من شأن لائحة الاتهامات التي أصدرتها محكمة مدعومة من الأممالمتحدة تحقق في اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري - والتي يقول مسؤولون لبنانيون إنها توجه الاتهام لأعضاء في جماعة حزب الله - توسيع هوة الشقاق السياسي في البلاد وزيادة حدة التوتر الطائفي.وسيشجع قرار الاتهام الذي طال انتظاره المعارضة التي يتزعمها سعد نجل رفيق الحريري الذي أطاح حزب الله وحلفاؤه في جانفي بحكومة الوحدة الوطنية التي كان يرأسها بعد اعتراضه على مطالب برفض التعاون مع المحكمة.ولكن محللين يقولون إنه من غير المرجح أن يتحول التوتر المتزايد إلى العنف أو يؤدي إلى تكرار للاشتباكات الطائفية في عام 2008 التي سقط خلالها 85 قتيلا على الأقل ووضعت البلاد على شفا حرب أهلية أخرى. وسيكثف تحالف 14 آذار المعارض الذي يتزعمه سعد الحريري ويضم شخصيات مسيحية ودرزية الضغوط على رئيس الوزراء السني نجيب ميقاتي لتسليم المتهمين. ويشكل حزب الله وحلفاؤه أغلبية في حكومة ميقاتي.ويقول المحلل السياسي اللبناني نبيل بومنصف إن المعارضة ستكون ضارية وستركز على ميقاتي أكثر من أي شخص آخر إذ يعتبرونه نقطة الضعف في الحكومة في مواجهة الشارع السني.وأضاف أن ميقاتي سيتعرض للضغوط فالصراع بين المعارضة والأغلبية سيتزايد وسيصعد تحالف 14 آذار من ضغوطه. وسيكون ميقاتي في قلب هذه المعمعة. وكان حزب الله المدعوم من سوريا وإيران على خلاف مع سعد الحريري المدعوم من الغرب والمملكة العربية السعودية.وكان لبنان وهو بلد صغير يسكنه أربعة ملايين نسمة ساحة قتال للقوى الإقليمية الأكبر. ولا تزال سوريا التي كان لها وجود عسكري في لبنان على مدى 29 عاما حتى عام 2005 أكبر لاعب خارجي مؤثر في السياسة الطائفية في لبنان.لكن معظم القوى الإقليمية والدولية التي لها تأثير على السياسة اللبنانية تواجه هي نفسها مشكلات ومن غير المرجح أن تكون راغبة في تحمل عبء إضافي بأن تتورط في أزمة أخرى في لبنان. ويخوض الرئيس السوري بشار الأسد وهو داعم قوي لحزب الله صراعا لاحتواء انتفاضة مستمرة منذ 14 أسبوعا ضد حكمه بينما كان يتعين على العاهل السعودي الملك عبد الله أن يتعامل مع الاضطرابات في اليمن والبحرين المجاورتين لبلاده.وقال مسؤول لبناني "إذا نظرت حولك لا تجد أحدا يريد أن يقاتل. المنطقة تغلي بالتوتر الطائفي. ومن ثم فإن السعودية لا تشجع الحريري على إشعال أي شيء. ذلك ليس في مصلحتها."وفي لبنان نفسه لا يبدي اللبنانيون العاديون اهتماما كبيرا بلائحة الاتهامات التي سلمت لبيروت يوم الخميس. فالحياة في بيروت كانت عادية أمس الجمعة في تناقض مع ما حدث عند تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة في يناير حينما خرج أنصار الحريري للشوارع احتجاجا. قال بومنصف إنه لا أحد في لبنان سواء في الحكومة أو المعارضة مهتم أو لديه القدرة على إثارة مشكلات في الشارع.وينفي حزب الله الاضطلاع بأي دور في اغتيال الحريري وقال إنه لن يسمح أبدا بتسليم أي من أعضائه ليحاكم امام المحكمة.