فرغم ان ما يعرف بأحزاب التحالف الرئاسي المؤيد لبوتفليقة منذ العام 2004 ، الممثلة في جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم، تظهر التفافا على برنامج الرئيس بوتفليقة، الا ان حسابات المرحلة القادمة، وافرازات رياح التغيير التي تجتاح العالم العربي وشمال افريقيا على وجه التحديد، جعلتها أول من " يتمرد " على أفكار رجل الإجماع، حيث تحولت الأغلبية التي يمتلكها " التحالف " في غرفتي البرلمان الى جدار يحمي قلاعه بدل تمرير مشروع الإصلاح الذي أطلقه بوتفليقة. فمشاريع قوانين الأحزاب السياسية والجمعيات والانتخابات والإعلام، التي كان يعول عليها لتحقيق التغيير الناعم في الجزائر، لم تنته الا لتحيين قوانين قديمة، ولغلق الأبواب امام " بقايا " الحزب المحظور في تسعينيات القرن الماضي، بدعوى المأساة الوطنية والحفاظ على أمن واستقرار البلاد، مما أضفى حالة من " الشبهات " حول نوايا الحكومة المسنودة الى اغلبية مريحة في البرلمان لاخراج مشروع الإصلاح الى بر الأمان. ويظهر أن الحسابات الضيقة لأطراف التحالف المذكور، قد وصلت الى مربع اللارجوع وبالتالي فان الطلاق سيكون تحصيل حاصل لمعارك الضرب تحت الحزام التي سادت جلسات البرلمان مؤخرا، فمن جهة يحاول التجمع الوطني الديمقراطي الذي يتزعمه الوزير الأول احمد اويحي، وجبهة التحرير الوطني التي يتزعمها عبد العزيز بلخادم، اخراج الإصلاحات كل على مقاسه وحساباته، بينما سار الطرف الثالث وهو حركة مجتمع السلم الاخوانية التي يتزعمها ابو جرة سلطاني، خطوات معتبرة نحو الانفصال، حيث صرح سلطاني من الدوحة التي تحولت الى " قبلة " التغيير العربي، ان " أسباب وظروف التحالف بين التشكيلات السياسية الثلاثة انتهت، والمرحلة المقبلة هي مرحلة تنافس "، وهو ربما استعداد لتلقف سيناريو اجتياح الاسلام السياسي لدول التغيير العربي. واستنادا لهذه التطورات التي " خذلت " اصلاحات بوتفليقة، أسرت مصادر مطلعة ان الرئيس سيستغل فترة ما بين دورتي البرلمان لإصدار جملة من المراسيم الرئاسية تجسيدا للأفكار الإصلاحية التي أطلقها في افريل/ نيسان الماضي، وهي الصلاحية التي يكفلها له الدستور القائم، والمرشح بدوره للتعديل استجابة لدعوات التغيير المنشود، الذي يبقى رهينة الأجنحة المتصارعة في السلطة، وهو ما تجلى بوضوح في مواقف الديبلوماسية الجزائرية في الأزمات العربية التي حاولت في بداية الأمر الحياد مع الانحياز للأنظمة القائمة على غرار ما وقع في ليبيا واليمن، لكن في الآونة الاخيرة استدراك التطورات بفتح صفحات جديدة مع المجلس الوطني الانتقالي الليبي، والتضييق على نشاط عائلة القذافي اللاجئة في الجزائر، ودعم زعيم حركة النهضة التونسية، حيث خصت زعيمها راشد الغنوشي باستقبال رسمي رغم ان الرجل ليس الا زعيم الحزب الحاكم الجديد في تونس. وتذكر مصادر مطلعة في الجزائر أن النظام الفاعل في الجزائر ينوي فك عقدة الإسلاميين والجيش، بالبحث عن تيار اسلامي معتدل تسلم له السلطة مع ضمان انتقال " ناعم " للسلطة تحترم فيه الأدوار ودوائر النفوذ، وهو ما يبرر تقرب السلطات الجزائرية من نظيرتها الليبية الجديدة التي يهيمن عليها الاسلاميون، ومن حركة النهضة التونسية التي تعمل على انتاج نموذج سياسي جديد في المنطقة يكرس الأبعاد الحضارية والدينية والفكرية للمنطقة، ويحترم توجهات وقناعات الأفراد والأقليات، تفاديا لأسباب ونتائج تجارب الاسلاميين المتطرفين الذين عزلوا بلدانهم وانعزلوا هم بداخلها.