الغرب في تعامله مع العرب رابح على الدوام، سواء في الحرب أو في السلم أو بينهما، فحجم الأموال العربية المودعة هناك تصل إلى حدود تريليون مليار دولار، حسب آخر الأرقام. وأموال الجزائريين وحدها المودعة في بنوك سويسرا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا بحساب تلك المودعة في شكل سندات في الخزانة الأمريكية تصل إلى حدود 150 مليارا، حسب أرقام لويزة حنون، وهذا الكم الهائل من المال الذي لا يوظف داخل البلدان العربية والإسلامية. وهي الأكثر فقرا وتخلفا وأشد حاجة إليه، تأكل جزء منه بفعل أزمة الرهنات العقارية العالمية مع عجز ملايين الزبائن عن تسديد قروضهم العقارية وانهيار البنوك، فكانت ملايين الدولارات العربية هي الملاذ الآمن والحلّ العملي، مع تقديم إسعافات نقدية تتجاوز المائة مليار دولار كما حدث مع اليونان أو مع إيرلندا وحتى إسبانيا والبرتغال. وعندما تخرج أصوات في أمريكا تطالب العرب بأن يدفعوا ثمن صواريخ توماهوك وحتى ''توم وجيري'' وتكاليف الغارات الجوية، بعد أن يتم حسابها بالدورو والسنتيم كما هو الحال في الحرب ضد القذافي، فإن تلك المطالبات لم تأت في الحقيقة بجديد أو بشيء مفيد، فدول الخليج العربي هي التي موّلت بالكامل تقريبا حرب الخليج الأولى والثانية ضد نظام صدام حسين، والباقي مازال يقتطعه الأمريكيون من بترول وعرق العراقيين الذين يحكمهم قوم فاسدون، والحرب على ليبيا لزحزحة العقيد الذي حكم أكثر من 40 سنة ويريد أن يزيد دون أن يحقق إنجازات كبرى. باستثناء النهر الصناعي العظيم ستتكفل بها نفس الأطراف تقريبا، ثم يدفع الليبيون البقية ولو على أقساط مقابل تحريرهم من شر البلية! وهذا معناه في كل الأحوال أن العرب هم وحدهم الذين يخسرون في زمن السلم والحرب، لكن الخسارة الأكبر ألا يتعلموا من غبائهم السابق، إن نجحت ثوراتهم الشعبية ولم تحقق لا قدر الله ماهو مطلوب منها من حكم مدني وحرية أكبر وقدر من النمو، بما فيه نمو الفكر.