ثمة أكثر من تساؤل، اليوم، عن مدى وفاء الأحزاب والحركات السياسية، والجمعيات والمؤسسات العاملة ضمن ما يُعرف ب«المجتمع المدني»، في وطننا الجزائر خاصة، وفي غيره من أوطان العرب والمسلمين عامة.. مدى وفائها بالالتزام الرئيس والمركزي وهو «تبني» هموم الناس ومشكلاتهم، والعمل على التخفيف من آلامهم وعذاباتهم ومعاناتهم، بالقدر الممكن . ويعنينا هنا أكثر أمر الحركات الإسلامية، سواء منها ما كان حركة حزبية، أو حركة جمعوية. وليس المجال هنا مجال محاسبة أو مساءلة، بقدر ماهو مجال تذكير بما يجب أن يكون دائم الحضور في أذهان المشتغلين في الشأن العام.. ألا وهو: تبني هموم الناس بصدق وعمق، والعمل على خدمتهم والوفاء بذلك، أيا كانت الظروف والأسباب، وأيا كانت الإكراهات والمعوقات. ليس من المبالغ فيه القول: إن مبرر وجود تلك الحركات والأحزاب والجمعيات هو في الأصل من أجل خدمة المجتمع، في مختلف ميادينه وحقوله وبما يفيد مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية وينهض بها، ويجعلها أكثر قدرة على العيش الكريم. وإن في نصوصنا الدينية الكثير الكثير مما يحث على ذلك، ويرغب فيه، بما يقي المجتمع من العلل والأدواء التي تخرب نسيجه، وتمزق أوصاله، وتجعله يهتلك ويمضي إلى التآكل والانهيار. ونذكر من ذلك هنا بعضا منها، على سبيل الاستئناس، لأنها كثيرة وفيرة. إن الأحاديث/النصوص في هذا الشأن خاصة، أكثر من أن تُحصى، وهي بمثابة قواعد ذهبية في مجال الخدمة العامة/ خدمة الناس، تيسر سبيل المجتمع إلى التكافل والتعاضد والتماسك، كما تيسر سبيل الآخذ/الآخذين بها إلى الرضوان. ولكن ماهو نصيب ذلك في واقعنا المعيش؟ وما هو مقدار ماحققته الحركات والجمعيات، وهي عندنا في الجزائر بالآلاف، ومنها بالأخص الجمعيات ذات الطابع الاجتماعي والإنساني والديني؟ وإن كان الأمر لا يقتصر على الجمعيات والحركات، وإنما يمتد إلى الأفراد القادرين دون استثناء، رجالا ونساء، شيبا وشبابا، الميسورين ومن دونهم. أعتقد أن ثمة أكثر من خلل وظيفي في بنياننا الاجتماعي والنفسي والديني؛ بالنظر إلى ما تعانيه فئات المجتمع وشرائحه المختلفة في مختلف المجالات: المرض، الفقر والعوز، سوء المسكن، تدني المستوى المعيشي، الخ. ولستُ أتصور أن مشكلتنا تكمن في نقص الكفاءات، والأطر والكوادر؟ أو تكمن في قلة الموارد والخيرات؟؟ بدليل أن في شعبنا هبات يقل مثيلها في الأوقات الحرجة كالعواصف، والكوارث، والمناسبات الأليمة الخاصة كالفيضانات والزلازل؛ حيث يعطي أروع الأمثلة على التضحية والإقدام ويعبر عن إيجابيته وحسن استجابته؟ فما الذي يمنعه إذن من أن يكون كذلك دائما وباستمرار؟ ذلكم هو السؤال... ذلكم هو السؤال؟!