أين ذهبت الألف مليار دولار؛ فهو الطامة الكبرى؛ فإذا كان النواب أنفسهم يجهلون مصير هذا المبلغ المالي الضخم جدا في لغة الإقتصاد؛ كيف للمواطن الذي لم يحصل على سكن ولا عمل ولا على تعويضات من مصائب وكوارث حلت به أن يعرف...!. عجز وديون وهو نفس الجواب السؤال الذي أعاد طرحه الشارع الجزائري وتحديدا مواقع التواصل الإجتماعي على الوزير الأول... نحن لا نعلم!. قبل الأزمة قال الخبير بن بيتور بأن الخزينة ستصبح فارغة بلغة الإخفاق؛ لكن لا أحد إهتم؛ لأننا وبصراحة ننسى بأن ما يقوله أي خبير ولو لم تتفق مع توجهاته السياسية يدخل في خانة الثراء الفكري والخطط الإقتصادية التي تتجسد من وحي مقالاته أو تصريحاته...!. واليوم تصدم الحكومة الشعب بتصريحات جديدة؛ حيث خرج وزير المالية ليقول بأن احتياطنا النقدي قد ينخفض إلى 97 مليار دولار قبل نهاية السنة. عبد الرحمان راوية يضيف بأن احتياطات النقد الأجنبي كانت 105.8 مليار دولار في جويلية الماضي. وتضاف إلى هذه التصريحات أخرى لمدير الصندوق الوطني للتقاعد الذي يقول هو الآخر بأن 6.8 ملايين مساهم يحتاجون إلى ألف مليار دينار سنويا دون احتساب مساهمة الدولة. الكل يشتكي بما في ذلك صندوق التقاعد... ومعاشات المتقاعدون في خطر أيضا!. لكن كل هذا لم يتم كشفه إلا منذ أيام ودفعة واحدة... ليتفاعل الشعب مع السنوات العجاف التي تنبأ بها هو قبل حكومة أويحيى وتصدمه هي به هذه الأيام بجرعة مركزة وقاتلة بل محبطة وبائسة جدا. المهم أن المواطن ليس لديه ما ينشره فحياته في تقشف منذ سنوات ولو كان رفع الأجور حجة للحكومة لتتحدث عن تحسين القدرةر الشرائية للمواطن. واليوم على الحكومة أن تشمر على سواعدها وعلى أجهزة مكافحة الفساد أن تقوم بدورها لاسترجاع ما نهب من ثروات البلاد لتمتلء الخزينة الفارغة!. بقلم: زبير فاضل إعلامي وكاتب [email protected]