الصور والفيديوهات القادمة من أمريكا، سيدة العالم، عن عمليات نهب وسرقة واسعة، وصور عنف مرعبة بين الشرطة والمتظاهرين، أو بين البيض والسود، تؤكد أن الفكرة التي كنا نحملها عن شعوب الغرب عموما، بأنهم شعوب متحضرة و”متربية” وليسوا “هوايش” مثلنا كما يقول البعض، قد سقطت إلى الأبد. ما نراه من همجية في وشوارع أمريكا اليوم، وحتى في شوارع فرنسا وغيرها من دول الغرب، الذي اشتعل بالعنصرية والعنف المفرط، يحيلنا بالضرورة الى صور الحراك الجزائري السلمي المبهر، الذي استمر أكثر من عام، من دون أن نشاهد فيها لقطة واحدة خارج حدود اللياقة، علاوة على الممارسات الحضارية الراقية التي رافقت ذلك، من تنظيف للشوارع عقب المسيرات المليونية، وصور محبة بين المتظاهرين وقوات الأمن، خاصة في بدايات الحراك الأولى، حيث كانت الورود والعناق والدموع ممزوجة في أبهى صورها. هذا يعني : أن فكرة التحضر والتقدم، التي حاول الغرب غرسها فينا له، كانت فكرة “هوليودية” تم تصنيعها في دور السينما والخيال، ولم تكن ابدا واقعية، وأن الحضارة و”التربية” كلها وجدت هنا في أراضينا العربية الاسلامية، ولولا أن هذا الغرب المتوحش هو من ينفخ في نيران الفتن، وأشعل الخصومات والحروب عندنا، ما كانت تنزل قطرة واحدة، ولذلك فرب ضارة نافعة، وقد وجب تصحيح الصور المفبركة في الأذهان مستقبلا.. وتغيير المسلمات حول مفهوم الحضارة والهمجية بشكل كامل.