ترفع حركة النهضة مطلب تشكيل حكومة وحدة وطنية غير متحزبة تحل محل الحكومة الحالية المتهمة بالفشل، كما تطالب بحل البرلمان، وهذا بديل آخر يطرحه جزء من المعارضة لإصلاح النظام السياسي. الأمينة لحزب العمال لويزة حنون هي الأخرى تطالب بحل البرلمان منذ وقت غير قصير، وهي تعتبر أن هذا البرلمان لا يمثل الشعب وأنه لا بد من تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة، غير أن هذا المطلب ارتبط بفقدان حزب العمال لمجموعة من المقاعد في المجلس الشعبي الوطني بعد انشقاق نواب عن الحزب، في حين أن مطلب حركة النهضة يبدو على علاقة بالتحركات السياسية التي بدأت خلال الشهرين الأخيرين، حيث بدأ الفاعلون في طرح مبادراتهم وأفكارهم بعد أن لمسوا استعدادا من جانب السلطة لتكييف النظام السياسي مع متطلبات المرحلة الجديدة. حركة النهضة وبعض الأحزاب في المعارضة تركز انتقاداتها على أحزاب التحالف الرئاسي وتقول إن الجزائر انتقلت من نظام الحزب الواحد إلى «ديكتاتورية تحالف حزبي»، غير أن أغلبية المعارضة لا تنظر إلى أحزاب التحالف الرئاسي على أنها صاحبة قرار فعلي أو أنها تمارس أي احتكار للسلطة بل هي مجرد غطاء سياسي استفاد منه الرئيس بوتفليقة، وحتى قادة أحزاب التحالف الرئاسي يقولون صراحة إن التحالف لا يعني انصهار الأحزاب الثلاثة بل هو مجرد توافق على دعم برنامج الرئيس بوتفليقة والعمل على تطبيقه، وقد أثبتت الصراعات التي تنشب بين أحزاب التحالف هذه الحقيقة في أكثر من مناسبة ولعل آخرها التصريحات التي أطلقها رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني أول أمس والتي دعا فيها إلى حل هذا التحالف الرئاسي، فضلا عن التحالفات التي جرت بين أحزاب من التحالف مع أحزاب من خارجه على حساب أعضاء آخرين من التحالف. الحكومة هي الأخرى، ورغم أن أغلبية أعضائها ينتمون إلى أحزاب التحالف الرئاسي، تبدو حكومة تكنوقراطية إلى أبعد الحدود، بل إن التعديل الذي أدخل على الدستور في سنة 2008 ألغى منصب رئيس الحكومة الذي عوضه منصب وزير أول، وهو ما ركز السلطة التنفيذية في مؤسسة الرئاسة، وهذا يعني أن الحديث عن حكومة سياسية أصبح بلا معنى، غير أن حل البرلمان قد يكون مطلبا أكثر إثارة إذا تم اعتماد الموقف الذي تتبناه حركة النهضة التي تبني مطلبها على مقولة تزوير الانتخابات، ويصر الأمين العام للحركة فاتح ربيعي على القول في كل مناسبة إن حزبه ظلم وأن أصواته سرقت منه. المشكلة التي قد تطرح على دعاة مطلب حل الحكومة والبرلمان هي حول رد فعل الشارع في حال الأخذ بهذا الخيار، فآخر انتخابات تشريعية في الجزائر شهدت أضعف نسب مشاركة في تاريخ الانتخابات في الجزائر، وهناك اعتراف من جميع الأحزاب سواء التي تشارك في الحكومة أو التي تقف في المعارضة على أنها لم تعد قادرة على تجنيد الشارع، ومن المؤكد أن لا شيء حدث خلال السنوات الثلاث الأخيرة يجعلنا نتوقع معجزة في أي انتخابات ستنظم قريبا. الجزائر لا تبدو الآن في حالة أزمة أو فراغ حتى تكون في حاجة إلى حكومة تصريف أعمال، وفكرة الإصلاح العميق التي تطالب بها بعض الأحزاب والشخصيات الوطنية من مختلف المواقع قد تكون قابلة للتجسيد من خلال طرح مبادرة مراجعة شاملة للدستور عن طريق حوار سياسي وطني يشارك فيه الجميع، وسيكون هذا مدخلا لإعادة انتخاب المجالس على كل المستويات وفقا للمعايير الجديدة، ولا شيء يستدعي الاستعجال في تجسيد هذا المشروع الذي يتطلب عملا متأنيا ودقيقا.