يعيش الجزائريون، اليوم الأحد 21 أفريل 2019، يوما مشهودا سيسجله التاريخ، أنه اليوم الذي شرعت العدالة الجزائرية في محاسبة "الحيتان الكبيرة" مثلما يصطلح عليها الشعب، وهي شخصيات نافذة في السلطة خلدت فيها عشرات السنين، ولطالما كانت محل شبهة في كبرى قضايا الفساد، لكنها تفلت منها كالشعرة من العجين. مزق الحراك الشعبي السلاسل الحديدية التي كُبلت بها أيادي جهاز العدالة، ليرى الجزائريون نور الحساب في يوم مشهود، استُدعي فيه أكثر المسؤولين التنفيذيين مكوثا في السلطة، أحمد أويحيى، متنقلا بين مسؤوليات في الجهاز التنفيذي مترئسا تسع حكومات وبين رئاسة الجمهورية على مدار ثلاثة عقود من الزمن. أويحيى، الذي سيمثل في هذه الأثناء أمام محكمة سيدي امحمد، لن يكون وحيدا، حيث سيتبعه في التحقيق مدير البنك المركزي السابق، محمد لوكال، الذي كان مديرا لبنك الجزائر الخارجي قبل ذلك، والمسؤول عن حركة الأموال إلى الخارج ثم "رُقي" وزيرا للمالية، سيراه الجزائريون اليوم، وهو الوزير في حكومة بدوي المطرودة شعبيا، يمثل أمام المحكمة الابتدائية بسيدي امحمد. الحراك يمزّق سلاسل كبلت جهاز القضاء على مدار عقود من الزمن لم يكن الجزائريون بعد ثمان جمعات من المظاهرات المليونية، يبحثون عن التغيير بقدر ما كانوا يرفعون شعار "حاسبوهم"، الواضح أن قناعتهم ثابتة أن لا تغيير مادام جهاز القضاء لم يكبل "السُراق". اليافطات المرفوعة عبر كبرى المدن والولايات يطالب بالعدل شعارات ضخمة يؤكد فيه الشعب للحكام أن "العدل أساس الحكم". الجيش يرمي الكرة في مرمى القضاء وبدا واضحا أن المؤسسة العسكرية، التي تلعب إلى غاية اليوم دور المراقب، وتكتفي بتقديم توجيهات لتسيير الأزمة السياسية التاريخية التي تعيشها الجزائر، قد وجهت رسالة واضحة إلى جهاز القضاء، بأن الدور اليوم يقع عليها، بعدما حررها الحراك الشعبي من التعليمات الفوقية، أبعد من ذلك أمر الجيش بفتح ملفات "الخليفة"، "سوناطراك" و"البوشي" وقضايا أخرى، يرى الجزائريون في غالبيتهم أنها لم تُعالج بالصورة العادلة الصحيحة، وأفلت منها مسؤولون نافذون في السلطة، كل من استُدعوا إليها انتهى دورهم ك "شهود". وبعد حوالي شهرين من شروع الأجهزة الأمنية في التحقيقات، لاسيما مصلحة الدرك الوطني بباب جديد، بلغت اليوم الملفات مرحلة تحريك الاستدعاءات لمثول النافذين أمام المحكمة باسم الشعب. الجزائريون يستقبلون أويحيى بعلب الياوورت وكان الجزائريون منذ الساعات الأولى من الصبيحة، قد التفوا حول مداخل محكمة سيدي امحمد، حاملين علب وقارورات "الياوورت" لاستقبال أويحيى ومرافقه محمد لوكال. الشعارات كانت تطلب الحساب "الشعب يريد يتحاسبو قاع"، "يا أويحيى دزاير ماشي سوريا"، وأخرى تدعو إلى محاسبة البقية: "مازال مازال مازال سلال".