ليس السؤال العدمي القديم “من يقتل من”؟ هو الذي يثير الفضول وربما الصدمة.. السؤال الجديد الذي بدأ يفرض نفسه بقوة الآن، هو “من يحاور من”، في ظل اختلاط الأوراق، وعدم وضوح الفكرة “التمثيلية” للجماهير، بآليات غير آلية الصندوق. اليوم، بدأنا نسمع أصواتا تشترط شروطا خاصة لقبول الحوار، ومن بين أغرب الشروط التي ظهرت، هو أنها تحتكر التمثيل، وأن بقايا الحراك هو وحده الممثل الشرعي للحراك، ولا يحق للحراكيين الأوائل أن تكون لهم كلمة أو صوت، لأنهم ساروا في موكب السلطة برأيهم، وفضلوا الانتخابات على منطق “التاغنانت”. هذا يعني : أن فكرة الاقصاء ما زالت تسيطر على البعض، رغم أن العدميين الذين رفعوا شعار “لا انتخابات مع العصابات”، ولا حوار مع العصابات”، كشفوا بقبولهم لمبدإ الحوار، أنهم هم من كانوا على ضلال، وليس أولئك الذين قبلوا به من قبل. كما يعني أننا سندور في دائرة مفرغة كبيرة، حول “من يحاور من”؟، خاصة وأن طوابير طويلة الآن ستصطف أمام قصر المرادية، وقد أعلن مدير حملة الرئيس تبون، أن اتصالات كثيرة تصله من مختلف الجهات لتسجيل أسمائهم، الأمر الذي يؤكد ما كنا نقوله دائما، حول الجهات التي تتعشى في المساء مع بن فليس وتنتخب صباحا على الفيس، وتلك التي ترفع لواء الراديكالية صباحا، وتتصل لضمان حصتها من الكعكة في المساء، وترفض الانتخابات صباحا وتقبل بنتائجها في المساء، وتعتبر السلطة عصابة في الصباح، وتقبل محاورتها في المساء.. ما يدفعنا دفعا للتساؤل .. هل الأطراف التي تعرض نفسها اليوم للحوار، تستحق الحوار معها فعلا، أم أن الأمر يتعلق ببزناسية لا أكثر ولا أقل؟