مغامرة الهواة المحلية بولاية إليزي، كما أطلق عليها وزير الداخلية في وصفه لمهندسيها، انتهت بتحرير الرهينة وعودتها سالمة ”غائمة” بعد الظروف ”الهاوية” التي مرت بها خلال يوم من الاختطاف الذي طال واليا من ولاة الجمهورية، وما تعني تلك الصفة الرسمية من حصانة وسلطة وسمو في النظام الجزائري· والنتيجة في مباراة الهواة هي ذلك الهواء أو الغثاء الرسمي في تفسير وتبسيط ما جرى وكأن ما حدث أمر ”هين” يكفي أن نغطيه بالغربال حتى ننفي وجود الشمس و”البخس” الرسمي·· الحقيقة تتجاوز الاحتفاء بانتصار دولة بعدتها وعتادها على ”مراهقين” وهواة هووا بسمعة وكرامة وطن حين مكنهم ”هوان” المسؤولين من تجاوز كافة أعراف ووسائل الاحتجاج الاجتماعي ليتطور الوضع إلى تبني خطف ”الدولة” في حد ذاتها لاستئناف حكم قضائي عن طريق قانون ”الغابة”، فالانحراف بشكله الذي أظهرته حادثة والي إيليزي وصل إلى منعرج لم يعد معه من حل أمام السلطة سوى الوقوف أمام المرآة طويلا لكي ترى تجاعيد وطن هوى به حاضره، فأصبح فيه الحاكم مجنونا والمحكوم أجن وبينهما أمور ”متهارشة”، الكلمة الأخيرة فيها لمن يضغط ويحتج ثم يخطف أكثر·· وزير الداخلية، وببساطة الرجل الطيب، قلل من شأن الحادثة أمام برلمان ”اللاحدث” ليخاطب ”هواة” البرلمان الذين خطفوا وطنا من ذويه لخمس سنين عجاف، بأن زوبعة والي إيليزي، مجرد عملية محلية بحته أبطالها ”هواة”، ”زعفوا” من العدالة فخطفوا واليا، وبقراءة متأنية لتصريح معاليه أمام هواة برلمان لم يعرفوا من القراءة إلا كيفية ملء الصكوك البنكية والبريدية برقم الثلاثين مليونا ”يتيما” أو سنتيما، فإن سيادته السعيد بسلامة واليه من قبضة الهواة، قال لنواب الشعب إن هذا الشعب الذي كان يحتج على أوضاعه الاجتماعية والمحلية بحرق العجلات وقطع الطرقات ليهتدي إلى وسيلة البنزين كأداة للإبلاغ قد طور وسائل ”جنونه” ليصبح خطف المسؤولين وتهريبهم، مثلهم مثل المازوت والماشية في صناديق السيارات الخلفية خارج الحدود، نوعا من أنواع الطعن في الأحكام القضائية والاجتماعية والسكنية، وبدلا من أن يقف ”النواب” وتقف الأمة بكافة مكوناتها دقيقة صمت ترحما على هيبة الدولة، صفق الحضور و”الحنطور” البرلماني على نهاية مجتمع كان هو صمام الأمان لوجود الدولة فأصبح هو مصدر الخطر الكامن بوطن متهاٍ هوى به حظه فأضحى لعبة بين أيدي هواة الشعب وهواة المسؤولين·· قبل أيام من عملية خطف والي ولاية إيليزي، كانت إحدى المحاكم الجزائرية، قد شهدت عملية اقتحام على الطريقة الهندية، بعدما قام مواطن ”زعفان” بمهاجمة المحكمة بسيارته الرباعية الدفع ليقوم بعد ذلك بصب البنزين على جدرانها في محاولة لحرقها، والسبب لا علاقة له بالإرهاب، ولكنه احتجاج بسيط من متقاضٍ ”جنّ” في لحظة غضب لأن المحكمة