الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم هو نتاج ثقافة الكراهية التي تنمو في العالم الغربي، في دول أروبا وأمريكا، ألم تشن الحكومة الأمريكية حملة شرسة ضد كل ماهو إسلامي وضد كل ما يرمز للإسلام عقب أحداث الحادي عشر سبتمبر، برغم الإدانة الواسعة التي صدرت من مسلمي أمريكا وتضامنهم واعتبار أنهم جزء لا يتجزّأ من الشعب الأمريكي. رغم ذلك شنت الإدارة الأمريكية حملة سياسية وأمنية وعسكرية ولّدت ثقافة الكراهية للمسلمين، والمطلوب قانونا يعاقب الإساءة للدين الإسلامي ومعاداة المسلمين، وبدون ذلك ستظل أمريكا مسؤولة عما يصدر من أراضيها من إساءات قاسية للمسلمين وللإسلام. وفي أوروبا أطلقت حكومة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي حملة عدائية ضد الإسلام والمسلمين والمغتربين والمهاجرين باسم المدنية والدولة العلمانية، العلمانية التي تبيح كل القيم حتى الساقطة منها، لكنها لا تحمي الإسلام والمسلمين، هنا يتحمل الغرب مسؤوليته عما يحدث وعما يمكن أن يقع مستقبلا نتيجة الرعونة المسيحية المتطرفة المدفوعة من الصهيونية العالمية. وفي دول الأراضي المنخفضة ظهرت الاستفزازات بشكل غير مسبوق، فلا يبدو أن تلك الدول لها رأي مخالف لما يصدر من إساءات ورسومات مسيئة وسياسات ظالمة ومجحفة للمسلمين، وحملات التضييق التي تؤطّرها الدول والحكومات الغربية، فكيف لا يتحمل الغرب مسؤولية كل هذا التحرش والظلم بحق الإسلام والمسلمين؟ فلا يوجد في العالم الإسلامي مصيبة ولا أمر يستفز مشاعر الجماهير والمسلمين أكبر من الإساءة للدين الإسلامي ولرسول البشرية محمد صلى الله عليه وسلم. الغرب يعرف هذا الأمر، وإعلامه وطبقته المفكّرة والمثقّفة وصنّاع السياسة فيه يدركون مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم لدى المسلمين، رغم ذلك لا ينفك هؤلاء عن استفزاز مشاعر أزيد من مليار مسلم في العالم بواسطة مثل تلك العمال والرسوم المسيئة، وعندما يحدث الرد فإن المسؤولية لا يجب أن تظل على عاتق المسلمين، لأنها من صميم العالم الغربي الذي يتطرف في نظرته لنا، ويرفض منع الإساءة لديننا وقيّمنها وانتمائنا. لذلك نقول اليوم إنه لا يبدو أن العالم سيعود إلى ما كان عليه قبل فيلم الإساءة لسيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم. العالم نفض يديه من حكاية حوار الحضارات التي لطالما سمعنا بها هنا وهناك، حيث لم يعد أي من المسلمين مقتنعا بهذه النظرية التي جاءت عقب نهاية الحرب الباردة وتشكلت بطريقة بارزة بعد اتفاق السلام والإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية. البعض سيتساءل ما العلاقة بين حوار الحضارات والدولة الفلسطينية، لكن هذه الخلفية هي التي ظلت تحكم العالم وعلاقته بالمسلمين الذين اعتقدوا أن الذهاب إلى السلام سيجفف منابع التطرّف الصهيوني المسيحي، لكن الذين قادوا حوار الحضارات من الديانات الرئيسية الثلاث، وجدوا أنفسهم محاطين باعتبارات أخرى أجهضت «الحكاية»،حيث الرغبة الجامحة في قتل الآخر والاستحواذ بالقوة والمال والسلطة.وعليه سيظل العالم الإسلامي رهينة استئثار الغرب المسيحي المتطرف بكل أسباب القوة ما دمنا أسرى أنظمة متخلفة لا ترى في قوتنا إلا انقلابا وتهديدا على استمرارية وجودها، تلك الأنظمة التي تستأثر هي الأخرى بثروات الشعوب لصالح فئة قليلة من عُصبها ومن دائر في دوائرها، هذه مصيبة العالم الإسلامي الذي يبحث عن القوة في غير موضعها، العالم الإسلامي مريض بفكر استيلابي وآخر متطرّف يرى أن تحقيق القوة لا يأتي إلا بالتفجيرات والاغتيالات وهذا أمر مخالف لقواعد الشريعة، لذلك يتفنن الخصوم والأعداء في اصطياد الحجة من أخطائنا للاستدلال على صحة اتهاماتهم لنا، وإن كنا لا ننتظر شهادتهم فإن حجتنا تكون أقوى عندما نلتزم بأخلاق المسلمين، وليس الاجتهادات الدينية التي تحتكم إلى الاعتبارات السياسية.