تعرف مادة زيت المائدة ندرة حادة في محلات وأسواق العاصمة، ما جعل المواطنين يدخلون في رحلة بحث يومية في المحلات التجارية أو الاستنجاد بمعارفهم أملا في الحصول على قارورة واحدة ذات سعة 2 أو 1 لتر في وقت اختفت قارورات ذات سعة 5 لتر عن الأنظار. وفي رحلة بحث يمكن القول إنها كانت "طويلة" قادتنا للعديد من المحلات التجارية المنتشرة في كل من قهوة شرقي ودرقانة وبرج البحري وعين طاية، وقفنا على الندرة الحادة لهذه المادة، وهو ما أكده لنا أصحاب المحلات والمراكز التجارية، إذ أكد صاحب محل تجاري صغير بقهوة شرقي ل "الجزائر الجديدة" انعدام كلي لهذه المادة ذات الاستهلاك الواسع في السوق منذ قرابة شهر لكن الندرة في البداية لم تكن حادة إذ بدأت في التفاقم بشكل يومي، وهذا رغم إلحاحهم الشديد على الموزعين، مشيرا إلى أن كل طلباتهم ضربت عرض الحائط وهي الوضعية التي قابلها جل المواطنين باستياء وغضب شديد، إذ كشفت إحدى السيدات إنها اضطرت لاستعارة كمية قليلة لسد حاجيات يومها من شقيقتها بسبب فشلها في العثور حتى على قارورة واحدة ذات سعة 1 لتر. ويحمل تجار التجزئة الذين التقيناهم تجار الجملة مسؤولية الوضع إذ أجمعوا على لجوء قطاع عريض منهم على تكديس كميات كبيرة من هذه المادة بهدف الرفع في أسعارها نظرا لكثرة الطلب عليها في السوق والمحلات مقابل تسجيل ندرة حادة فيها وهو نفس السيناريو الذي شهدنها في مارس 2021. وكشف بعض التجار إن حصولهم على كميات قليلة من الزيت يسبب لهم مشاكل بالجمة مع الزبائن ناهيك عن الشجارات التي تنشب بين المواطنين من حين لآخر، بعضهم يجبر على غلق المحل وترك المواطنين يتنازعون أمامه. وفي محاولة منها لاحتواء الأزمة، شنت المديريات الولائية لوزارة التجارة ممثلة في المدير الولائي والمصالح الأمنية حملات مداهمة لفرض رقابة صارمة على أسواق الجملة وحتى محلات التجزئة وتوقيف المضاربين الذين يتسببون في خلق الفوضى من خلال تخزين كميات كبيرة من هذه المادة وعدم عرضها للبيع. وهو ما وقع بولاية ميلة منذ يومين فقط، حيث تمكنت مصالح الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بميلة بالتنسيق مع أعوان المديرية المحلية للتجارة من حجز ما يزيد عن 1700 لتر من مادة زيت المائدة كانت مخزنة بغرض المضاربة. واستنادا لمصالح المجموعة الإقليمية لذات السلك النظامي، فإنه تم تجسيد هذه العملية إثر مراقبة محل تجاري بحي صناوة الوسطى بمدينة ميلة حيث عثر على 173 قارورة زيت بسعة 05 لتر و 444 قارورة أخرى بسعة 02 لتر كانت مخبأة بإحكام بغرض المضاربة، وتم على الفور حجز كميات الزيت المخزنة مع توقيف صاحب المحل وتحويله إلى مقر الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بميلة للتحقيق معه، ثم تقديمه أمام الجهات القضائية المختصة إقليميا فيما سيتم تسليم المحجوزات إلى مصالح مديرية التجارة بميلة. وأيضا وجه وزير التجارة كمال رزيق، أمس الأول، خلال ترأسه اجتماعا تنسيقيا مع مديري التجارة الجهويين والولائيين، تعليمات "صارمة" بضرورة التنسيق مع المنتجين لزيادة كميات الإنتاج وتغطية الطلب إلى جانب تكثيف الخرجات الميدانية مع مصالح الأمن لمراقبة المستودعات والمخازن لاسيما غير المصرحة. وأوضح رزيق أن التذبذب المسجل في بعض مناطق الوطن يرجع أساسا إلى المضاربة، لافتا إلى أن كميات الإنتاج كافية وتغطي حاجيات السوق الداخلي. وكشف الوزير ذاته منذ يومين بأن الدولة "خصصت 4 آلاف مليار سنتيم عام 2021 فقط (أكثر من 287 مليون دولار) لدعم هذه المادة في شكل تعويضات لمنتجيها"، مؤكدا أن السوق "تعرف وفرة في مختلف المواد رغم الضغوط التي تحدث بين الحين والآخر لأسباب غير موضوعية في أغلب الحالات، إلا أن مادّة زيت المائدة متوفرة بالنظر إلى حجم الإنتاج الذي يفوق حجم الطلب وسيرتفع ذلك مع دخول مصنع جيجل مرحلة الإنتاج قريبا وهو ما سيسمح بتصدير هذه المادّة". وطمأن رزّيق أنّ الحكومة اتخذت كافة الإجراءات تحسبا لشهر رمضان، من خلال "فتح أسواق جوارية في مختلف البلديات بأسعار تفاضلية، بالإضافة إلى تفعيل قانون مكافحة المضاربة".