هذا الكتاب الصادر عن دار الأمل للطباعة والنشر والتوزيع التي أخذت على عاتقها إخراج الكتب التاريخية والأدبية والمساهمة في الحركة الثقافية، يقع الكتاب في 200 صفحة، أظهر من خلال مقدمة الكتاب بداية الاهتمام بهذه الشخصية بعد اطلاعه على كتاب أبي يعلى "جماعة المسلمين" والإسلام الصحيح والخطب والعديد من مقالاته التي نشرت ما بين 1935 و1937 بالمجلات الجزائرية آنذاك. ولقد وقع اختيار فراد على شخصية أبي يعلى باعتباره علما بارزا وظف قلمه وشغل عقله من أجل تجاوز ظاهرة التخلف التي جثمت على العالم العربي، وقد أدرك بفضل حصافة رأيه –يضيف فراد- أن علة التخلف تكمن في تعطيل العقل والحل عنده يكمن في الرجوع إلى رحاب العلم وإصلاح المدرسة وإلى تجديد الخطاب الديني بكيفية متوازنة تحمي الأمة من الخطر إلى الماضي البحث عن المستقبل. ومن الانبهار بالآخر (الحضارة الغربية) إلى درجة قطع الصلة بموروثنا الثقافي الإسلامي وهكذا فقد استهدفت كتابات أبي يعلى الزواوي الوسطية التي تجمع بين روح رصيدنا الحضاري الإسلامي وأدوات الحداثة الواردة إلينا من أوربا، لذلك فهو يعد من المثقفين القلائل الذين دعوا إلى الإصلاح عن طريق التجديد في إطار الأصالة أو بعبارة أخرى دعا إلى الإصلاح عن طريق اختراق الآخر للاستفادة من جهوده التربوية، إن أهم ما جلبت الباحث فراد في حياة الشيخ أبي يعلى هو قوة شخصيته المتميزة التي صقلت شخصيته وقد مكنه ذلك من اكتشاف أمرين هامين هي تخلف العالم الإسلامي بسبب الجهل المطبق وتقدم الغرب بسبب تحكمه في ناصية العلم والمعرفة، خصص فراد الفصل الأول لمولد أبي يعلى وبيئته التي نشأ فيها مستعرضا الخصائص الثقافية لمنطقته التي يمكن إجمالها في تدريس القرآن والعلوم الدينية وانتشار ثقافة التصوف التي كانت تتحلى ميدانيا في حلقات الذكر والشعر الديني بلسان أمازيغي، فلقد ولد أبو يعلى الزواوي سنة 1866 وتوفي 1952 في قرية تاعروست بعرش ايغيل أنزكري كان أبوه محمد الشريف يمارس وظيفة التعليم والإمامة لقد تربى أبو يعلى في بيئة تتميز بكثرة الكتاتيب والزوايا التي تعلم القرآن والعلوم الدينية وتفسر هذه الظاهرة الثقافية بتمركز أسر الأشراف المرابطين هناك، تحدث أفراد عن عدة زوايا بالمنطقة كزاوية سيدي منصور وهي أهم مؤسسة تربوية وتعليمية في منطقة أزفون وما جاورها ففي الفصل الثاني تحدث عن قضية المرأة وحقها في التعليم والعمل والميراث، أما الفصل الثالث فخص بالإصلاح التربوي، بإصلاح التعليم وحاجة الجزائر إلى التعليم العالي وهنا تفطن أبو يعلى إلى غياب منارة علمية تؤدي دور الجامعة في الجزائر، وتمكن الطلبة والمعلمين من تعميق تحصيلهم المعرفي كما دعا إلى التخلي عن التعليم التقليدي مع ضرورة الاستفادة من تجارب وخبرات أوربا وربط التعليم بمجال العمل إصلاح البرامج وطرائف العمل وهنا دعا أبو يعلى إلى هيكلة المدرسة على أساس النظام مع وجوب تحديد مرحلة كل طور زمنيا وكذا وضع المعلمين تحت هيئة التفتيش كما اقترح أن تشمل البرامج التعليمية العلوم الشرعية والعلوم الإجتماعية كالفلسفة والمنطق بالإضافة إلى الحساب ولم يفت أبا يعلى التكوين المهني بخصوص الطلبة الغير قادرين على مواصلة التعليم كما دعا إلى إصلاح خطب الجمعة وإلى التكفل بانشغالات المواطنين مع تفضيله الخطب الشفوية والابتعاد عن التملق للحكام. والدعوة إلى تجاوز الخلافات المذهبية أما الفصل الرابع من الكتاب فتحدث فيه أفراد عن أفكار أبي يعلى السياسية من نقد لقانون التجنيد الإجباري ومطاردة أراضي الجزائريين وفرنسة المدرسة والمجتمع كما حارب الرذيلة وانتشارها في المجتمع مع اهتمامه بالبعد التاريخي الأمازيغي فألف كتاب زواوة في الجزائر من أجل تعليمهم مع الحفاظ على فكرة جماعة المسلمين وتفعيل دور الأئمة وإحياء الحسبة ويضم الكتاب في الأخير عدد من مقالات أبي يعلى في عدد من الجرائد بالإضافة إلى عدد من الصور عن جامع قرية تعروست أين عاش أبو يعلى جزءا من حياته. عدة خليل