يعيد الاحتفال بذكرى ''يوم العلم'' المصادف للسادس عشر أفريل من كل سنة، الحديث عن موضوع ''الفكر الإصلاحي'' الذي نادى به مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ عبد الحميد بن باديس من أجل ''الحفاظ على الهوية الوطنية والقيم الإسلامية''. وضمن هذا الإطار، يعتقد نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين، الدكتور عمار طالبي، في حديث ل''البلاد''، أن الجهود الإصلاحية الكبيرة التي قام بها بن باديس في عصره والرسالة التي تبناها. كانت تهدف إلى إصلاح الأمة من جميع جوانبها الأخلاقية والثقافية والتاريخية والوطنية، خصوصا ما تعلق منها بالجانب الديني واللغوي، حيث كان حريصا عليهما. وأوضح المتحدث أن العلامة الراحل وظف في الدفاع عن اللغة العربية والإسلام ومبادئه السمحة، كل الأدوات الإعلامية المتوفرة على غرار المساجد والمدارس والنوادي والجرائد التي كانت تصدرها الجمعية ك''المنتقد'' و''الشهاب'' و''الشريعة''، مضيفا أن ابن باديس كان دائما يغلب مصلحة الأمة على المصلحة الخاصة، ويعتبرها ''مصدر السلطة وقوامها''، ومن ثم لابد أن تستشار في كل الأمور، مشيرا إلى المنهج الواضح الذي اتبعه الشيخ في بعث رسالته، والذي كان مناهضا للاستبداد، واصفه إياه ب''مصيبة المسلمين''. وفي السياق ذاته، اعتبر الدكتور طالبي أن رسالة العلامة بن باديس لم تتم بعد، ولا تزال متواصلة، مستدلا في ذلك بالأوضاع التي يشهدها العالم العربي الإسلامي، وحملات التنصير التي أصبحت تهدد كيان الأمة الإسلامية، ومنها الجزائر، إلى جانب اللغة العربية التي لم تأخذ حقها بعد. ودعا في الوقت ذاته، إلى ضرورة تضافر الجهود والوقوف من أجل إصلاح أحوال المجتمع، وذلك عن طريق تحديد ثقافته في دينه وتقوية لغته وبث الوعي في الناشئة. وأشار المتحدث في هذا الإطار إلى المجهودات التي تقوم بها جمعية العلماء برئاسة الشيخ عبد الرحمن شيبان من خلال جريدة ''البصائر'' الأسبوعية التي لا تزال حسبه تواصل طرحها للقيم والمبادئ الإسلامية والوطنية التي نادى بها المؤسس الشيخ عبد الحميد بن باديس. من جهة أخرى، أكد الكاتب والقاص مصطفى فاسي في حديث ل''البلاد''، أن الفكر الذي نادى به عبد الحميد بن باديس تجاوزته الفترة التي نعيشها في الوقت الراهن، مبررا ذلك باختلاف العصرين، حيث إن الأفكار التي طرحها الشيخ آنذاك كانت تعبر عن انشغالات عصره في ظل الاستعمار، حيث كانت كلها تدعو إلى ترسيخ مبادئ الهوية الجزائرية من مناداة بالعروبة والإسلام التي كانت تقف حاجزا منيعا أمام السياسة الاستعمارية في محاولاتها لطمس الهوية الجزائرية ومحوها نهائيا من أجل تسهيل مهامها التوسعية، مضيفا أن الوضع الذي تعيشه الجزائر اليوم بات مختلفا، فالبلاد استردت حريتها وأصبحت تنعم بالاستقلال، وكل الوسائل الإصلاحية لابد أن تطرح بشكل مغاير لما كان في الفترة الاستعمارية، لأن هموم المجتمع حسبه أصبحت أكبر وتتعداه إلى مجالات أخرى كالصحة والعمل وتطوير التعليم وتعميق الثقافة بالشكل الذي يسمح بمسايرة مقتضيات العصر. ونوه محدثنا بالدور الذي لابد أن يلعبه المثقف في المجتمع باعتباره رمزا للفكر والوعي المتجذر في عمق الثقافة. كما دعاه إلى المشاركة في إصلاح المجتمع ومعايشة ''نبضاته'' عن طريق طرح القضايا الكبرى التي تهم عصره وعدم الانحصار في المسائل الضيقة، على حد قوله.