كشفت وثائق سرية ان الاستخبارات البريطانية تعتقد ان اعتقال اثنين من قادة الثوار الليبيين وتسليمهم الى نظام القذافي بمشاركة جهاز الاستخبارات البريطانية الخاريجة أم 6، عزز تنظيم القاعدة وساعد جماعات مسلحة على استهداف القوات البريطانية في العراق. وتثير الوثائق التي عُثر عليها في منزل السفير البريطاني المهجور في طرابلس تساؤلات جديدة ومحرجة عن دور بريطانيا في القبض على معارضين لنظام القذافي وتسليمهم اليه وتعرضهم للتعذيب. وتواجه بريطانيا الآن دعاوى قانونية بشأن ضلوعها في مخطط القبض على عبد الحكيم بلحاج قائد الجماعة الليبية الاسلامية المقاتلة الذي يتولى الآن قيادة المجلس العسكري في مدينة طرابلس، ونائبه سامي السعدي. ويقول الاثنان انهما تعرضا للتعذيب والسجن بعد تسليمهما الى القذافي. وجاء في الوثائق ان الاستخبارات البريطانية تعتقد ان اعتقال بلحاج والسعدي أسهم في تقوية تنظيم القاعدة باستبعاده عنصرين معتدلين من قيادة الجماعة. وأتاح هذا للمتطرفيبن في صفوف الجماعة الليبية الاسلامية المقاتلة ان يدفعوا الجماعة التي كان نشاطها يتركز على اسقاط نظام القذافي الى احضان شبكة القاعدة الأوسع. وتبين احدى الوثائق ان اجهزة الاستخبارات كانت تراقب عناصر الجماعية الليبية الاسلامية المقاتلة منذ وصولهم الى بريطانيا بعد محاولتهم الفاشلة لاغتيال القذافي عام 1996، وتوصلت الى ان هدف الجماعة هو اسقاط النظام واقامة دولة اسلامية. وقالت الوثيقة ان المتطرفين هم الذين يسيطرون على الجماعة ويدفعونها نحو اجندة اسلامية عامة تستوحي تنظيم القاعدة. واضافت ان اهدافهم الأوسع تشمل الآن تقويض استقرار الحكومات العربية التي لا تطبق الشريعة وتحرير بلاد المسلمين التي احتلها الغرب. وتحوي الوثيقة التي تقع في 58 صفحة اسماء وصورا فوتوغرافية وسيرا مفصلة لحياة 12 عنصرا مفترضا من عناصر الجماعة الليبية الاسلامية المقاتلة في بريطانيا. واشارت الوثيقة الى حدوث تغييرات مثيرة للقلق داخل الجماعة بينها ارسال اموال ووثائق مزورة الى عنصر في ايران للمساعدة على ارسال مقاتلين الى العراق حيث كانت القوات البريطانية والاميركية مستهدفة بهجمات ضارية. وجاء في الوثيقة ان اعضاء الجماعة في بريطانيا يتمتعون منذ فترة طويلة بسمعة كونهم افضل من يزور الوثائق بين الجماعات المتطرفة في العالم. واضافت ان اعضاء الجماعة في بريطانيا يجمعون المال عن طريق مطاعم للوجبات السريعة والاحتيال وبيع العقارات والسيارات وانهم يجمعون تقريبا كل المال الذي يُحول الى الجماعة من خارج ليبيا. كما طلبت اجهزة الأمن البريطانية من اجهزة القذافي الأمنية تمكينها من الوصول الى معتقلين واستجوابهم. ونقلت صحيفة الغارديان عن ناطق باسم وزارة الخارجية قوله ان سياسة الحكومة المتعارف عليها ألا تعلق على قضايا استخباراتية. في النهاية اندمجت الجماعة الليبية الاسلامية المقاتلة بتنظيم القاعدة عام 20007. ولكن وثيقة أخرى بتاريخ اوت تقول ان رد فعل اعضاء الجماعة في بريطانيا كان “خافتا ومتناقضا”. وخلصت الوثيقة الى ان مؤيدي اهداف القاعدة استمروا في تأييدهم ولكن “المتحفظين استمروا في التركيز على ليبيا”. ثم استدركت ان بعض المال الذي جمعه اعضاء الجماعة في مدينة مانشستر ربما ذهب “لمساعدة نشاط حركي”. وتُركت الوثائق السرية التي تتضمن رسائل خاصة الى القذافي من توني بلير وغوردن براون ومساعدين كبار في مكتب رئيس الوزراء البريطاني عندما هاجم موالون للقذافي مبنى السفارة في نيسان/ابريل. كما وجد ملف أعدته الاستخبارات البريطانية مع اسئلة مقترحة لطرحها على بلحاج والسعدي. وتطلب الأسئلة اجابات عن كل شيء يتعلق ببلحاج، من حياته الخاصة الى تدريبه العسكري ونشاطاته في افغانستان وارتباطاته بتنظيم القاعدة. كما أُعدت اسئلة ذات طابع شخصي الى السعدي. وكانت الجماعة الليبية الاسلامية المقاتلة أُنشئت بمبادرة من مجاهدين قاتلوا القوات السوفيتية في افغانستان. وبعد حملة القذافي ضدها استقبلت بريطانيا عشرات من اعضائها. ولم تقرر الحكومة البريطانية ادراج الجماعة على قائمة المنظمات الارهابية إلا بعدما اعلن نظام القذافي تفكيك برنامجه لانتاج اسلحة دمار شامل في عام 2003. ويستعد بلحاج الذي اصبح مسؤولا كبيرا في ليبيا المحررة لمقاضاة بريطانيا بعد اكتشاف وثائق اخرى تشير الى ان الاستخبارات الخارجية البريطانية ساعدت في تسليمه الى سلطات القذافي وتعذيبه بالتواطؤ مع وكالة المخابرات المركزية الاميركية السي آي أي. فان جهاز أم 6 ابلغ السي آي أي بمكان وجود بلحاج بعدما علم دبلوماسيون بريطانيون في ماليزيا انه يريد اللجوء الى بريطانيا. وسُمح له بركوب طائرة الى لندن ثم خُطف عندما هبطت الطائرة في بانكوك. ويقول بلحاج انه عُلق من السقف وعُذب في مطار بانكوك قبل ان يمضي ست سنوات في الحبس الانفرادي في سجين ابو سليم سيء الصيت في طرابلس. ويذهب الى ان ثلاثة من عناصر الاستخبارات البريطانية قاموا باستجوابه بينهم امرأة، وان زوجته الحامل ايضا تعرضت للضرب. ودأب بلحاج على القول ان هدفه الوحيد كان اسقاط نظام القذافي ولم يكن مهتما بأهداف تنظيم القاعدة او نشاطاته. وقال مدير فرع منظمة مراقبة حقوق الانسان “هيومن رايتس ووتش” في بريطانيا ديفيد ميفام ان “من المخزي” ان تدعم بريطانيا اعادة افراد الى ليبيا إزاء انتهاكات حقوق الانسان في عهد القذافي التي كانت صارخة وموثقة.