"إخوان" ميلة لا علاقة لهم ب "شيوخ" المالوف القسنطيني المطرب عبدالعزيز دحماني واحد من أبرز مطربي المالوف بميلة، نشأ وسط عائلة محبة للفن، حيث احتك بالفنانين منذ نعومة أظافره، فوجد من يحتضن موهبته ويشجعه على المضي في مجال الغناء. ويقول في لقاء مع النصر عن الطرب الأندلسي أن أهل ميلة يعرّفون المنتمين لهذا اللون من الفن ب "الشيوخ" خلافا لما هو شائع في نواحي أخرى من الوطن، وأضاف أن سبب التسمية يرجع لقرب هذا الطرب إلى المديح الصوفي رغم استعمال الإخوان للآلات الموسيقية التي توجد في (مقام المالوف) مشيرا إلى أن الأغاني المتداولة هي أندلسية الايقاع والطابع، وهي محصورة بين العائلات ذات الأصول الميلافية. ويقول عن واقع هذا الفن أن الشيوخ توارثوا هذه الصنعة أبا عن جد واستطاعوا ايصاله للجيل الجديد، ويذكر من الفنانين الذين يحظون باحترام وسط متذوقي المالوف(عمي أحمد دحماني، قارة مصطفى الزبير، بن خلف الله الطاهر المعروف باسم (زينو) والتوفيق بن دريدي. وقد كانت مدينة ميلة في عز أيامها عندما كان هؤلاء الشيوخ في أوج النشاط والعطاء، وقد أفرزت هذه الحركية فرقا موسيقية مثل "المباركية" سنة 1994 التي ضمت التلاميذ الأوفياء لجيل الرواد، ويقود هذه الفرقة الفنان توفيق بن طيار وكوكبة من الفنانين الشباب الذين أعطتهم المهرجانات تجربة فتحت أمامهم أبواب الاحتراف. وعن تجربته هو كفنان، قال أن زميله دحماني بوبكر هو الذي حرص على تقديمه إلى أهل الصنعة، وشجعه على الاحتكاك بالفنانين، حتى أنه سعى مع بعض الفنانين إلى تكوين فرقة أطلق عليها إسم "ميلاف للموسيقى الأندلسية" وبروزه فيها كعنصر هام أدى الى استقطابه الى جمعية المباركية العتيدة التي تضم خيرة الفنانين من الجيل الجديد، وقال أن هذا الحركية أدت الى انتعاش الوسط الفني بميلة، حيث توج بنقل مهرجان العيساوة من قسنطينة الى ميلة، وكان لهذا الحدث أثره الايجابي على الحركة الفنية وعودتها الى سابق عهدها. وعن نشاط فرقته قال أن ذلك مرتبط بمدى استعداد المسؤولين على القطاع الثقافي، خاصة وأن انجاز دار الثقافة قد جسد نية السلطات الولائية في إعادة إحياء التراث الفني الذي تزخر به هذه المدينة. وأضاف أن الفرقة تجد الدعم للتواصل مع هذا التراث الذي يتطلب ليس فقط بث الأغاني القديمة وإنما استخراجها والتعامل معها كموروث وطني. والحقيقة أن الطابع الإخواني الذي يميز الأغنية الأندلسية له خصوصيات تحتاج إلى الدراسة والتحليل لمعرفة خلفيات هذا التباين بين المالوف القسنطيني والطابع الإخواني بميلة، وقال أن الجيل الحالي من المتذوقين للتراث يستوعب الأغنية الأندلسية دون فهم لمضامينها التقليدية. وقد ظهرت موجة جديدة على غرار ماهو متداول في الوسط الفني سواء في قسنطينة أو سوق أهراس أو عنابة وغيرها من المدن التي تتميز بسيطرة هذه الأغنية على باقي الطبوع، حيث يجري التعامل مع الأغنية التراثية كباقي الألوان الأخرى، وهذا يفسر بغياب مختصين لتحديد أوجه الاختلاف لهذا اللون وذاك.