كشفت مؤسسة بروكنجز الأمريكية بالتعاون مع مؤسسة زغبي الدولية عن تفاصيل الاستطلاع السنوي لعام 2011 في عرض مفصل باللغة الإنجليزية نشرته مؤخرا وفي عرض آخر مقتضب باللغة العربية لمشتركيها· وشمل الاستطلاع توجهات الرأي العام في العالم العربي بشأن قضايا الساعة في مقدمتها أحداث الربيع العربي والعلاقات العربية الإسرائيلية والتدخل الأجنبي حيث سقطت فرنسا في اختبار مصداقيتها لدى الشارع العربي بينما تمنى معظم الذين شملهم الاستطلاع أن يحكم بلدانهم قادة بمواصفات رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان· وشمل الاستطلاع ما يقارب 3 آلاف شخص من مصر والمغرب والأردن ولبنان والإمارات خلال شهر أكتوبر من السنة الجارية وصدر بتاريخ 21 نوفمبر، وكشفت عنه مؤسسة بروكنجز في نشريتها الأخيرة· وقيّم الاستطلاع المواقف العربية اتجاه إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما وعملية السلام مع الإسرائيليين وتأثير الربيع العربي على المنطقة· وبحسب تفاصيل الاستطلاع؛ فإن تركيا كانت الرابح الأكبر في الربيع العربي ففي البلدان الخمس التي شملها الاستطلاع لعبت تركيا دورا وصف بأنه بناء للغاية، وسجل رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان حضورا قويا في الاستطلاع الذي صنفه ضمن الشخصيات من قادة العالم الأكثر إثارة للإعجاب· أما الذين يتصورون رئيسا جديدا لمصر فيريدونه أشبه بأردوغان حيث إن المصريين يريدون أن تكون بلدهم أشبه بتركيا من أي بلد آخر في وقت كانت إسرائيل تفتخر بأنها البلد الوحيد في المنطقة الذي يشكل مرجعية للتجربة الديمقراطية في الشرق الأوسط· والمثير في الاستطلاع الذي جاء قبل مصادقة الجمعية الفرنسية لقانون تجريم ”إنكار المجازر ضد الأرمن”، أن العرب لا يحبون فرنسا، بل لا يحبون أن تحظى بقيادة العالم في حالة غياب قوة أخرى مثل الولاياتالمتحدة· وتشير الأرقام إلى أن 36 بالمائة من الذين شملهم الاستطلاع في العالم العربي عام 2009 قالوا إنهم يفضلون فرنسا كوجهة سياحية في حالة عدم وجود بديل، لكن هذه النسبة تقلصت وانخفضت إلى 28 بالمائة فقط خلال استطلاع .2011 والأخطر في الانتكاسة الفرنسية لدى الشارع العربي أن 23 بالمائة من العرب قالوا إنهم يفضلون أن تكون فرنسا هي القوة العظمي في حالة وجود قوة واحدة، وذلك في استطلاع عام 2009 بينما انخفضت النسبة حول هذا السؤال إلى 10 بالمائة فقط خلال استطلاع ,2011 وهذه في حد ذاتها صفعة عربية قوية لفرنسا على الرغم مما حاولت إظهاره من وقوف إلى جانب الليبيين المعارضين لنظام القذافي منذ الأيام الأولى لانتفاضتهم في 14 فيفري .2011
وفي سياق نفس الاستطلاع؛ أظهرت النتائج شبه إجماع بشأن الموقف من الثورات العربية حيث ساند 89 بالمائة من المستجوبين الانتفاضة اليمنية ضد نظام علي عبد الله صالح، بينما ساند 86 بالمائة الثورة ضد نظام بشار الأسد و64 بالمائة الانتفاضة في البحرين، ولكن اللبنانيين انقسموا حول سوريا بينما انقسم الأردنيون حول البحرين· ويفضل الإماراتيون حكومة البحرين، وأبدى 55 بالمائة من المستجوبين تفاؤلهم بمستقبل ما بعد الربيع العربي حيث يشعر هؤلاء أن الثورات تخص مستقبل الأشخاص العاديين الذين يسعون للحصول على الكرامة والحرية، بينما بلغت نسبة المتشائمين منهم 16 بالمائة فيما لم يشعر 23 بالمائة بأي تغيير· وبخصوص توقيع معاهدة للسلام مع إسرائيل يرى 37 بالمائة من المصريين إمكانية إجراؤها، فيما يدعم 35 بالمائة منهم إلغاؤها· وقد زاد عدد المؤيدين ليصلوا إلى 41 بالمائة إذا وافقت إسرائيل على إقامة الدولة الفلسطينية· ويرى غالبية العرب أنهم يؤيدون اتفاق سلام مع إسرائيل على أساس تنفيذ حل فصل الدولتين على حدود عام .1967 وفي نفس الوقت، تقول الأغلبية (53 بالمائة) أن مثل هذا الحل لن يحدث أبدا، فيما يعتقد الغالبية أيضا (54 بالمائة) أنه إذا لم يتم إدراج حل فصل الدولتين على طاولة المناقشات، فإن هذا سيؤدي إلى وجود حالة من الصراع المحتدم لسنوات قادمة حسب نص الاستطلاع دائما· وجاءت توقعات المستجوبين حول الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر شبه متطابقة للنتائج بشكل عام حيث منح المستجوبون أصواتهم للتيار الإسلامي، ومن بين المرشحين المحتملين للرئاسة، يحظى عمرو موسى بدعم 21 بالمائة من هؤلاء الذين شملهم الاستطلاع يليه محمد البرادعي وأحمد شفيق· وفي سياق الرؤية العربية للولايات المتحدة، أبدى 59 بالمائة مناهضتهم لأمريكا لكن الرقم يعتبر منخفضا مقارنة بعام 2009 وعام 2010 وترجح التحليلات ذلك إلى اعتقاد الشارع بأن إدارة أوباما لعبت دورا بناء في مسار الربيع العربي· وبالنسبة لوسائل الإعلام لاتزال قناة ”الجزيرة” رغم الانتقادات الموجهة لها من الشارع العربي، المصدر الرئيسي للأخبار الدولية والعربية، حيث حصلت على 75 بالمائة من الأصوات تليها قناة ”العربية” بنحو 14 بالمائة وقناة أم بي سي بنحو 12 بالمائة·