يبدو ان العلاقات الجزائرية الفرنسية دخلت مرة اخرى في نفق مظلم بسبب ممارسات فرنسية التي تابه باريس الاقلاع عنها، وقد كان الحوار الذي بثته القناة الفرنسية فرانس24 مع المدعو فرانسيس غيلاس، ايذانا بعودة التوتر بين الجزائر و فرنسا. هذا التوتر تجلى من خلال استدعاء الخارجية الجزائرية للسفير الفرنسي في الجزائر، كسافيي دريانكور، وتبليغه احتجاج السلطات الجزائرية على ما صدر عن القناة المذكورة والتابعة للخارجية الفرنسية كما هو معلوم. عودة التوتر بين الجزائروباريس مرة اخرى، يؤكد بان العلاقات الثنائية هشة بشكل كبير، وهو ما جعلها عرضة للتأثر عند أي حادث بسيط، مثلما يعني ايضا هذا المستجد، ان اجندات البلدين، مختلفة بل متضاربة بين القوتين الرئيسيتين في الضفة الجنوبية والشمالية للبحر الابيض المتوسط. ومعلوم أن السلطات الفرنسية لم تعترف بشرعية انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون الا متاخرة وبعد ان ايقنت ان الأمر بات واقعا، حيث سارعت وبعد تردد كبير إلى الاعتراف بنتائج الانتخابات وتهنئة الرئيس المنتخب. الملفات المختلف بشانها بين البلدين، كثيرة ومتعددة منها الداخلية والخارجية (الملفات الاقليمية والدولية). وكما هو معروف لدى الجميع ان السلطات الفرنسية لا تنظر بعين الرضا الى الجزائر منذ سقوط نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وقد دخلت باريس في صراع مع الجزائر منذ ان بدات هذه الاخيرة في اقتلاع الشخصيات المحسوبة على الرئيس السابق والتي لها علاقات وامتدادات في باريس، الأمر الذي ابعد المستعمرة السابقة عن صناعة او على الأقل الاقلاع على صناعة القرارات قبل صدورها، كما كان الحال في عهد الرئيس المخلوع. ويبدو ان باريس فشلت حتى في الدفاع عن رموز النظام السابق في المحاكمات التي زجت بهم في السجون، مقابل الخدمات التي اسدوها لها على مدار سنوات، في حين وقفت الجزائر بصرامة في وجه بعض الممارسات الفرنسية في قضايا اقليمية وخاصة الازمة الليبية التي تورطت فيها باريس الى اذنيها، وكان موقفها أقرب إلى الموقف التركي المناقض للموقف الرسمي الداعم للانقلابيين في شرق ليبيا. غير أنه ومع ذلك يبقى أهم ما يعني فرنسا في الداخل الجزائري هو حماية مصالحها، التي باتت مهددة اكثر من اي وقت مضى، وما المناورات التي تقوم بها باريس من حين الى اخر ما هي الا محاولات يائسة للضغط على الطرف الجزائري الذي يبدو هذه المرة، غير متسامح معها.