مرة أخرى، يخرج علينا بابا الفاتيكان بعبارات المجاملة ودعوات الحوار بين المسلمين والمسيحيين، بل والقول إن المسلمين والمسيحيين يعبدون إلها واحدا، لكن لم يعتذر عمّا اقترفه في حق الإسلام والمسلمين من كلمات جارحة وادّعاءات مغرضة في محاضرة علمية أعدّها فريق من رجال الدين ومساعدي البابا. رشيد ولد بوسيافة بيندكت السادس عشر جمع سفراء الدول الإسلامية في الفاتيكان وممثلي الجالية المسلمة في إيطاليا، وعوض أن يطفئ نار الغضب المنتشرة في العالم الإسلامي بكلمة اعتذار بسيطة وسحب تصريحاته الاستفزازية من المحاضرة التي ألقاها في ألمانيا.. عوض ذلك تفنّن البابا في عبارات المجاملة الفارغة من أي معنى حضاري، ودعا إلى حوار صادق بين أبناء الديانتين، وما معنى الدعوة إلى حوار حقيقي وصادق بين المسلمين والمسيحيين، في الوقت الذي يعتبر أن الإسلام لم يأت، إلا بما هو شرير وغير إنساني؟ وفي الواقع، فإن إساءة البابا أعطت التغطية الدينية للإساءة الدانماركية والنرويجية، بل إن تصريحاته جاءت معبرة "بصدق" عن تلك الصور التي نشرتها الصحيفة الدانماركية، فأقل ما يقال عن الشخصيات التي جسدتها الصور إنها شريرة وغير إنسانية، كما دشنت تصريحات البابا فصلا جديدا من حملة الإساءات على العالم الإسلامي، بدءا بالصحف الفرنسية والألمانية التي لا يمر يوم إلا وتخرج بمقال يهاجم الإسلام ويحتقره، إلى المرأة التي تجرّأت على سبّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - في نيجيريا، إلى الأحداث العنصرية ضد المسلمين في الأحياء الفرنسية وتدنيس المساجد بالصلبان المعقوفة. لا يمكن أن يكون هناك حوار للحضارات، إذا كان السياسيون في الغرب يعتبرونه سخافة، ولا يمكن تحقيق تقارب بين الأديان إذا كان الحبر الأعظم عند المسيحيين يسب الإسلام ثم يصر على عدم الاعتذار، كما لا يمكن أن تحترم الشعوب والأمم الأخرى المسلمين إذا ظلوا على ضعفهم وتفرقهم وتخلّفهم، وتكفي الإشارة إلى تعامل بعض المتدينين المحسوبين على السنة مع النصر التاريخي الذي حققه حزب الله، فنظروا إليه من زاوية طائفية ضيقة وكانوا عونا لأمريكا وإسرائيل عليه، ولن يكون المسلمون محل احترام من الأمم الأخرى إذا كانت الإساءات اليومية في حق الإسلام تصدر من المسلمين أنفسهم، وآخرها وصف القرآن بأنه سوبر ماركت!