تبدو ملامح الحيرة والاستغراب أشد وضوحا لدى المئات من خريجي معاهد وكليات العلوم الإنسانية وبالتحديد حملة شهادة ليسانس أو ماستر في الإعلام والاتصال، العلوم الاجتماعية، علم النفس، الآثار، التاريخ، المكتبات والفلسفة وغيرها من التخصصات، ومصالح الوظيف العمومي التي زادت من معاناة الأرمادة المتخرجة من الجامعة التي تعاني بطالة «قاتلة» وتتمسك بخيط رفيع من أمل افتكاك حق التوظيف، واشتد حب التوتر بين الجامعيين البطالين والقطاعات التنفيذية، بعدما أحجمت عن الرد على عشرات طلبات التوظيف، بل رمت ملفات هؤلاء الجامعيين في سلة المهملات لعدم استيفاء الكثير منهم للشروط الجديدة التي فرضتها مديرية الوظيفة العمومية، وما رفع من سقف غضب الجامعيين البطالين هو فشلهم في الالتحاق بمناصب إدارية عديدة مثلما هو الحال لمنصب متصرف إداري في قطاعات عديدة على غرار الادارة المحلية، السكن والتجهيزات العمومية، البناء والتعمير، التربية، وقطاع الصحة. وتفيد المعلومات أن الوعود الرنانة التي مافتئت تطلقها وزارات التعليم العالي والبحث العلمي والتضامن الوطني ومديريات التشغيل على أكثر من صعيد، سرعان ما لبثت بالزوال، لأنها لم تنجح في امتصاص جيوش البطالين ولا تحقيق حلم تحجيم البطالة إلى مستوى 10 بالمائة وفقا للغة أرقام وزارة التضامن. في السياق ذاته، لم يستسغ العشرات من خريجي معاهد تخصصات العلوم الإنسانية سواء حملة شهادات ليسانس أو ماستر الشروط الجديدة في التوظيف التي تقوم على قبول أصحاب ملفات التخصص العلمي المطلوب في مسابقات التوظيف، فعلى سبيل المثال، لم يهضم العديد من خريجي معهد علوم الإعلام والاتصال «كنس» ملفاتهم وعدم السماح لهم بالالتحاق بتخصصات إدارية تابعة لمصالح الوظيف العمومي، وهو الحال الذي ينطبق على خريجي معاهد الفلسفة والآثار والتاريخ، الذين منعوا من دخول مسابقات الالتحاق بمناصب متصرف إداري ومساعد إداري رئيسي ومفتش، لأسباب أرجعتها مديرية الوظيفة العمومية إلى غياب التخصص الإداري المطلوب في التوظيف، لكن هذه الشروط غير المسبوقة، جاءت مبالغ فيها بعض الشيء حسب تصريحات الكثيرين باعتبار أن المناصب الثلاثة كانت في متناول الجميع قبل سنتين وأن كل الحاصلين على شهادة ليسانس دون استثناء كانوا يشاركون دون تحفظ، وكان الشرط الوحيد المطلوب في المعنيين بالمشاركة في مسابقات التوظيف حصولهم على شهادات الإعفاء من الخدمة الوطنية. وأبدى الكثيرون علامات الاستفهام والتعجب حيال الشروط الجديدة التي حرمت المئات من المشاركة في مسابقات التوظيف، بل عطلت مسارهم المهني وجعلتهم يدقون ناقوس الخطر إزاء تعاظم البطالة لدى الجامعيين، وتطرق حملة شهادة ليسانس تخصصات «صحافة مكتوبة» و«سبر آراء» و« السمعي البصري» بإسهاب إلى قيامهم بجولات مكوكية عبر كل القطاعات التنفيذية في ولاياتهم لأجل ضم ملفاتهم لدى مصالح المستخدمين بنية المشاركة في مسابقات توظيف مناصب متصرف إداري ومساعد إداري، غير أن محاولتهم اصطدمت بجدار الرفض الإداري وقوبلت ملفاتهم بالإلغاء، بحجة أنهم غير معنيين بدخول قطاع الوظيفة العمومية وأن مهامهم محصورة فقط في قطاع الإعلام رغم المعوقات المعروفة في المجال ذاته واستحالة ضمانهم مناصب دائمة في يوميات وطنية وصعوبة اكتساح مبنى التلفزيون الجزائري.