ولم تكن هناك مفاجأة كبيرة في محتوى لائحة الاتهام التي لم تعلن رسميا. وقال السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله العام الماضي إن المحكمة ستستهدف جماعته وذكرت وسائل إعلام لبنانية وأجنبية اسمي اثنين يقول مسؤولون إنهما مدرجان على لائحة الاتهام. ولكن مسؤولين متحالفين مع حزب الله يقولون إن المحكمة ليست سوى أداة إسرائيلية وقالوا إنهم منزعجون من توقيت إصدار لائحة الاتهامات التي سلمت لحكومة ميقاتي التي جرى تشكيلها قبل أسبوعين بعد أشهر من المشاحنات والتي اجتمعت للاتفاق على البيان السياسي الذي ستقدمه للبرلمان.وتقدم الحكومات اللبنانية عادة بيانا سياسيا قبل اي اقتراع على الثقة في البرلمان. ومن المتوقع أن يجرى التصويت هذا الأسبوع.وقال أحد المسؤولين "من الواضح أن أعمال المحكمة تقوم على السياسة. فالهدف من لائحة الاتهامات وكل ما يتصل بها هو توصيل رسالة... إنهم يريدون تخريب عمل الحكومة ووضعها في موقف حرج." وشدد بيان الحكومة الذي صيغ بعناية على أهمية الحقيقة في الجريمة التي ارتكبت ضد رفيق الحريري وقال إنه سيراقب التقدم في مسار المحكمة.ودعا ميقاتي اللبنانيين إلى "التعقل والتبصر مليا... لتفويت الفرصة على الراغبين باستهداف هذا الوطن ودفعنا الى فتنة نعرف متى تبدأ لكننا حتما لن نعرف متى تنتهي."وأدى اغتيال الحريري في عام 2005 إلى سقوط لبنان في سلسلة من الأزمات والاغتيالات واقتتال داخلي استمرت لفترة قصيرة وحرب استمرت 34 يوما بين حزب الله وإسرائيل في عام 2006.والسؤال الرئيسي : هل سيسلم لبنان المتهمين للمحاكمة؟. وحزب الله وهو حزب سياسي كما أنه في الوقت جماعة مدججة بالسلاح متكتم بشدة بشأن جناحه العسكري مما يجعل مهمة قوات الأمن في العثور على المتهمين ناهيك عن القبض عليهم مهمة شبه مستحيلة.وقال أحد المتحالفين مع حزب الله "الجماعة لن تدخل في مواجهة."ولم يسمع كثير من الناس عن اسماء المتهمين ولا يعرفون بالدقة ما هي المواقع التي يحتلونها في الحزب رغم أنه يعتقد أن اثنين منهم من الشخصيات القيادية في الحزب. كذلك فإن القليل من الناس يعرفون إذا كانوا موجودين في لبنان. قال وزير الداخلية اللبناني مروان شربل إن لبنان سيتعاون مع المحكمة ولكنه لم يتوقع فرصا كبيرة في أن تصل قوات الأمن للمتهمين.وقال "يمكن ننفذ (لائحة الاتهامات بطرق نشوفها (نراها) مناسبة." ومضى يقول "في ناس مطلوبين أكثر في لبنان. نداهم مراكز عملهم ومراكز سكنهم ولا نلقيهم (لا نجدهم). لكن ننفذ واجباتنا."نروح ونداهم وإذا نلقيهم نجيبهم (نأتي بهم). وإذا لا نلقيهم نبلغ السلطات القضائية أننا لم نلقهم."وأمام السلطات اللبنانية 30 يوما لمحاولة تنفيذ الاعتقالات. وإذا لم يتم اعتقال المتهمين فإنه يمكن للمحكمة اجراء المحاكمات غيابيا. وقال تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري بعد اجتماع الجمعة إنه سيصوت ضد حكومة ميقاتي عندما يجتمع البرلمان الأسبوع القادم.وقال إنه يرى ان البيان السياسي للحكومة انقلاب على المحكمة ويجر لبنان إلى فخ تعميق الانقسام الداخلي وخوض مواجهة مع المجتمع الدولي.