يتحدث فنان أغنية ”المالوف” ونجم فرقة ”العيساوة” للمديح الصوفي، زين الدين بوشعالة، في هذا الحوار عن ولعه بهذا اللون الغنائي ومسؤولية الجيل الجديد من الفنانين عن ضياع التراث الفني الجزائري·· حدثنا أولا عن شغفك ب”المالوف” وسبب اختيارك هذا اللون بالذات؟ هي قصة عشق تجمعني بهذه ”الصنعة”·· كيف لا يكون ذلك وأنا أنحدر من عائلة فنية عريقة·· فخالي هو عميد أغنية المالوف الحاج محمد الطاهر الفرقاني، وأنا خريج الجمعيات الفنية لمدينة قسنطينة التي تشربت منها أصول ”المالوف” وقواعده على أيدي أبرز أعلامها على غرار الفنان علي بن صاري وعبد المومن بن طوبال·· فكان لي ولرفقائي في هذا المجال الفني أن اكتسبنا إرثا ومكسبا فنيا عريقا أخشى عليه من الضياع· ولماذا تخشى عليه من الضياع؟ في الواقع أعتب على فنانينا من الجيل الجديد ميولهم إلى طبوع فنية أخرى أكثر سهولة، وذلك بانصرافهم عن الأصالة وإن كنت ألاحظ أن الأغنية الجزائرية لا تزال بخير·· وهي في طريقها السليم، إلا أنني أرى تقصيرا واضحا من الفنانين الشباب· هل تقصد أن أغنية ”الراي” مثلا برزت على حساب ”المالوف”؟ ليس تماما·· لكن تأكدي من أن أعمدة ”المالوف” لم يتهاونوا قط في إيصال فنهم إلى أبعد مكان في العالم، وهو ما نقوم به نحن من بعدهم، وذلك من خلال إحياء حفلات داخل البلاد وخارجها·· في أوروبا وقبلها دول المغرب العربي ومصر·· والرحلة لا تزال طويلة· طيب·· يقال إن اليهود هم من أوجدوا فن ”المالوف” وأسسوا قواعده في منطقة المغرب العربي·· فما مدى صحة هذا الكلام؟ ليس صحيحا طبعا·· لم ولن يكون لليهود فضل علينا في شيء·· ذلك أن ”المالوف” صنعتنا ونحن ننتمي إلى حضارات عربية إسلامية لها الفضل في وجود هذا الفن· أضيفي إلى هذا أن قسنطينة شهدت تعاقب الحضارتين العثمانية والأندلسية، لكن ما قام به اليهود أو الجالية اليهودية في قسنطينة هو أنها ألفت كتابا عنوانه ”يفيل” جمعت فيه ما جاء به العرب من أصول وقواعد ”المالوف” ومختلف ”النوبات” والقطع الموسيقية·· هذا كل ما في الأمر·· وبهذا نالوا شرف تدوين التراث الذي كان يفترض أن يكون من حظ العرب·· وعيب العرب أنهم لا يكتبون التراث والتاريخ·· هل لك أن توضح لنا الفرق بين المديح الصوفي الذي تؤديه فرقة ”العيساوة” والمديح الديني؟ ليس هناك فرق مادام موضوع المديح واحدا، أي التغني بخصال النبي محمد صلى الله عليه وسلم·· وطريقة إنشاد فرقة ”العيساوة”، نسبة إلى سيدي الشيخ محمد بن عيسى، هي نوع من الإنشاد الديني، وأنا أعتز بكوني ابن الزوايا وأعتبر التغني بأولياء الله الصالحين من صميم الإنشاد الديني كونهم أهل ورع وتقوى· طيب·· على ماذا يشتغل الفنان زين الدين بوشعالة حاليا؟ أنهيت تأليف كتيب يحمل مختلف ”النوبات العيساوية” لمدينة الجسور المعلقة قسنطينة، يتضمن أشهر القصائد الموجودة في التراث ”العيساوي”· وسيكون هذا المؤلف مرجعا هاما في الموسيقى الجزائرية·