البلاد - لطيفة.ب - فتحت الغرفة الجزائية لدى مجلس قضاء الجزائر، فضيحة من العيار الثقيل، هزّت المجلس الشعبي البلدي للحراش، من خلال إبرام صفقات مخالفة للقانون في إطار اقتناء معدات واقتناء هدايا آلت إلى هدر المال العام، في قضية تورط فيها رئيسان سابقان للمجلس الشعبي البلدي ونواب به وتجار. وانطلقت حيثيات هذه القضية بتاريخ 16 مارس 2014، بموجب شكوى تقدم بها (ص.ر)، نائب عن المجلس الشعبي البلدي مكلف بالاقتصاد والمالية، أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة الحراش، مفادها قيام رئيس المجلس الشعبي البلدي آنذاك، وبعض الموظفين، بتجاوزات خصت إرساء صفقتي 3 حصص و4 حصص لاقتناء مختلف اللوازم والمعدات على متعاملين محددين مسبقا، وذلك حسبه من خلال التلاعب في وثائق لجنة تحليل العروض، حيث تم إفشال هذه المحاولات يضيف من قبله. وأجبر رئيس البلدية على إلغاء الصفقتين وتحويل الموظفين المتسببين فيها، ومحاولة تمرير الصفقتين السابقتين بعد الإعلان عن استشارة أخرى لنفس الأشخاص، وإبطالها في آخر لحظة من قبل المراقب المالي، إلى جانب إبرام صفقات إيجار شاحنات بالتراضي مخالفة للتشريع المعمول به في مجال الصفقات العمومية، واقتناء معدات ولوازم بموجب طلبيات فاقت قيمتها 700 مليون سنتيم دون اللجوء إلى تنفيذ إجراءات الصفقات العمومية، تصليح سيارات قديمة تعود لسنة 2003، بمبلغ خيالي قدر ب 110 ملايين سنتيم، وهي محل حجز لدى شركة "رونو"، فضلا عن التلاعب والاختلالات الواضحة في وثائق بيان عمل الشاحنات المستأجرة ما بين مصلحة النظافة وحظيرة السيارات، تضخيم مقتنيات الأجهزة الإلكترونية من شاشات تلفاز، هواتف نقالة وأجهزة إعلام آلي محمولة وغير محمولة وتقديمها كهدايا في مناسبات، نظمتها البلدية دون تحديد هوية المستفيدين منها، أو وجهتها، أو تقديم وصولات الاستلام للإدارة. وعلى إثر هذا، أمر رئيس مجلس قضاء الجزائر بتعيين قاض خارج دائرة اختصاص محكمة الحرا، للنظر في الملف الذي آل لمتابعة 14 متهما موقوفا، منهم (ب.ع.د) أمين عام ببلدية الحراش، وغير الموقوفين كل من (ا.ع) رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية الحراش، (ب.ن.د) متقاعد، (ر.إ) رئيس مصلحة الوسائل العامة ببلدية الحراش، (ب.ش) متقاعد كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس شعبي بلدي، ورئيس لجنة تقييم العروض، (ل.م) عون مهني بمكتب المالية لبلدية الحراش، (م.غ) نائب الرئيس المكلف بالشؤون الاجتماعية، (ص.و.ع) نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي، (أ.ح) تاجر، (م.س) متقاعد، (ك.ب) تاجر، (ه.ع.ل) مقاول، (م.م.أ) تاجر، حيث نسبت لهم تهم تبديد أموال عمومية واستعمالها على نحو غير مشروع، إساءة استغلال الوظيفة، مخالفة الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل في مجال الصفقات العمومية بغرض منح امتيازات غير مبررة للغير والتزوير في وثائق عمومية بتزييف جوهرها.
