يرى علاوة وهبي، أن أغلب ما يتم إذن في البلاد العربية ومنذ مارون النقاش إلى اليوم باسم الاقتباس هو باختصار وبصراحة، اختلاس لا أكثر ولا أقل، والذين يقومون بذلك يعترفون في أنفسهم بذلك وينفنوه أمام الغير، داعيا إلى مقارنة النصوص التي تقدم تحت مسمي الاقتباس وأصولها بلغتها الأصلية، داعيا إلى ضرورة تصحيح الوضع والمصطلحات لأن الاستمرار فيه لا يخدم الحركة المسرحية. زينة.ب وقد نشط الأستاذ والإعلامي علاوة وهبي العدد ال18 على المنصة الافتراضية منتدى المسرح الوطني الجزائري حول موضوع “أسئلة الكتابة المسرحية: الإقتباس”، لمناقشة مفاهيم ارتبطت بالنص المسرحي والمحول إلى نص درامي مشخص في أحداث وشخوص عبر تحولات بين الاقتباس والإعداد وإشكالية المصطلح في ذلك، ونحو التتبع الدقيق لمجالات الاشتغال على النص وتأثيره في الحركة المسرحية على جزئية النقد. وتابع وهبي أن ترجمة المصطلح تمت خطأ بمعني أن كلمة Adaptation قد ترجمة ترجمة خاطئة منذ البداية ليتم بعدها تبني الخطأ ويصبح كأنه الخطأ الصح، وأن أول من ترجم المصطلح وبالخطأ هو في اعتقاده اللبناني مارون النقاش، أي هو أول من اختلس مسرحيا بتقديم عمل موليير البخيل سنة 1848، وفي تعريف قاموس لاروس الفرنسي لهذا المصطلح -يضيف- أن Adaptation هي التكييف، أي تكييف شيء مع شيء آخر ليس من نوعه ولا أصله أما في لغتنا العربية، فإن ملجأنا هو القرآن المرجع الأساسي لغويا، فنجد تعريف الاقتباس أو معناه في سورة “طه” في الآيتين الثامنة والتاسعة كما يلي “هل أتاك حديث موسي إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد علي النار هدى”، هنا آتيكم منها بقبس، ونجده كذلك في سورة “النمل” الآية السابعة، وفي سورة “القصص” الآية التاسعة والعشرون. أما في منجد اللغة فنجده كما يلي “قبسا قبسا منه النار. أخذ منها شعلة”، أخذ منها شعلة وليس النار كلها، وهو عكس ما يفعله المسرحيون مع النصوص التي يقولون أنهم اقتبسوها. أما في معجم المسرح للباحث الفرنسي باتريس بافيس فنجده يقول بأن l'Adaptation، هي عملية تحويل أثر أدبي من نوع إلى نوع آخر، كأن تحول رواية إلى مسرحية ويضيف بأن معناه هو المسرحة Dramatisation، إستنادا إلى الأعمال السردية؛ القصة، الرواية، الحكاية، الأسطورة، وغيرها وهذه العملية تعني فيما تعنيه Dramaturgique، وهو على نقيض الترجمة أو الحدثنة. وأضاف الإعلامي أن انوي وراسين وشكسبير لم يأخذوا أعمال غيرهم بل أخذت أعمالهم من الأسطورة ذاتها ولا وجود لبصمات سوفوكليس في أعمالهم أما موليير فهو الآخر اختلس من غيره وخاصة من الكوميديا ديلاتي الإيطالية، وقد أسهب في الأمر من طرف نقاد ودارسين فرنسيين كما هو في مقدمة ودراسة لنصه “فذلكات اسكابان”، موضحا أن أخذ الأسطورة ذاتها والاشتغال عليها لا يعد اقتباسا من نص مسرحي ولكنه اقتباس من عمل سردي أما ما يتم عند البعض هو أخذ نص مسرحي وترجمته أو تحويل حواره إلى لهجة دارجة وتغيير أماكن أو مكان الحدث وأسماء الشخصيات والقول بأنه اقتباس وهو فدغير ذلك لأن الاقتباس أخذ الجزء وليس الكل وهذا ليس إلا اختلاسا كما هو الأمر في التناص والتلاص، مضيفا أن التماهي لا يعني الاقتباس كما هو معمول به عندنا وأخذ الجزء من الكل لا ضير فيه أما أخذ النص كما هو والعمل على تغيير أسماء الشخصيات ومكان الحدث والإبقاء على كل شيء فهو اختلاس، أما بالنسبة لمارون النقاش فأنا أحكم عليه من قوله “اقتباس”، فلماذا لم يقل ترجمة أو لبننة وهنا كان الأمر سيختلف. وقال علاوة وهبي، أن الاقتباس يكون من أي نوع من الرواية من الحكاية، القصة أو القصيدة والأسطورة وهذا ما تقوله القواميس اللغوية وغيرها من كتب التعريفات والمصطلحات، أما أخذ نص كتب أصلا للعرض المسرحي والقول باقتباسه فإنه غير مقبول ولا يكون سوى اختلاسا، وما فعله كاكي هو أنه اشتغل على نص بريخت ولم يشتغل علي الأسطورة الصينية، ويذكر يوم قدم العمل سنة 1966 كتب في ملصقه تآليف وإخراج كاكي وبعد كتابة في الصحف بأن النص ليس له وإنما لبريخت وقد كتبت عن ذلك شخصيا في جريدة الشعب بعدها عمد إلى إلغاء الملصق الأول وعوضه بآخر وكتب اقتباس كاكي، كما أن اشتغاله على قصة شعبية من الغرب ليست هي العمل لأن روح نص بريخت موجودة في القراب والصالحين وتغيير اسما الشخصيات وتغيير الآلهة إلى الصالحين لا ينفي أخذه نص بريخت، وما قام به هو تكييف لعمل بريخت ونقله إلى اللهجة الجزائرية وفقط. علاوة وهبي، كاتب وإعلامي متقاعد، كان من أهم المسرحيين ممارسا، حيث يعد من مؤسسي فرقة “كراك” المسرحية بقسنطينة إلى جانب عبد الحميد حباط، ألف العديد من النصوص المسرحية، تم تقديمها وحاز عن أحدها بعنوان “الضوء” الجائزة الأولى سنة 1966 في مهرجان عيد الاستقلال والشباب، وله عدة مؤلفات منشورة في القصة والرواية والمسرح والشعر، ومجموعة كتب مترجمة عن الفرنسية في مجالات مختلفة، أهمها ترجمة مسرحية “ألف مرحي” لمحمد ديب، و”استراحة المهرجين” لنور الدين عبة وآخرين من الغرب. يُذكر أن المنتدى يشرف عليه الناقد المسرحي بوبكر سكيني بكل حماس حيث ينشر كل ليلة منشورا يتعلق بالموضوع والضيف المنشط مع فتح المجال للنقاش من خلال التعليقات. والمنتدى في مجمله منصة تفاعلية لطرح القضايا والإشكالات المرتبطة بالمنجز في المسرح الجزائري خاصة وفي الصيغ التي تميز الفن المسرحي على جميع مستوياته الأدائية من فنية وجمالية.