رغم أن الديوان الوطني المهني للحبوب، قد أكد سابقًا أن الجزائر في مأمن من أزمة قمح بسبب الحرب الأوكرانية، غير أن خبراء في الاقتصاد أجمعوا على أن الجزائر تواجه تحديات كثيرة في حال استمرار القتال بين روسيا وأوكرانيا اللتان تعتبران من أكبر موردي القمح بالنسبة لعدة دول، فهما تغطيان نسبة 30 بالمائة من احتياجات السوق العالمية. ويكشفُ هؤلاء أن الديوان الوطني للحبوب مطالب باستباق حدوث أي أزمة في حال ما إذا استمرت الحرب بين روسيا وأوكرانيا من خلال إطلاق مناقصات وطنية جديدة أو مضاعفة الإنتاج المحلي وهو التحدي الصعب بالنظر إلى وضع الطقس بالجزائر الذي يمر بفترة استقرار فيما يخص انعدام التساقط. وبالرغم من أن الخبير في الشؤون الاقتصادية أحمد حيدوسي يستبعد حدوث أي أزمة حاليا في التموين بمادة القمح غير أنه حذر من تفاقم الصراع على امدادات القمح فالعديد من الدول بالأخص العربية كمصر والسودان ولبنان تواجه صعوبات في توفير هذه المادة ذات الاستهلاك الواسع، ويقول إن الحرب فاقمت الطلب عليها مقابل تراجع الطلب فأوكرانيا لوحدها كانت منتجا مهمًا للقمح لعدة قرون وتعرف عالميًا ب "سلة الخبز" في أوروبا، باعتبارها خامس أكبر مصدر للقمح في العالم، إذ بلغت صادراتها من هذه المادة 3.1 مليارات دولار في عام 2019، أما روسيا فتعتبر أكبر مصدر للقمح في العالم بحصة تقارب 18 في المائة من صادرات القمح العالمية. ويرى الخبير في الشؤون الاقتصادية إن تراجع الإنتاج الروسي والأوكراني سيؤثر على السوق العالمية وسيخلق حالة من الطوارئ، ويقول المتحدث إن الجزائر اليوم مطالبة بمضاعفة إنتاجها من هذه المادة رغم أن الأمر صعب للغاية بسبب وضع الطقس وشح الأمطار في الولايات المعنية بإنتاج الحبوب إضافة إلى عدم اعتمادها على التكلونوجيات الحديثة في حصاد القمح. ويوضح الخبير في الشؤون الاقتصادية قائلا إن الهكتار الواحد في الجزائر لا ينتج سوى 20 قنطار بينما الهكتار الواحد في الدول المصدر للقمح عالميا ينتج 70 قنطارًا بسبب اعتماد هذه الدول على السقي أو الري التكميلي الذي يعتبرُ من أبرز الطرق المستخدمة في رفع كفاءة مياه الأمطار والمصادر المائية الأخرى المتاحة. ويضيف المتحدث قائلا إن الجزائر تستورد سنويا 5 و 7 ملايين طن لتلبية احتياجاتها التي يغطيها الإنتاج الوطني بنسبة تترواح 34 بالمائة إلى 36 بالمائة. ومن جهة أخرى قال المتحدث إن ارتفاع أسعار القمح إلى أعلى مستوياتها منذ سنوات بسبب حرب روسيا وأوكرانيا سيكبد خزينة الدولة خسائر مالية كبيرة بالأخص وأن الدولة تتحمل الفارق بين سعر تسويق المنتجات الواسعة الاستهلاك وقيمتها الحقيقية. وبلغت أسعار القمح، الأسبوع الماضي أعلى مستوى لها، وهو الارتفاع الذي لم يحدث منذ 14 عامًا، وسط مخاوف من تداعيات استمرار الصراع المتصاعد بين روسيا وأوكرانيا على أسعار المواد الغذائية وسط موجة التضخم العالمية. وقفزت أسعار القمح بنسبة 37٪ فيما ارتفعت أسعار الذرة بنسبة 21٪ حتى الآن في عام 2022 بعد ارتفاعها بأكثر من 20٪ طوال عام 2021 بالكامل، وفقًا لمجلة فوربس الاقتصادية، حيث واصلت أسعار العقود الآجلة للقمح في شيكاغو ارتفاعها، إلى 11.34 دولار لكل شوال (بوشل) عند أعلى مستوى لها منذ عام 2008، حيث من المحتمل أن يؤدي القتال بين روسيا وأوكرانيا إلى تعطيل الإمدادات الغذائية العالمية.