بعد أشهر من حالة الركود السياسي التي طبعت العمل الحزبي، ارتفعت أصوات تطالب بضرورة إعادة الحياة السياسية إلى الواجهة بالتوازي مع حصول تطورات دولية لها تأثير على الوضع الداخلي للجزائر بطريقة أو بأخرى. هذه الدعوات جسدها رئيس حزب "حركة البناء الوطني"، عبد القادر بن قرينة، خلال مؤتمر لإطارات الحزب، الذي دعا إلى "توسيع التحالفات السياسية" في البلاد، عندما قال: "الجزائر الجديدة لا تُبنى إلا برؤية مشتركة، وبتنازلات من أجل الوطن، وتوسيع التنسيق والتفاهمات بين مكونات الطبقة السياسية المسؤولة والجادة والوطنية، والتكامل بين الطبقة السياسية وبين مؤسسات الدولة، والتلاحم الحقيقي بين الشعب وبين مؤسساته ودولته". وبرر بن قرينة دعوته بالظروف والمعطيات الداخلية والإقليمية التي تفرض ضرورة التوصل إلى هذه التفاهمات السياسية، محذرا: "إذا كانت الجزائر اليوم تتخلص من الإكراهات فإنها أمام تحدي صبر المواطنين وانتظارهم للتغيير مما يتطلب ترشيد العمل وتوسيع الرقابة وتقاسم الأعباء وإعادة ترتيب الأولويات التنموية وتحقيق التوازن في أرض الواقع". كما تحدث عن تحديات على المستوى الاقليمي جسدها "تصدع المنطقة الحيوية لأمننا القومي، وتهديد أمننا بالاتفاقات مع الكيان المغتصب، وانتشار السلاح في منطقة الساحل والصحراء، وتوقعات النتائج السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية"، وهو ما يحتم برأيه، تعزيز وحدة الصف الداخلي. دعوة "حركة البناء الوطني" إلى إقامة تحالفات سياسية موسعة كانت قد سبقتها دعوات أطلقتها قوى سياسية أخرى قبل نحو أسبوعين تصب بالاتجاه نفسه، على غرار تلك التي صدرت عن رئيس حزب حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، الذي عبر عن دعم الحركة لأية مبادرات للحوار والعمل مع القوى السياسية، وكذا "التفكير في إعادة بناء تجربة العمل المشترك". بدوره كان حزب جبهة العدالة والتنمية قد دعا إلى "تنسيق بين الأحزاب السياسية، لإعادة الاعتبار للفعل السياسي المنظم ومواجهة سلوكيات تمييع الساحة السياسية والحد من محاولات إبعاد دور الأحزاب والفاعلين السياسيين عن الساحة وتحييدها عن دورها". وفي السياق ذاته أيضا، كانت "جبهة القوى الاشتراكية" قد دعت إلى مد جسور التوافق بين مختلف مكونات الفعل السياسي تعزيزا لمتانة الداخل، وذلك بينما تحدثت عن ما وصفته "مأزق ومرحلة دقيقة من تاريخها تستدعي مشروعا وطنيا جامعا"، علما أن الأفافاس، لم يتوقف منذ سنوات عن الحديث عن التوافق الوطني.