البلاد.نت- حكيمة ذهبي- لا تستقيم حملة مطاردة "العصابة"، وإبقاء مؤسسة الجمارك على هامش "التطهير"، سيما وأن هذه المؤسسة التي يسميها عامة الجزائريين ب "دولة في دولة"، تعيش وضعية استدعت إدخال هذه المؤسسة في صلب التغيير واجتثاث ممارسات بقايا "العصابة" منها. مع انطلاق الحرب ضد "العصابة" كانت من بين أبرز المؤسسات التي لحقتها حملة "التطهير"، على شكل تغييرات مست المدير العام ومدراء ولائيين وآخرين مركزيين، في انتظار أن تشمل الجانب التشريعي والرقابي. وعرفت "الجمارك" الجزائرية، في أعقاب "الحراك"، تشديد الإجراءات الرقابية على المعابر الحدودية، سمحت لها أن تسجل عمليات نوعية في تهريب العملة الصعبة، التي يقول خبراء، إنها قد تكون لرموز "العصابة".
تغييرات بالجملة مست المدير العام ومدراء جهويين ومركزيين وكانت مصلحة الجمارك، أولى المؤسسات التي شهدت تغييرات جوهرية، بدء بالمدير العام، حيث عين محمد وارث مديرا عاما للجمارك. كما تم تعيين مدير جديد للاستعلام وتسيير المخابر، سفيان خياري، خلفا لملياني عمار الذي أنهيت مهامه، كما عين جيجيق ليلى بصفتها مديرة عامة للمنازعات وتأطير قباضات الجمارك خلفا لعبالو ابراهيم الذي أنهيت مهامه. وعين سيد العربي وأولصاح نور الدين بصفتهما مديرا دراسات في الجمارك، فضلا عن تغييرات أخرى.
عمليات نوعية في حجز العملة الصعبة بالمطارات شهدت عمليات تهريب الأموال لاسيما بالعملة الصعبة، منذ انطلاق "الحراك"، تزايدا مطردا، حيث تصدت مصالح الجمارك في الشهرين الأولين من المظاهرات الشعبية، ضبط أكثر من 120 ألف أورو وقرابة 15 ألف دولار أمريكي، كانت في طريقها إلى التهريب أو بصدد دخول التراب الوطني أو التداول دون تصريح، أصحابها، أجانب وجزائريون، يحاولون تهريبها لإسطنبول التركية ومدن أخرى أو إدخالها إلى التراب الوطني دون تصريح، أو تداولها. واستمرت العملية، فقبل يومين، سجل أعوان الجمارك على مستوى مطار "هواري بومدين" الدولي، عملية حجز 107800 أورو، أثناء مراقبة رحلة ذهاب إلى مدينة دبي الإماراتية، كانت مخبأة بإحكام في باطن الأحذية وفي بطاريات الهواتف داخل أمتعة المسافر. وبتاريخ 4 نوفمبر حجز الأعوان 82640 أورو و15549 دولار أمريكي، على مستوى مطار الجزائر الدولي بالعاصمة، أثناء مراقبة رحلة ذهاب إلى مدينة باماكو المالية.
حالة استنفار قصوى لمحاربة التهريب اشتدت مع الوضع الاستثنائي للبلاد ويرى المهربون وتجار المخدرات في الوضعية الاستثنائية التي تمر بها البلاد، أرضية خصبة لتكثيف نشاطهم، استدعت حالة استنفار قصوى لدى "الديوانة" مدعومة بمختلف مصالح الأمن حملاتها ضد عمليات التهريب، مسجلة عمليات حجز يوميا، لمختلف الممنوعات، سيما الأقراص المهلوسة والخمور. حيث سجل أعوان الجمارك، حجوزات ضخمة لمواد ممنوعة كانت مخبأة بطريقة "هوليودية" في السيارات وبطون المهربين لا تكفي هذه الأسطر لسرد سوى بضع منها. فهناك عملية حجز لأقراص مهلوسة تقدر ب 590 وحدة كانت مخبأة بإحكام في باب سيارة "سامبول" بالطريق الوطني رقم 35 بالقرب من ولاد بن صابر بدائرة مغنية. تضاف إلى محجوزات أخرى قدرت ب 1130 وحدة من الأقراص المهلوسة حجزت بسيارة "بيكانتو" إثر دورية مراقبة بتلمسان. عملية أخرى سجلت بتاريخ 3 نوفمبر الجاري، أين قبض على مسافر كان يهم بدخول أرض الوطن عبر المركز الحدودي بوشبكة، لف خصره ب 440 صفيحة أقراص مهلوسة بقدر 1456 قرصا.
التصدي لازدهار عمليات تهريب الكحول مع اقتراب احتفالات نهاية السنة ومع اقتراب احتفالات نهاية السنة، ازدهر الإتجار بالمواد الكحولية، جعلت حجوزات هذه الممنوعات تكون شبه يومية عبر مختلف المعابر الحدودية. لعل آخر عملية تلك التي تم تسجيلها أمس، قامت بها الفرقة المتنقلة للجمارك بسوق اهراس، قدرت ب 552 وحدة كانت محملة على متن سيارة "إيبيزا" شرقي البلاد. كما تم حجز 800 وحدة من مختلف الأحجام والأنواع أثناء مراقبة عادية لأعوان الجمارك بولاية المسيلة. وبتاريخ 12 نوفمبر، حجزت أزيد من 13 ألف وحدة من الجعة و1080 وحدة من خمور من نوع "ويسكي" و"باستيس" و"فودكا"، فضلا عن 456 قارورة جعة سعة 50 سل. كما شملت الحجوزات أيضا، المواد التبغية، حيث تمكن عناصر فرقة متنقلة للجمارك بالطارف من حجز 492 خرطوشة سجائر أجنبية من مختلف الأنواع و2300 كيس من الشمة المقلدة و4 آلاف وحدة ماصة على متن سيارة من نوع "هيليكس".
خبراء: الجمارك امبراطورية فساد للعصابة تحتاج سنوات لاجتثاثها يقول الخبير المالي، فرحات آيت علي، ل "البلاد"، إن الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد، استدعى حالة استنفار قصوى في تأمين الحدود، أين تكثر عمليات التهريب، لاسيما تهريب الأموال بالعملة الصعبة بالنسبة لأفراد "العصابة" وأشخاص حصلوا عليها بطرق غير مشروعة خوفا من المتابعات القضائية مستقبلا. ويبرز محدثنا أن الحالة الاستثنائية للبلاد، استدعت تشديد الإجراءات الرقابية ويقظة أكثر خشية تهريب أموال العصابة وازدهار الإتجار بالممنوعات، وأن النتائج المحققة تعود إلى هذه الإجراءات. بالمقابل يرى الخبير الاقتصادي نبيه جمعة، أن رئيس الدولة أعلن في آخر خطاب له بتاريخ 1 نوفمبر، عن تغييرات جذرية تمس المؤسسات من بينها الجمارك، لأنها كانت "جسرا للعصابة" وصنعت منها "دولة في دولة" تتصرف فيها كيفما تشاء، لافتا إلى أن التصريح الكاذب بمن طرف متعاملي العبور تسبب بإفلاس الخزينة العمومية، تكشف عنها عمليات التحويلات بالعملة الصعبة، حيث لا تتطابق تقارير البنك المركزي مع مصالح الجمارك. ويلفت نبيه جمعة، إلى أن اجتثاث الفساد من الجمارك يحتاج ما لا يقل عن ثلاثين سنة، كونها تشكل امبراطورية فساد كونها لا تشتغل بالرقمنة وباتت بمثابة مصدر لثراء الكثيرين على ظهر الوطن.