لم تفصل لأكثر من ثلاث سنوات في ”دعوى” طلاقه من زوجته، فكان طلاق الرجل من ”العدل” ومن الدولة ومن عقله وعقيلته، آخر وسيلة ”احتجاج” قادته للحبس كحكم غير قابل للطعن بعدما تجرأ المسكين على انتهاك حرمة الدولة في محكمتها· والحال مشابه والقضية متشابهة مع مشهد شرطي بولاية أخرى، وهو يطارد مجرما ”هاويا” وسط وجوم المتفرجين، حيث قام الهارب بعملية ”هواة”، حين غافل شرطيا كان بكامل هندامه وسلاحه الرسمي ليخطف منه ”هاتفه النقال” ويطلق قدميه للريح، ترى إلى أين وصل الحال بعمليات الهواة التي هوت بمكانة وهيبة وطن لم يعد مستغربا أن يتجرد فيه أربعة شبان بولاية المسيلة من كافة ملابسهم، ليسيروا عراة في الشارع غير مبالين بأحد عدا أن الدولة ”غابت” وغيبت مجتمعها الصالح فكان مآلها أن يتعرى الوضع ويتعرى الناس وينتهي حال الوطن إلى ”وهن” شجع عمليات ”الهواة” في قضم وخطف ومهاجمة ما شاؤوا من قيم كانت راسخة برسوخ دولة زالت بزوال الرجال·· أكبر فشل يمكن أن تقترفه أي سلطة أن تفقد زمام احترام الشارع لها فالقوة وحدها لم تكن يوما حصنا آمنا، والنظام بشكله الظاهر الذي أصبح فيه الشرطي يسرق، والمحكمة تقتحم، والوالي يخطف والناس يتعرون علانية، فقد كل مقومات الاحترام، ورهان البقاء ليس في وضع شرطي أمام رأس كل مواطن، ولكن في استعادة قيم مجتمع مفقودة، هوت يوم هوى الوطن، فأصبح الكل ”دولة” والجميع مشروع بطل لمغامرة ”هواة” لا تبحث إلا عن الظروف الملائمة حتى يكتمل و”يختمر” التنفيذ، والمهم كخاتمة ”غول” يهدد وجود دولة المؤسسات، أن تفسير وزير الداخلية لواقعة والي إيليزي، بتلك البساطة، طعنة لا دواء ولا درء لها سوى إعلان مناقصة وطنية رسمية النفاذ للبحث عن سلعة ”الاحترام” بتجريع حبوب منع ”الكذب” للمسؤولين المحليين والمركزيين وذلك كمخرج للدولة من مأزق ”مراهقين” وهواة تجاوزوا الخوف من أدوات الردع، ليبقى الرهان الرسمي كيف تستعيد الدولة ”احترام” شعبها وليس ”قوتها” في وجه شعبها، فقد اعترف وزير الداخلية ذاته بأن ”الهواة” أصبحوا خاطفين ومغامرين من طراز خطير وأن الوضع في بلاد ”طاق على من طاق” تعدى ما يمكن التعامي والتغاضي والقفز عليه بترديد أسطوانه: ”الحالة راها غاية···وكل شيء على ما ”ينام” ” فأوقفوا الدجل فإن قمة الجدل أن يقلل ولد قبايلية من شأن ما حدث ليأمر بعد ذلك ولاته عبر تعليمة صادحة من تقصي أقصى درجات ”الحيطة والحذر” خوفا عليهم من عمليات ”الهواة” التي سيظل محل إعرابها و”عرّابها” فعلا ماضيا ”راقصا” قابلا للصرف على أذقان سلطة لم تع رغم كل المطبات أن علتها لم تعد تكمن إلا في كيفية استعادتها احترام مواطنيها وعدا ذلك فإن ”الهواة” يتلاعبون ويتربصون ويرابطون أمام كل دار وفي كل زنقة وخلف أي شارع أصبح هو الخطر ولا ”خطر” سواه