عادة ما يردد المحامون مزحة تقول.. (القانون حمار).. وكم مرة تساءلت: ماذا يعني أن يكون القانون حمارا..؟ ولماذا يقع الاختيار على الحمار بعينه؟ وهل ننتخب برلمانا لينجب لنا أغبى حيوان على وجه الأرض..؟ وأين المفر.. لو تكاثرت هذه الحمر.. وحاصرتنا من كل جانب؟ ما نعرفه عن الحمار.. أنه يستشعر البردعة الموضوعة عليه ترفا.. فالناس قد اعتادوا سلخ جلده دون رحمة.. وأنه يحرن أحيانا.. فلا يتحرك إلا والسوط والمهماز يعملان فيه بقسوة.. فهل اختاروا الحمار باعتباره الكائن الذلول؟.. ربما يكون هذا.. وقد يكون للمحامين رأي مخالف. ما يهم الآن.. أن البعض يكذب هذه المقولة.. من منطلق أن القوانين توضع لحماية المجتمع.. وضبط الحقوق والواجبات.. ومعاقبة اللصوص والمجرمين والغشاشين.. غير أن الطريقة التي فسرت بها الحكومة – وتحديدا وزارة الداخلية – قانون (تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة).. جعلتنا نعيد النظر في مدلول «القانون حمار».. لنفهمه على غرار ما يفهمه المحامون. ^^^ اقرأوا نص المادة الثالثة من القانون المذكور: (توزع المقاعد بين القوائم بحسب عدد الأصوات التي تحصل عليها كل قائمة، وتخصص النسب المحددة وجوبا للمترشحات حسب ترتيب أسمائهن في القوائم الفائزة).. فماذا تفهمون منها؟ من له دراية بأبسط قواعد الحساب.. ويحتفظ في عقله بأبسط قواعد الاستنباط.. سيقول نضرب النسبة في المنسوب إليه ونحصل على النتيجة. غير أن لوزارة الداخلية قراءة مختلفة تماما.. فهي على غرار الصوفية ترى للنص ظاهرا وباطنا.. وباطن النص يتكشف لها بالإلهام.. فهي تقول بناء على ما نشر في الجرائد ولم تكذبه الوزارة إلى حد الآن – أن: 1 – ( المقاعد المخصصة للمرأة تؤخذ من القائمة الفائزة الأدنى رتبة، وهكذا حتى تستوفي النساء حصتهن الولائية). 2 – (الباقي الأقوى يؤول للمرأة، في جميع الحالات، حتى لو كان رأس القائمة الفائزة بالباقي الأقوى رجلا ، فيسقط ويعوض بامرأة). وخلاصة هذا التأويل التعسفي.. أننا إزاء قانون مواز.. يخالف الأول.. ويناقض روح الدستور وحقوق الإنسان وحرية المرأة.. ولسنا بصدد تفسير تطبيقي كما جرت العادة.. وكان حريا بالوزارة.. كي تتفادى تفجير رؤوسنا.. أن تطلب قراءة ثانية للنص.. فتضيف مواد أخرى بحسب هواها.. وتنتهي المشكلة. والحقيقة هي.. وجود من يراهن على فوز المرأة بأي ثمن، وبأية طريقة.. رغم أنف الجميع.. القانون والرجل المسكين والديمقراطية المنتهكة والأحزاب المغلوبة على أمرها. ^^^ لهذا السبب نقول: أضحى القانون حمارا.. بل أغبى حمار على وجه الأرض.. وإلا: أيعقل أن تلوى رقبة نص قانوني واضح الدلالة.. وتكسر فقراته.. ويهشم رأسه.. ليتسنى انطباقه على حالة الوجد التي تعتري الوزارة في مثل هذه المناسبات.. وليأتي من يقول.. ما أريكم إلا ما أرى؟! وبما أن القانون حمار.. أليس من حق الجزائريين جميعا أن يركبوه.. إذ هو حمارنا جميعا.. فلا تختص به جهة دون أخرى؟ ومن ثم.. أليس لنا حق الاجتهاد في دائرة الباطن كالوزارة.. فنكشف عن سبب تحويل القانون المذكور إلى حمار؟ السر مكشوف.. وهو في الأصل ليس سرا.. فالقانون المذكور بصيغته المصادق عليها لا يضمن فوز المرأة، فقد تخرج بسلة فارغة في حال انتشار المقاعد على عدد أكبر من الأحزاب الفائزة. وأما التضحية بالحزب الأدنى رتبة.. فبتقدير من يفسر القانون وفق مزاجه.. أن الأحزاب الكبيرة وهي أحزاب السلطة كما يسمونها تظل كبيرة.. ولا يطالها التعسف.. فلا بأس من الإجهاز على الكائنات الضعيفة!! وأما ما قيل عن حساب حصيلة النتائج ببرنامج حاسوبي.. ففيه إزراء بقدراتنا العقلية.. لأننا سنتهم بالعجز عن إجراء أبسط العمليات الحسابية.. بينما يتحكم غيرنا في (روبوتاته) التي وضعها على سطح المريخ!! ^^^ نحن الجزائريين.. نحتفظ بأمنية غالية.. وإن بدت بحكم المفارقات صعبة التحقيق.. ودونها حواجز ومتاريس وجبال وأنهار.. أمنيتنا أن تتجسد انتخابات نقية.. لا لطخة فيها.. ولا أثر عليها لبصمة الأيدي العابثة. فإذا قيل.. وما السبيل إلى هذه الانتخابات النقية؟ كان الجواب.. مادامت الوزارة ستعتمد برنامجا حاسوبيا لضبط نتيجة الانتخابات.. فما المانع أن تطبق برنامجا إلكترونيا مضادا للتزوير.. فتصدر لكل ناخب بطاقة إلكترونية.. وتجهز المراكز بآلات على غرار موزعات النقود.. ويوقع المنتخبون بحبر غير قابل للإزالة.. وتنتهي المشكلة. فكما نبدع في التزوير المكشوف والخفي.. بمقدورنا أن نبدع في منع التزوير.. بكلفة أقل.. فنحفظ ماء وجوهنا.. ونصون الديمقراطية.. ونعيد الثقة المفقودة إلى الصندوق.. لأن الصندوق سيختفي في هذه الحالة.. وبكبسة زر سنحصل على النتائج جاهزة.. ومن ثم لا نكون مضطرين للسهر إلى آخر الليل.. وأيدينا على قلوبنا. فإذا قيل: وما هي الضمانة ألا يوضع برنامج حاسوبي يزور النتائج؟ قلنا: وماذا نفعل.. إن كان الله قد نزع لحم الحياء من وجوههم!!