الأمين العام يتبرأ وخلال سماع الأمين العام لبلدية الحراش الموقوف، أنكر التهم الموجهة له، حيث أكد أنه يشرف على أمانة البلدية منذ أكتوبر 1999. وبخصوص ما تم تداوله بشأن قضية الحال، بما يتعلق بالمناقصة الوطنية المفتوحة المعلنة من بلدية الحراش في أفريل 2013، لتموين البلدية ب22 حصة من مختلف السلع والمعدات، فلقد انطلقت عملية إعلان المناقصة بطريقة "جد عادية" من قبل المكلف بالصفقات. واستوفيت جل الإجراءات الأولية إلى غاية انعقاد لجنة فتح الأظرفة ولجنة تحليل العروض، التي تمت حسبه بطريقة قانونية، وأنه اكتشف عن طريق الصدفة أنه تم منح طلبيات شراء بالتراضي دون إعادة أي اتفاقية فيما يخص حوالي 800 مليون سنتيم، ولم يتم موافاته بأي بريد، حيث كانوا يتعمدون عدم إبلاغه بذلك، كما كانوا يحرصين على تمرير البريد من مصلحة الوسائل العامة إلى مكتب رئيس البلدية، فقام هو بمراسلة مصلحة الوسائل العامة عن طريق تكليف لإعطاء توضيحات حول اقتناء عديد المواد دون احترام القانون. كما أنه كان سببا في إلغاء المنح المؤقت وتوقيف دفع مستحقات فاقت قيمتها 110 مليون سنتيم بعد رفضه التأشير على حوالة الدفع. أما بخصوص اقتناء ألبسة أعوان أمن البلدية، فقد علم أن المراقب المالي رفض مؤقتا التأشير على الاتفاقية بسبب إدراج كلمة "ألبسة أمن" التي لا تدخل حسبه في حالة شراء مثل هذا النوع من الألبسة، إلا أن رئيس البلدية واصل عملية الاقتناء الفعلي، وبصفته الأمين العام لم يطلعه أحد بذلك، ولم يصبح رئيس البلدية يثق في شخصه وأصبح يحتفظ بالأمور التي ترفض، وما قاده لتبليغ الوالي المنتدب بتاريخ 21 أكتوبر 2013، عن التجاوزات الخطيرة في التسيير، وطلب لجنة تحقيق حول اقتناء أجهزة إلكترونية كهدايا تتكفل بها لجنة الشؤون الاجتماعية، والتي تم فيها تضخيم الفواتير، بمبلغ إجمالي قدرهُ 287 مليون سنتيم.
...ورئيسا البلدية والأعضاء ينفون من جانبه، فنّد (ب.ش)، نائب رئيس المجلس رئيس لجنة العروض، التهم الموجهة إليه، مؤكدا أن لجنة تقييم العروض استقبلت 6 أظرفة من لجنة فتح الأظرفة التي انعقدت باليوم ذاته، وتمت دراسة مدى توافر الشروط المحددة في المناقصة التي رست على الممون "الجوهرة" بمبلغ مالي قيمته 12.012.600,95 دج، نافيا التحايل في إجراءات تقييم العروض أو استبدال ممون بممون آخر، أو خرق لأي إجراء قانوني. كما صرحت (م.غ) بصفتها نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي مكلفة بالشؤون الاجتماعية، أن مهامها تكمن في عضويتها في لجنة إعادة إسكان أصحاب البيوت القصديرية والهشة، كما تقوم بتنظيم احتفاليات في المناسبات طيلة السنة، ما استدعى إبرام اتفاقيات في بداية كل سنة، مع ممونين حسب الحاجة، بناء على ما تضمنته الاتفاقية من هدايا مقدمة تكون مبررة بموجب وصولات تسلم لأصحابها، كما أنها ترأست لجنة فتح الأظرفة، خصت اقتناء مختلف اللوازم والمعدات، سواء المتعلقة بالنظافة أو الترصيص والطلاء ومواد البناء وغيرها، لكنها لم تقم بتزوير أي وثائق عمومية مهما كانت، أو تزييف جوهرها خلال فترة عهدتها الانتخابية. بدوره، أنكر (أ.ع.ك) رئيس بلدية الحراش الذي انتهت عهدته عام 2012، التهم الموجهة له، مؤكدا أنه وبناء على تعليمة وزارة الداخلية، في إطار حملة نظافة المحيط التي شهدتها بلدية الحراش، تم إبرام اتفاقية لحمل النفايات الصلبة، تولى استئجار شاحنات لنقل النفايات بالاتفاق مع مقاولين وفقا للقانون، وبنهاية عهدته، كان قد استهلك حوالي 50 بالمائة من الاتفاقية، وأوقف المقاولين عن العمل وترك الاختيار لرئيس البلدية الجديد لاستكمال الأشغال، مؤكدا أنه استهلك 200 مليون سنتيم من أصل 400 مليون سنتيم. وعلى هذا الأساس، تم استجواب كافة المتهمين ممن أنكروا جميعا التهم الموجهة لهم، وهو ما لم يرق لممثل الحق العام الذي التمس إدانتهم بعقوبات مشددة، فيما تأسست كل من ولاية الجزائر والوكيل القضائي للخزينة العمومية طرفا مدنيا، وذلك إلى حين البت في حكم بجلسة لاحقة.