طرح وفد الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي »الناتو«، العديد من التساؤلات على النواب الجزائريين من أجل الحصول على قدر كبير من المعلومات بما يمكّنه من تقديم اقتراحاته في هذا الاتجاه، وتركزت هذه التساؤلات في مجال ترقية الموارد البشرية وكذا حقوق الإنسان والديمقراطية، كما أبدى استعداد برلمان »الناتو« في تبادل المعلومات والخبرات في كل الاختصاصات مع البرلمان الجزائري. شرع أمس وفد عن الجمعية البرلمانية لمنظمة حلف شمال الأطلسي في أول زيارة من نوعها إلى الجزائر تدوم ثلاثة أيام، وهو يتكوّن أساسا من أعضاء باللجنة الفرعية للتعاون والتقارب الاقتصادي شرق-غرب والفوج الخاص بالبحر الأبيض المتوسط، وقد كانت البداية بعقد لقاء برلماني بالمجلس الشعبي الوطني شكّل فرصة مواتية لتبادل المعلومات وطرح الكثير من الأسئلة المتعلقة بالتعاون المشترك. وردّا على هذه الاستفسارات أشار رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى أن الجزائر حققت قفزة نوعية في مجال تنمية الموارد البشرية ملتزما بمنح وفد الناتو كل التفاصيل عن مختلف التقارير التي أعدّها ال »كناس«، بالإضافة إلى تأكيده أيضا بأن بلادنا حقّقت مكاسب كبيرة في مجال ترقية حقوق الإنسان وتعزيز دور المرأة في الحياة السياسية، معلنا عن إنشاء معهد لتنمية الموارد البشرية، مشيرا إلى الاهتمام المتواصل للدولة بفئة الشباب خاصة بوصول عدد طلبة الجامعات إلى 1 مليون و400 ألف طالب. وبالمناسبة أكد عبد العزيز زياري رئيس المجلس الشعبي الوطني في كلمة ألقاها أن زيارة وفد »الناتو« تمثل دولا تربطها ببلادنا علاقات سياسية واقتصادية ذات بعد ثقافي وإنساني مميز، حيث اعتبر زيارتهم »فرصة لإجراء محادثات تشمل مواضيع متنوعة مما يفتح المجال لتبادل الآراء مع شخصيات من قطاعات متعددة وأيضا فرصة للتحدث عن قدرات بلادنا ومواردها المادية والبشرية وكذا الصعوبات والعراقيل والنقائص والتحديات التي تواجهها لتحقيق الازدهار والتنمية لشعبنا«. وفي هذا السياق قال زياري إنه »أصبح بإمكان المنتخبين نسج الروابط الثقافية وترقية التفاهم وتكريس الصداقة بين الشعوب والمجتمعات«، مضيفا أن العلاقات الدولية الراهنة يجب أن تكون مبنية على حوار وتوازن يضمن مصالح الكل، مشيرا إلى أن الصعوبات والتحديات التي تواجهها الدول في ظل سياق اقتصادي وسياسي وعلمي جديد وضعت حدا لما أسماه »لأوهام التي طبعت الفكر السياسي في القرن الماضي سواء فيما يتعلق بالأمن الغذائي أو الطاقوي«، مثلما أوضح أن الاكتفاء الذاتي في مجال الزراعة أو في مجال الطاقة أصبح مستحيلا »وهو ما يقتضي فتح المجال لنظرة تضامنية في العلاقات الاقتصادية والتجارية الدولية«. وتابع رئيس الغرفة السفلى للبرلمان »إن التحديات التي تواجه العالم منها أزمة الطاقة والتغيرات المناخية والأمن الغذائي والضغوط الديمغرافية والهجرة هي قضايا تتميز بحساسية بالغة تهدد أمن البشرية واستقرارها«، كما أوضح بأنها قضايا لا تعالج بحلول جزئية، لافتا إلى أن الجزائر »تقوم دائما بتشجيع الحوار المسؤول والدائم بين الدول المصدرة والمستهلكة للطاقة«. وبعد أن سجّل زياري بأن مهمة برلمانيي الحلف الأطلسي تدخل في إطار تقييم الأمن الطاقوي للمجموعة التي ينتمون إليها، أوضح أن الجزائر كبلد منتج ومصدر للغاز الطبيعي تهدف بدورها إلى ضمان حصتها في الأسواق الدولية وتأمين مواردها، منتقدا »المواقف والسياسات الطاقوية المتخذة من طرف بعض الدول دون التشاور المسبق مع البلدان المنتجة«، قبل أن يؤكد »الطابع الإستراتيجي للطاقة يقتضي شراكة متوازنة تأخذ بعين الاعتبار مصالح كل الشركاء مع مراعاة الاستثمارات الضخمة التي سخرت لضمان تمويل الدول المستهلكة على المدى الطويل«. إلى ذلك سجل المتحدث أن الجزائر »مرتبطة استراتيجيا بالسوق الدولية الأوروبية«، مضيفا »إننا تغلبنا على كل الصعوبات التي واجهناها في جو من اللامبالاة ميز مواقف شركائنا، وإن هذه المصاعب لا زالت تؤثر على نظرتنا للعالم الغربي وخاصة بلدان الجوار«، مؤكدا بخصوص الأمن الغذائي أن الزراعة أصبحت في الجزائر في العشرية الأخيرة »الأكثر ديناميكية في الاقتصاد« وتهدف إلى تحقيق التنمية المستديمة«.