تحدث مدير المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري ببرج الكيفان، الدكتور محمد بوكراس عن ظروف التكوين بالمعهد قائلا أنها خاصة لأن المسار من البداية يتم دون الحصول على طلبة مهيئين بالمعلومات، مشيرا إلى ضرورة تفعيل الاتفاقيات الخاصة بإدراج التربية المسرحية والسينمائية في منظومتنا التربوية، بالإضافة إلى ضرورة التجهيزات بكثافة أكبر. زينة.ب وأوضح بوكراس لدى تنشيطه للعدد ال23 لمنتدى “فضاء الركح” الافتراضي لمسرح بسكرة الجهوي حيث قدم مداخلة مصوّرة تتمحور حول “التكوين الفني الأكاديمي في الجزائر .. أي استراتيجية للمستقبل؟”، أن سبب تكريس الفكرة المتداولة المتعلقة بتركيز المعهد على الجانب التاريخي وإهماله الراهن والقضايا التي تدار في معاهد العالم هو أن التكوين في حد ذاته صعب، فالطلبة الملتحقون يأتون دون معارف أو خلفية لأنهم في أطوار المتوسط والثانوي لا يتلقون سوى نظرة خفيفة في التربية الفنية والموسيقية فقط، بالتالي لابد من تقديم مجموعة من المقاييس وأرضية متعلقة بمبادئ الإخراج والتمثيل وكذا فكرة عن السينما والمسرح والسينوغرافيا وغيرها، فإذا لابد من “توطئة تاريخية” تتعلق بتجديد المعارف ومنه هي بمثابة زاد معرفي. وتابع بوكراس، أن مبادرة وزارة الثقافة بالتنسيق مع وزارة التكوين المهني في إطلاق “البكالوريا الفنية” التي سيتم تفعيلها، نكون قد حللنا مشكل المخرجات والمدخلات، فالأولى أننا كلما قدمنا تكوينا في الأقسام الفنية سواء في الجامعات أو المعهد سنؤسس بذلك طبقة الأساتذة المؤطرين في أقسام المتوسط والثانوي، ولكن -يضيف- لن يكون مصيرهم التأطير فقط بل سيكونون فاعلين حيث سيتواجدون كمستشارين ثقافيين ومنشطين وسيتواجدون في المسارح الجهوية كممثلين أو مخرجين إلى جانب تواجدهم في قطاع التربية، والثانية (المدخلات) -يقول- أننا سنتحصل على نوعية جيدة من خلال تكوين محترم فالذين يتحصلون على تلك الدروس قبل الوصول إلى الجامعة أو المعهد يكونون مهيئين، مضيفا أنه بالإسراع لتحقيق المبادرة سيأتي الجيل القادم بقاعدة ومع على الجامعة والمعهد سوى تقديم أدوات الاشتغال في الميدان، لذلك -يؤكد- لابد من مراجعة البرامج التي تواكب الجيل الجديد من الطلبة القادمين مستقبلا حاملين معهم قاعدة فنية. وأضاف المتحدث ذاته، أن التكوين في الجامعة “شيء من كل شيء”، حيث أن برامج الأقسام الفنية مليئة بالمعارف النظرية الممتازة لكنها تفتقر للممارسة الميدانية بسبب غياب قاعات التدريب المسرحي وغياب أجهزة السمعي البصري، لكن -يقول- أن الأمر يختلف في المعهد حيث يتم التعامل ب”كل شيء عن شيء”، فالحجم الساعي لكل تخصص (تمثيل، إخراج، إدارة الصورة، وغيرها) يأخذ حصة الأسد من الدروس. وقال بوكراس إلى أن المعهد يقدم ليسانس وماستر مهنيان، ورغم أنه لا يوجد رضا تام عن التجهيز داخل المعهد لكن هناك قاعات وأجهزة والسعي جارٍ لتجهيز المعهد أكثر للاستفادة من التكوين الميداني والتطبيقي والممارساتي العميق حتى يكون الطلبة مهيئين لاستقبال مهنهم بكل