تحوّلت الملصقات الدعائية للأحزاب والمترشحين للانتخابات التشريعية إلى هدف مفضّل لمجهولين بعد أن عاثوا فيها فسادا سواء بتشويهها أو تمزيقها، لكن اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات نفت أن تكون قد تلقت حتى الآن شكاوى أو طعونا من طرف الأحزاب المستهدفة حتى الآن على الرغم من إقرارها بحصول مثل هذه الخروقات، وأمام هذا الواقع يبقى إقناع المواطن بجدوى الانتخابات أمرا صعبا. لم تمرّ سوى أيام قليلة من بداية الحملة الانتخابية وتزامن ذلك مع شروع الأحزاب السياسية والمترشحين للتشريعيات في وضع ملصقاتهم الدعائية في الأماكن التي حدّدتها المصالح الولائية حتى ظهرت بعض الممارسات التي لا تمتّ بصلة للعمل السياسي النزيه، حيث امتدت أيادي السوء إلى الملصقات دون استثناء عاثت فيها فسادا سواء من خلال تمزيقها كلّيا أو تشويهها وكذا التعرّض بسوء إلى أشخاص بعينهم بإخفاء صورهم وترك البقية، وكانت ملصقات حزب جبهة التحرير الوطني الأكثر عرضة لهذه التجاوزات التي يعاقب عليها القانون. وبحسب مراقبين فإنه يبدو أن الأمر مفهوما عندما يتعلق بحزب من شاكلة «الأفلان» لأنه كان أول من بادر إلى تعليق هذه القوائم منذ انطلاقا الحملة الانتخابية، وثانيا لكثرة خصومه السياسيين الذين يريدون من خلال هذا السلوك إعطاء الانطباع بأن الشعب يتطلّع إلى التغيير من حلال إزاحة جبهة التحرير الوطني من تصدّر النتائج، ضف إلى ذلك عاملا آخر مرتبطا بغضب الكثير من المناضلين الذين شملهم مقصّ الأمين العام ومكتبه السياسي بعد استبعادهم من قوائم الترشح. واللافت أنه وبعد انقضاء أربعة أيام من عمر الحملة الانتخابية لوحظ أن عددا كبيرا من التشكيلات السياسية والقوائم الحرّة امتنعت عن تعليق ملصقاتها في الأماكن المحدّدة لها من طرف المصالح الإدارية خشية أن تلقى نفس مصير من سبقها إلى ذلك. وقد طالبت جبهة التحرير الوطني بضرورة وضع حدّ لمثل هذه التجاوزات خصوصا أنّ أيادي السوء طالت ملصقات الحزب في عدة ولايات في استهداف متعمّد ترك نفس البصمات مما يؤكد أن الأمر دبّر بليل ما جعل من الصعب رصد المعتدين. وفي هذا الشأن ذكرت مصادر مسؤولة في اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات أن الأخيرة لم يصلها أي طعن أو شكوى من طرف الأحزاب أو ممثلي القوائم، وأكدت في المقابل أن كل التجاوزات تمّ الإطلاع عليها عبر وسائل الإعلام، وقال عضو قيادي في هذه الهيئة حول الموضوع: «لم تتلق لحدّ الآن أية شكوى أو طعون»، موضحا أنه سيتم إخطار اللجنة الوطنية للإشراف على الانتخابات بكل صغيرة وكبيرة في حال وصول شكاوى تستوجب اتخاذ مثل هذا الإجراء. ومن بين أبرز التجاوزات التي تمّ تسجيلها في أولى أيام الحملة الانتخابية هو استعمال وسائل وإمكانات الدولة لأغراض حزبية حيث كان المستهدف من ذلك متصدّر قائمة «تكتل الجزائر الخضراء» بالعاصمة الذي يتهم بأنه استغل منصبه الوزاري وصورة الطريق السيّار في ملصقته للترويج لقائمته، إلى جانب الحديث عن استعمال القرآن والإسلام لأغراض سياسية، زيادة على استعمال المال العام للإشهار وكذا الخرق المتعلق باستعمال اللغة الفرنسية في الحملة والملصقات مثلما حصل مع حزب «عمارة بن يونس». وعلى هذا الأساس فإن الأحزاب والمترشحين للتشريعيات بمختلف توجهاتهم يجدون صعوبات بالغة في الاحتكاك بالمواطنين أو حتى مجرّد تمرير رسالة المشاركة التي أصبحت نقطة تقاطع الجميع بهدف كسب ودّ الناخبين، ولذلك فإن العمل الجواري بات مفضّلا رغم اعتماد البعض الآخر على تنشيط التجمّعات الشعبية التي ظهر جلّيا حتى الآن بأنها لا تستقطب الاهتمام بعد أن تأكدت غالبية المواطنين بأن الانتخاب لم يعد ذو جدوى.