دعا رئيس المجلس الشعبي الوطني عبد العزيز زياري، وفد منظمة حلف الشمال الاطلسي إلى ضرورة فتح المجال لنظرة تضامنية في العلاقات الإقتصادية والتجارية الدولية، وعدم الاكتفاء بما يتحقق في المجالين الزراعي أو الطاقوي، على اعتبار أن الاكتفاء بهذين الأخيرين أصبح في الظرف الراهن أمرا مستحيلا، خاصة في ظل الصعوبات والتحديات التي تواجهها الامم في ظل سياق سياسي واقتصادي وعلمي جديد، وهي الصعوبات التي وضعت حدا للأوهام التي طبعت الفكر السياسي في القرن المنقضي سواء فيما يتعلق بالأمن الغذائي أو الطاقوي، وأوضح الرجل الثالث في الدولة، في الكلمة التي ألقاها أمام المشاركين في اشغال الندوة الودية حول الدفاع وحقوق الإنسان المنعقدة منذ أمس بالمجلس الشعبي الوطني، وبمشاركة وفد رفيع المستوى من منظمة حلف الشمال الأطلسي "الناتو" بقيادة ابراهيم آدم، رئيس الجمعية البرلمانية لذات المنظمة، أنه أضحى من المستعجل أن نعالج قضايانا والدفاع عن مصالحنا الفردية والجماعية بصفة متوازنة وضمن استراتيجية طويلة المدى، فبالنسبة للجزائر، فإن الاستثمارات الممتدة على مدى عقود من الزمن تقدّر بمئات المليارات من الدولارات خصصت لتمويل الاستكشاف والإنتاج والتمييع، وشراء بواخر ناقلة للغاز الطبيعي ومد خطوط الأنابيب والتدريب في مجال التكنولوجيات المتقدمة، حيث تم تخصيص 65 مليار دولار للإستثمار في مجال المحروقات وكذا في مجال الطاقات الشمسية المتجددة وطاقة الرياح والطاقة النووية، وقد تمكنت من تحقيق إنجازات كبرى تتمثل في خطين للأنابيب عابرة للمتوسط، وخط ثالث ينطلق ابتداء من مارس القادم لنقل الغاز الجزائري إلى الميريا الإسبانية، وبخصوص الأمن الغذائي، فإن الجزائر تعد من أكبر الدول استيراد للحبوب و الحليب، وأرجع عبد العزيز زياري ذلك إلى عوامل هيكلية، قابلة للتحكم، إذ يتراوح الإنتاج من سنة إلى أخرى بين 15 و 60 مليون قنطار، وقد حققت الجزائر خلال الموسم الفلاحي الفارط نجاحات باهرة بانتاج 60 مليون قنطار من الحبوب، كما قفز انتاج الحليب من مليار لتر في عام 2000، إلى 2،5 مليار لتر وتوفر ما يقارب 60 بالمائة من الاستهلاك الوطني للفرد، وإنتاج سنوي من الخضروات بلغت 5 بالمائة، وفي موضوع آخر، قال زياري أن الجزائر هي بلد إقامة المهاجرين من أربعين بلدا من بلدان الجنوب وخاصة إفريقيا، ولتحقيق طموحات شعوبنا وإزالة العراقيل والصعوبات التي تواجهنا، يتحتم علينا أن نتصرف خارج منطق فرض شروط القوي على الضعيف ورفض اية وصاية مهما كانت يقول عبد العزيز زياري الذي تأسف لمنطق القوة الذي ما زال يسيطر على العلاقات بين الشمال والجنوب، فمن مسؤولياتنا تحسيس الرأي العام الدولي والحكومات والقوى السياسية والفاعلين الإقتصاديين سواء من البلدان المتقدمة أو النامية بأهمية ترابط المصالح وبضرورة ترقية التضامن والرؤية طويلة المدى، وفي هذا الإطار، فإن أزمة الطاقة والتغيرات المناخية والأمن الغذائي والضغوط الديمغرافية والهجرة، هي قضايا تتميز بحساسية بالغة تهدد أمن البشرية واستقرارها، وهو يخاطب وفد منظمة حلف الشمال الأطلسي الذي اعتبر مهمته في الجزائر تدخل في سياق تقييم الأمن الطاقوي للمجموعة التي ينتمي إليها قال أن الجزائر كبلد منتج ومصدر للغاز الطبيعي تهدف إلى ضمان حصتها في الاسواق الدولية وتأمين مواردها، لكن ومن خلال تجرتنا تتأسف للمواقف والسياسات الطاقوية المتخدة من طرف بعض الدول دون التشاور مع البلدان المنتجة، وهو ما يعتبر بالهيمنة، ولذلك فإن الطابع الاستراتيجي للطاقة يقتضي شراكة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار مصالح كل الشركاء مع مراعاة الاستثمارات الضخمة التي سخرت لضمان تمويل الدول المستهلكة على المدى الطويل، هذا الوضع يدعونا إلى التعامل مع ظاهرة الهجرة بكل وضوح وبكل مسؤولية، لذلك فإنكم أي وفد الناتو، مدعوون إلى ردع وإدانة الاستغلال الجائر والتوظيف السياسي لهذه القضية تحت مبرر تأثيرها على سوق العمل، وقد اعتبر البعد الإنساني ينبغي أن يصبح أداة للحوار وعاملا من عوامل التقارب، وأضاف رئيس المجلس الشعبي الوطني، أن الموارد المعتبرة التي تتوفر عليها الجزائر تتطلب تعزيزها لمواجهة التحديات، مشيرا إلى أن الاستثمارات التي خصصتها الدولة للهياكل القاعدية لم يسبق لها مثيل، وذلك بغرض تحديث البنى التحتية، حيث تم رصد أكثر من 300 مليار دولار لبناء الطرقات السريعة وتجهيز السكك الحديدية وشبكات المياه ومراكز البحث العلمي والمستشفيات، واعتبر هذه الجهود التنموية تشكل استمرار لما حققته الجزائر منذ الاستقلال.