يؤكد المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا أن الجنرال شارل دوغول لم يكن يوما مع "الجزائر فرنسية" ولو انه كان متأرجحا بشأن وضع الجزائر قبل الدعوة إلى الحكم الذاتي في خطاب شهير له. ويقول ستورا في كتاب له سيصدر مطلع سبتمبر القادم بعنوان "لغز دوغول، خياره للجزائر" إن دوغول لم يكن يطيق تأثير المشارقة والمغاربة على التركيبة السوسيولوجية الفرنسية ولذلك أمر بدعم الأصول الأوربية المنحدرة خصوصا من غرب القارة العجوز. ما الذي كان يفكر فيه دوغول وهو يتأهب للعودة إلى السلطة سنة 1958؟ سؤال يعيد طرحه الباحث الفرنسي والمؤرخ المعروف بنيامين ستورا في كتاب "دوغول اللغز" ويطل من خلاله على أهم ما يؤرق المؤرخين الذين يهتمون بطريقة الجنرال الفرنسي في رؤية المستعمرات والتحول الذي طرأ على سياسته تجاهها فجأة مع صعود تيار مناصرة حركات التحرر بداية من خمسينيات القرن الماضي. بين اللحظة التي قال فيها دوغول للأقدام السوداء، الذين طالبوا به في الحكم يوم الرابع جويلية 1958، "فهمتكم" و اختياره "الجزائر جزائرية"، كان ستورا يبحث عن مكمن "سوء الفهم" الذي وقع وأدى إلى ظهور المنظمة العسكرية الخاصة والتي ساهمت بفعالية في الكثير من الاغتيالات التي طالت كل من دعا إلى الجزائر جزائرية. ويقول ستورا إن الخيار الذي توصل إليه دوغول بفتح الطريق أمام الحكم الذاتي ثم الاستفتاء الشعبي لتقرير المصير وكل ما رافق ذلك بين 1958 و1962 والدفاع عن "جزائرية الجزائر" حتى لا يخسر دوغول فرنسا الأم..كان خيارا تسبب في نعت دوغول ب "بطل العالم الثالث". ويطرح المؤرخ الفرنسي زاوية جديدة عن مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة من حيث نظرة دوغول للديانات والإسلام خصوص وفي هذا يقول إن دوغول يرى الحضارة الإسلامية "جسم أجنبي غريب" طالما أن الجنرال الفرنسي كان يعتقد باحقية الحضارة الكاثوليكية على ما دونها من مكونات حضارية بشرية. ولهذا السبب لم يؤمن دوغول يوما بإمكانية إدماج الجماهير المسلمة في الجمهورية الفرنسية. والاكيد ان هذا الكتاب الجديد لبنيامين ستورا سيثير جدلا واسعا بين الضفتين هذا الخريف لما يحمله من اطروحات بعضها يقول بطريق غير مباشر ان دوغول منح الجزائر استقلالها، وهو ما لا تطيقه المدرسة التاريخية الجزائرية والاسرة الثورية. يذكر أن كتاب ستورا "لغز دوغول وخياره للجزائر" سيصدر يوم 4 سبتمبر القادم عن دار روبير لافون الفرنسية.