ظاهرة جديدة استفحلت في الآونة الأخيرة بمجتمعنا الجزائري هي الاعتداء على الأصول، تفنن فيها الأبناء العاقون في كيفيات الاعتداء على أوليائهم، ومشاهد تدمي القلوب قبل الأعين، فمنهم من يعفو بعطف ومنهم من يطالب بعقابه وكله حسرة على مآله· فمن أصل عدة قضايا عالجتها محكمة الجنح لبئر مراد رايس، استوقفتنا قضية أم عجوز بلغت من العمر 74 سنة، ملامح البؤس والشقاء والتجاعيد قد طغت على محياه مثلت أمام العدالة غير أنها لم تقو على الوقوف مما جعل رئيسة الجلسة، سلوى دربوشي، تطلب منها الجلوس رأفة بها، وراحت الأم تروي معاناتها مع فلذة كبدها البالغة من العمر 47 سنة وهي الأخرى أم لطفلين ومطلقة تمتهن الحلاقة، قالت إنها تعاني الأمرين من تصرفاتها المشينة إزاء والديها وأشقائها وحتى زوجة شقيقها الأكبر لم تسلم من تصرفاتها، ونظرا للروابط العائلية وتمسك العائلة بصلة الرحم لم يقو أحد من أفرادها على تقديم شكواه ضدّ هذه الابنة والأخت العاقة والتي تحرّض أبناءها عى الاعتداء على ابنة خالهم الأكبر، إلى أن طفح الكيل عندما تعرض الأم الضحية للاعتداء بلكمة في العين من قبل المتهمة بعد عودة الضحية من العلاج وخضوعها لحقنة كونها تعاني من مرض الروماتيزم، لتعتدي عليها بعدها بقضيب حديدي على مستوى الرأس منحها الطبيب الشرعي عجزا لمدة 14 يوما، لا لشيء سوى لرغبتها في طرد شقيقها وزوجته من المسكن العائلي، مع أنه وحسب رواية الأم الضحية هو من يقوم براعيتها ووالده البالغ سنه 82 عاما، كما أنه وزجته يكنان لهما الوقار، ورغم التصرفات المشينة للابنة المتهمة التي لا انشغال لها سوى إثارة المشاكل والفوضى في لمنزل، إلا الأم صفحت عنها، فكان التماس النيابة ضدّ ابنتها 10 سنوات حبسا نافذا·
كما استعرضت هيئة المحكمة قضية شاب مدمن على تعاطي أقراص مهلوسة، ومسبوق قضائيا، وقد استفاد من العفو الرئاسي في ذكري عيد الاستقلال الخامس من جويلية الماضي، أقدم بعد 20 يوما من خروجه على تحطيم مختلف أغراض المنزل إلى حد أنه انتزع حتى ثريات الإضاءة من أسقف المنزل ثم قام بضرب والدته بواسطة آلة إعداد القهوة وهي ساخنة، ذلك أنه والدته لم تمنحه أموالا تمكنه من شراء المخدرات التي أدمن عليها منذ سنوات بالرغم من محاولتها علاجه عدة مرات بإدخاله مصحة فرانتز فانون مرتين لكن دون جدوى· وهي تؤكد أمام العدالة أنها لا ترغب في احتضان ابنها الأصغر مجددا لأنّ رعايته لها وسهرها عليه وتلبية كل ما احتاج إليه طيلة حياته لا يشفع لها عنده، على عكس باقي أشقائه، إلا أن الابن المتهم حاول تبرير فعله بالادعاء أن والدته وباقي أفراد العائلة قد استغلوا تواجده بالمؤسسة العقابية لحرمانه من حق الميراث وهو ما كّذّبته والدته في روايتها، لتتم إدانته ب3 سنوات حبسا وغرامة مالية بعدما كانت النيابة قد التمست ضدّهُ 5 سنوات حبسا نافذا و100 ألف دج غرامة نافذة· كما رسمت سيدة أخرى شكواها أمام هيئة المحكمة ضدّ ابنها الذي حطم زجاج سيارة والده وسيارة أحد الجيران فضلا عن تحطيمه خزف جدران المطبخ بسبب خلاف نشب بينه وبين والده لرفضه منحه أمواله التي أقرضها إياه لشراء السيارة ليجد نفسه خلف القضبان ب10 أيام حبسا و10 آلاف دج غرامة بدعوى الإضرار بمنقولات الغير وتبرئته من تهمة الأعتداء على الأصول بعدما كانت تتهدده لأجلها 5 سنوات حبسا نافذا و500 ألف دج غرامة نافذة· ومثل آخر لأكثر من ثلاث مرات عن التهمة نفسها إذ اعتدى على والده بالسب والشتم والسكر العلني وحتى تحطيم المنزل لرفض عائلته السماح له بعقد قرانه مع فتاة لم ترض عنها العائلة·