احترافية واقتدار وكذا التجاوب مع احتياجات السوق الذي يحتاج حاليا إلى مهارات عالية، لذلك -يضيف- يقدم المعهد اليوم الخبرات والمهارات والتدريبات المهمة، لكنه بحاجة إلى تحسين وحاليا يسعى لتغطية العجز الموجود في التأطير من خلال الورشات والتربصات الميدانية بالشراكة مع هيآت ذات اختصاص على غرار المؤسسة العمومية للتلفزيون والمسرح الوطني والإذاعة والمركز الوطني للسينما، فعندما -يؤكد- تكون لدينا مثل هذه الاتفاقيات (التي هي موجودة وتنتظر التفعيل فقط) سنغطي العجز في التكوين والتأطير. من جانب آخر، حصر مدير المعهد مشكلة التأطير في أن المؤطرين الماهرين والمحترفين والممتازين في مجال اختصاصاهم قد كسبوا خبرتهم من الممارسة الميدانية ولكن نظام ال”أل.أم.دي” يقتضي توفر الشهادة الجامعية من أجل منصب أستاذ وهذا ما يخلق الإشكال في دفع المستحقات وهذا ما يستلزم من المعهد تسويته، مضيفا أنه رغم وجود ماستر مهني في الإخراج وإدارة الصورة إلا أنه لابد من التفكير بالماستر الأكاديمي لأنه يفتح الآفاق في اتجاه البحث العلمي فلابد -يقول- من وجود مخبر بحث ومجلة ووصول الطلبة إلى الدكتوراه الذين بدورهم يعودون كمؤطرين وتأطيرهم سيكون متناغما مع نظام المعهد. وختم مدير المعهد، أن المعمول به في الجامعات العالمية يقود إلى بناء الإنسان للسماح له بمواجهة الميدان العملي ويكون فعالا وإيجابيا وفرض نفسه ككفاءة عالية، والمعهد في وطننا -يضيف- رائد في مجال التكوين لكنه -في نظره- أوسع من إخراج دفعات في تخصصات مختلفة وفقط، بل هو مكان إشعاع ثقافي لذلك ضروري إعادة الاعتبار له من خلال الاستفادة من كل الكفاءات والمهارات الموجودة داخله وخارجه لخلق فريق عمل وجو من الإبداع ووسط نظيف يسمح لكل من له فكرة ممارسة الإبداع أو إفادة المعهد باقتراحات تساهم في النهوض به، وهذا سيسمح بعودة مكانته اللائقة والريادية. يُذكر أن محمد بوكراس حائز على ليسانس علم الاجتماع التربوي 1995 بجامعة قسنطينة حول موضوع “المراهقة والتأخر الدراسي”، خريج دفعة سنة 2000 بمعهد الفنون الدرامية لبرج الكيفان حول موضوع “واقع مسرح الطفل في الجزائر المسرح الوطني أنموذجا”، ماجستير في النقد المسرحي بجامعة وهران 2012 حول موضوع “مرجعيات بناء الشخصية في المسرح -امحمد بن قطاف” وحائز على شهادة الدكتوراه حول مرجعيات المسرح الفكاهي في الجزائر، من جامعة وهران. مستشار ثقافي بمديرية الثقافة لولاية المدية 2000 -2010، منسق العمل الثقافي بمديرية الثقافة لولاية المدية منذ 2012 إلى 2014، أستاذ مساعد بقسم الفنون بجامعة المدية منذ أكتوبر 2014 إلى يومنا هذا. منسّق عدة ملتقيات علمية وطنية ودولية، رئيس تحرير نشرية المهرجان الوطني للمسرح المحترف من 2006 إلى 2013، رئيس تحرير نشرية المهرجان الدولي للمسرح من 2009 إلى 2012، عضو مؤسس لعدة مهرجانات مسرحية وثقافية منذ 2005، عضو لجان التحكيم في عدة مهرجانات مسرحية وطنية. مدير المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري اعتبارًا من 31 مارس 2020.