بختي: فرنسا رفضت تمويل ”بوعمامة” لأنه لا يخدم مصالحها أحمد بجاوي: يكفي أن تساهم الجزائر ب 20% ليكون الفيلم لها
انتشرت في الجزائر، ولدى الكثير من الدول العربية، ظاهرة التمويل الغربي لعدد هام من الأفلام السينمائية التي دخلت المهرجانات السينمائية الدولية وافتكت جوائز تحت راية جنسية المخرج، فيما أثارت جدلا كبيرا من حولها خاصة عندما تكون نسبة التمويل الغربي فيها تفوق الخمسين بالمائة، وهو ما يثير إشكالية حول جنسية هذا الفيلم وانتمائه إلى بلد ما· وضمن هذا الإطار، يتحدث مخرجون ونقاد سينمائيون جزائريون ل”البلاد” عن هذا الموضوع، حيث يرى المخرج و”السيناريست” بن عمر بختي أنه حتى يحمل الفيلم جنسية الجزائر يجب أن تتوفر نقاط هامة أولها أن تكون الجزائر البلد الممول، وثانيها أن يكون مخرج العمل بالدرجة الأولى، ومنتجه جزائريين، إلى جانب أن يكون موضوع الفيلم يطرح قضية تلامس الواقع الجزائري· ويرى مخرج الفيلم التاريخي الشهير ”الشيخ بوعمامة” الذي تم إنتاجه عام ,1985 أن فرنسا تعد أكثر بلد أوروبي يعمد إلى تمويل الأفلام الجزائرية، ويرفض في كثير من الأحيان تمويل عمل سينمائي جزائري إذا رأى أنه لا يخدم مصالحه، وذلك بعد قراءة ”السيناريو”· وأوضح محدثنا أن ذلك حدث معه شخصيا حينما أراد إنجاز فيلم ”الشيخ بوعمامة” الذي قام بدور البطولة فيه الفنان عثمان عريوات، حيث يروي هذا العمل مراحل مختلفة من المقاومة الشعبية، مركزا على واحدة من أبرز انتفاضات الشعب الجزائري وهي ثورة ”أولاد سيدي الشيخ بوعمامة” التي تم تعيين الجنرال الفرنسي ”ليوتي” لمحاولة قمعها وإنهائها· وكشف بن عمر بختي أن فرنسا حينها رفضت تمويل الفيلم بعد اطلاعها على ”السيناريو” لأنها تأكدت أنه لا يخدمها لا من قريب ولا من بعيد، حيث كان موضوع العمل يكشف عيوبا وجوانب لم تكن باريس ترغب في إظهارها، مضيفا ”هذا شيء متعارف عليه·· فرنسا لا يمكن أن تمول فيلما ما لم تر أنه يخفي عيوبها·· أعتقد أنه لو اقترحنا عليها تمويل فيلم مثلا عن الشهيد زبانة لرفضت رفضا قاطعا لأنه واحد من ضحاياها وتعرض لأبشع أنواع التعذيب”· وواصل بختي حديثه مستذكرا فيلم ”خارجون عن القانون” للمخرج المثير للجدل رشيد بوشارب، وهو العمل ذاته الذي تعرض للنقد بعد دخوله المسابقة الرسمية لمهرجان ”كان” السينمائي الدولي، وطرح الكثير من الإشكاليات من حوله تعلقت بجنسية العمل لأنه من إنتاج مشترك غربي عربي· وهنا يرى محدثنا أن بوشارب، وإن أظهر عيوب فرنسا في فيلمه هذا، غير أنه أخفى جوانب كثيرة لم تكن لتسمح بالمساهمة في تمويله من طرفها وعرضه في ”كان”، موضحا أنه مع كل مشاهد الاضطهاد التي صورها بوشارب في العمل، إلا أنه صور لنا أن ”جزائريين يحنون إلى الاستعمار الفرنسي” في آخر مشهد للفيلم· الجزائر عاجزة عن تمويل أفلام تحمل جنسيتها وفي السياق ذاته، يتفق المخرج والمنتج السينمائي بشير درايس مع ما ذهب إليه بن عمر بختي في الكثير من النقاط، غير أنه يختلف معه في مسألة أن المنتجين الفرنسيين يرفضون المساهمة في تمويل الأفلام الجزائرية التي لا تخدم مصالحهم، حيث يرى محدثنا أن العملية الإنتاجية لأي فيلم سينمائي هي تجارية بحتة، فالمنتجون الخواص الآن يبحثون عن الربح من وراء الفيلم بصرف النظر عن موضوعه الذي قد يتعارض مع البلد المنتج· وقال درايس إن هناك اعتبارات أهم تتعلق بنجومية بطل الفيلم وشهرته التي قد تحقق مكسبا من وراء فيلمه، مضيفا ”تعاملت مع ستة منتجين فرنسيين خواص ولم يمل عليّ أحد منهم شروطه فيما يتعلق بالسيناريو·· لا بالحذف ولا بالزيادة لأنه يبحث عن بيع فيلمه في العالم بأسره وليس في فرنسا فقط·· أتصور أن السوق ليست فرنسا فقط بل العالم كله”· ومع هذا يعود درايس من حيث بدأ بن عمر بختي، ليؤكد أن هناك أعمالا سينمائية جزائرية كثيرة لا تزال تفقد هويتها أمام نسبة الإنتاج العالية التي تخصص لها على غرار فيلم ”مسخرة” للمخرج إلياس سالم، الذي تم ترشيحه لجوائز ”الأوسكار” سنة ,2008 حيث يغلب التمويل الغربي على هذا العمل· ويرى درايس أن فيلم ”مسخرة” لا يمكن أن ننسبه إلى الجزائر ولا حتى إلى فرنسا، بل يصلح أن يقال عنه عمل مشترك وكفى، والأمر نفسه بالنسبة لفيلم ”خارجون عن القانون”، حيث أن جنسية أي فيلم سينمائي، يقول محدثنا، يجب أن تتوفر على اعتبارات من بينها أن يصور العمل في الجزائر، وأن يخرجه جزائري وأن يكون أغلب أبطاله على الأقل جزائريين، مضيفا أن الجزائر تبقى، رغم ذلك، غير قادرة على صناعة فيلم جزائري مائة بالمائة، خصوصا أن التكلفة الإنتاجية للعمل الواحد تقدر بثلاثين مليار سنتيم على الأقل، وبالنظر أيضا إلى قلة دور العرض، حيث يبقى المخرج الجزائري بناء على هذا كله مرهونا بالإنتاج الغربي· من ناحية أخرى، يبقى الجدل قائما حول هوية الأعمال السينمائية مع دخول التمويل في حسابات تحديد ”الانتماء”، وهنا يرى الناقد السينمائي أحمد بجاوي في حديث ل”البلاد”، أن جنسية الفيلم تتوقف على جنسية منتجه، حيث إن نسبة عشرين بالمائة من الإنتاج الجزائري لأي عمل ما، مثلا، تكفي حتى نضعه تحت الراية الوطنية، ورغم ذلك تبقى القضية نسبية، على حد تعبيره·